السلام عليكم أيها الأحبة ورحمة الله وبركاته.
تحية مباركة طيبة نهديها لكم ونحن نلتقيكم على بركة الله في حلقة أخرى من هذا البرنامج.
نعرض فيها أسئلتنا العقائدية المصيرية على كتاب الله المجيد وأهل بيت النبوة عليهم السلام.
فهم الثقلان اللذان من تمسك بهما نجا من الضلالة واهتدى الى الصراط المستقيم حيث الفلاح والنجاح والصلاح والحياة الكريمة الطيبة.
-وسؤال هذا اللقاء أيها الأعزاء هو: ما الغاية التي من أجلها خلقنا.
وكنا قد عرضنا على الثقلين في الحلقة السابقة سؤالا هو: لماذا خلقنا؟
والإجابة التي حصلنا عليها هي أننا لم نخلق عبثا بل ثمة حكمة جليلة تكمن في خلقنا.
-ولمعرفتها ينبغي أن نعرف الإجابة عن السؤال المتقدم أي: ما الغاية التي من أجلها خلقنا؟
فما هي إجابة القرآن عن هذا السؤال المصيري؟ لنتلمس الإجابة معا أيها الاخوة والأخوات فتابعونا مشكورين.
نبدأ أحبتنا بالقرآن الكريم، فنجد العزيز الحكيم يجيب عن هذا السؤال في سورة الذاريات في الآيات السادسة والخمسين الى الثامنة والخمسين حيث يقول عز من قائل:
"وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ{٥٦} مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ{٥۷} إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ{٥۸}".
ونتدبر معا أيها الأحبة في قوله عزوجل في الآيتين الأولى والثانية من سورة الملك: "تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{۱} الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ{۲}".
ومن الحديث القدسي نقرأ لكم أيها الأعزاء ما رواه أئمة العترة المحمدية عن جدهم المصطفى – صلى الله عليه وآله – عن ربه الجليل تبارك وتعالى أنه قال:
"كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق ليعرفوني".
مستمعينا الأفاضل ونبحث عن سؤال هذه الحلقة في أحاديث الثقل الثاني، فنقرأ في كتاب علل الشرائع للشيخ الصدوق (رحمه الله) بسنده عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام قال:
- خرج الحسين بن علي عليهما السلام على أصحابه فقال: أيها الناس! إن الله جل ذكره ما خلق العباد إلا ليعرفوه، فإذا عرفوه عبدوه، فإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة سواه.
- فقال له رجل: يا بن رسول الله، بأبي أنت وأمي، فما معرفة الله؟
- قال (عليه السلام): معرفة أهل كل زمان إمامهم الذي يجب عليهم طاعته.
- وروي في كتاب علل الشرائع أيضا بسنده عن محمد بن عمارة قال: سألت الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام فقلت له: لم خلق الله الخلق؟ فقال – عليه السلام –:
- "إن الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقه عبثا ولم يتركهم سدى، بل خلقهم لإظهار قدرته، وليكلفهم طاعته فيستوجبوا بذلك رضوانه، وما خلقهم ليجلب منهم منفعة، ولا يدفع بهم مضرة، بل خلقهم لينفعهم ويوصلهم إلى نعيم الأبد.
وروى الشيخ الصدوق في كتابه علل الشرائع أيضا أن رجلا قال للإمام الصادق (عليه السلام): يا أبا عبد الله، إنا خلقنا للعجب.. خلقنا للفناء!
- فأجابه (عليه السلام): مه يا ابن أخ، خلقنا للبقاء، وكيف تفنى جنة لا تبيد ونار لا تخمد.
ولنتأمل معا أيها الأعزاء في الحديثين الشريفين التاليين قبل أن نلخص الجواب الذي يقدمه لنا القرآن وأهل البيت – عليهم السلام – عن سؤال هذه الحلقة.
الحديث الأول هو ما رواه الشيخ الصدوق في كتاب علل الشرائع عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله الصادق عليه السلام عن قوله عزوجل "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ".
- فأجاب عليه السلام: خلقهم ليأمرهم بالعبادة.
- قال ابو بصير: وسألته عن قول الله عزوجل "وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ{۱۱۸} إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ{۱۱۹}".
- فقال (عليه السلام): خلقهم ليفعلون ما يستوجبون به رحمته فيرحمهم.
أما الحديث الثاني فقد رواه الثعلبي في تفسيره بإسناده عن الإمام الصادق عليه السلام أنه سئل عن قوله تعالى "أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا" وقيل له: لم خلق الله الخلق؟
- فأجاب (عليه السلام): لأن الله كان محسنا بما لم يزل فيما لم يزل الى ما لم يزل، فأراد الله أن يفيض إحسانه الى الخلق وكان غنيا عنهم لم يخلقهم لجر منفعة ولدفع مضرة ولكن خلقهم وأحسن إليهم وأرسل إليهم الرسل حتى يفصلوا بين الحق والباطل، فمن أحسن كافأه الجنة ومن عصى كافاه النار.
مستمعينا الأفاضل، وها نحن نصل إلى الفقرة الختامية في هذا اللقاء وفيها نلخص الإجابة التي نحصل عليها من النصوص المتقدمة عن سؤالنا المصيري وهو: ما هي الغاية من خلقنا؟
القرآن والعترة يجيبان بأن الغاية التي خلقنا لأجلها هي الفوز بنعيم الأبد والرحمة الإلهية والإحسان الرباني القديم.
لأن الله عزوجل هو كنز العطاء والجود والرحمة والإنعام الذي لا نفاد له، فأحب أن يفيض بهذا العطاء فخلق الخلق لذلك.
فالغاية من خلق الإنسان هي الفوز بهذا النعيم الكريم. والطريق إليها هو معرفة كنزها، أي الله عزوجل. ثم عبادته تبارك وتعالى بعد معرفته، فبالعبادة نفوز بذلك النعيم الخالد. ومعرفة الله وعبادته تتحقق بمعرفة الإمام الحق لأنه خليفته في الأرض وبطاعته تتحقق طاعة الله وعبادته.
أيها الاخوة والأخوات سؤال الحلقة المقبلة من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) هو:
- كيف نعبد الله؟ وكيف بالتالي نحقق الغاية التي من أجلها خلقنا؟ تابعونا في الحلقة المقبلة لحصول الإجابة من كتاب الله وأهل بيت النبوة (عليهم السلام).
نجدد لكم خالص التحيات من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران. دمتم بكل خيرورحمة وبركات.. في أمان الله.