من مفاخر الصادقين وعظماء الطائفة والشخصيات العالمية بعلمها وعظمتها هو الشريف المرتضى، اشتهر بعلم الهدى، علم الهدى الثاني وهو السيد مرتضى الكشميري، علم الهدى السيد الشريف المرتضى وطبعاً هو شريف من الطرفين، الشريف المرتضى مواليد عام 355 يعني من علماء القرن الرابع الهجري، لما تدخل الى الكاظمية المقدسة وبجوار العتبة المقدسة ترى شارع الشريف الرضي، شارع الشريف المرتضى، مشهد الشريف الرضي وهكذا هؤلاء شخصيات لهم الله يعلم ما لهم من الفضل على الطائفة الامامية لولا هؤلاء لسحقنا وانتهينا في ذلك الوقت لكن هؤلاء بجهادهم، بجهودهم وبثباتهم، هذا الشريف المرتضى له اخ اسمه الشريف الرضي حتى ابو علاء المعري كان يقول:
ساوى الرضي المرتضى وتقاسما
خطط العلا بتناصف وتصافي
قدرين في الارداء بل في مطرين
في الاجداء بل قمرين بالاسداف
طيب هؤلاء الشريف الرضي، الشريف المرتضى تلاميد من؟ يعني هذه احب ان يلتفت لها المستمع والاخت المستمعة، هؤلاء الشريف الرضي والمرتضى تلاميد الشيخ المفيد محمد بن النعمان، الرضي والمرتضى قضيتهم معروفة، تولى تربيتهما من الصغر الشيخ المفيد ومعروف ان الشيخ المفيد في ليلة من الليالي رأى في المنام في ايام كان يدرس في جامع براثا في بغداد، استيقظ من المنام مدهوش رأى رؤية عجيبة، كأنه في الليل في منام رأى كأن الزهراء دخلت عليه سلام الله عليها في يدها اليمنى الحسن وفي اليد اليسرى الحسين وجاءت عنده، فلما استيقط تحير من هذه الرؤية وما هو تأويلها وما ان ارتفع النهار واذا امرأة دخلت عليه على نفس الهيئة ومعها اطفال اثنين احدهم في يدها اليمنى والثاني بيدها اليسرى سلمت عليه وهي محجبة وقالت انا فاطمة بنت المعز الفاطمي، معز الدين الفاطمي هؤلاء اولادي، طبعاً الشريف الرضي والمرتضى من اولاد الامام الكاظم صلوات الله وسلامه عليه والمعز لدين الله اب لأمهم وكان هو من علماء الكلام في نفس الوقت، المعز لدين الله اسمه الحسين بن احمد بن موسى ايضاً نسبه ينتهي الى امير المؤمنين اذن هم اشراف من الجدين، فلما دخلت هذه المراة تبين هذه فاطمة بنت المعز لدين الله الفاطمي وهؤلاء الرضي والمرتضى فقالت له جئت بهم لتتولى تربيتهما وتدريسهما فأستمرا لعقود يدرسان حتى ظهرا وكل واحد منهما مفخرة من مفاخر الطائفة، تروي المصادر تقول اكثر من الف نفر درسوا عند الشريف المرتضى وكل واحد منهم اذا علم الفاً وكل الالف وهكذا، من جملة من حضر ودرس عند الشريف المرتضى ابو العلاء المعري، زار بغداد وكان يبحث عن مكان ينتهل منه العلم فقالوا له اذهب الى جامع براثا وجاء عند الشريف المرتضى، بقي هناك سنين يدرس فلما رجع ابو علاء المعري وكانت ندوة حضرها قالوا له هل تقيم لنا الشريف المرتضى نسمع عنه الكثير فأبو العلاء له ذوق شعري عالي فأجاب بهذين البيتين:
يا سائلي عنه لما جئت تسألني
الا هو الرجل العاري عن العار
يعني رجل كله فضائل، حزمة من الفضائل.
يا سائلي عنه لما جئت تسألني
الا هو الرجل العاري عن العار
لو جئته لرأيت الناس في رجل
والدهر في ساعة والارض في دار
يعني هذا يجسد لك امه. طبعاً هو ايضاً عالم وزعيم يعني هو نقيب الطالبيين، كان يعرف بأمام علم الكلام اما شعره، دواوينه موجودة عشرين الف بيتاً واكثر نظمها وله مؤلفات كثيرة في مختلف الفنون والعلوم ونستطيع ان نقول ان باب الاجتهاد في الفقه احد رواده، احد السباقين الى دعوة باب الاجتهاد عند الامامية هو الشريف المرتضى وهو من اوائل من كتب في الفقه المقارن اما حافظته فسبحان الله يعني حافظة وليست حافظة فقط حافظة وفطنة يعني سريع البديهة وفطن تماماً. طيب كان ايضاً في نفس الوقت يتسم بالاريحية وبالنبل، ابن خلكان يقول الشريف المرتضى اشترى كتاباً من بياع كتب، الشريف المرتضى جاء عنده ورأى انه عرض كتاباً اسمه الجمهرة لأبن دريد فسأل سعره فقال مئة دينار فقال لا دينار الا ان ستين اشتراه بستين ديناراً وكان هذا الكتب نادر فأخذه الشريف المرتضى الى البيت واول ما فتحه وجد على الصفحة الاولى بخط يبدو هذا الكتاب كان لأحد الادباء المعروفين بأبي احمد او ابن احمد القالي، علي بن احمد القالي المهم لما فتح الغلاف رأي على الصفحة الاولى مكتوب:
انست بها عشرين عاماً وبعتها
لقد طال وجدي بعدها وحنيني
وما كان ظني اني سأبيعها ولو
خلدتني في السجون ديوني
ولكن لضعف وافتقار وصبية عليهم تستهل جفون يعني هذا الكتاب عزيز علي وما كان فكري ان ابيع هذا الكتاب حتى لو سجنت يعني مديون كان ولكن الفقر، ولكن لضعف وافتقار وصبية، انظر الى اريحية الشريف المرتضى ما ان قرأ هذه الابيات تأثر كثيراً فجاء الى المكتبة وقال له اين صاحب الكتاب؟ هل تدلني عليه؟ فقال الرجل: هذا عنوانه فراح الشريف المرتضى واعاد الكتاب اليه ولم يأخذ منه الثمن وقال له هذه الابيات التي قرأتها هزتني خذ كتابك ولاتبيعه وانا لااريد منك شيئاً، هذا طبعاً ان دل فأنما يدل على نبله وعلى اريحيته. ومن اجود من قيم الشريف المرتضى هلال بن المحسن احد الشعراء يقول له:
أسيدنا الشريف علوت عزاً
تضاف اليك اوصاف الجلالة
لأنك اوحد والناس دون
ومن يسمو لمجدك ان يناله
من يستطيع ان يصل الى مجدك؟
وليس على موالاتي مزيد
لأني لم ارثنا عن كلالة
على كل انا اختم حديثي بثلاث ابيات نظمها في امير المؤمنين، شعره كله عن اهل البيت وغيره يقول الشريف المرتضى:
وهو الذي ما كان دين ظاهراً
في الناس لو لا رمحه وحسامه
ووقى الرسول على الفراش
بنفسه لما اراد حمامه اقوامه
ثانيه في كل الامور وحصنه
في النائبات وركنه ودعامه
على كل شعره كثير في اهل البيت، قلت عشرين الف بيتاً نظم، نظم بيتين كتبهما على كفنه:
لأن كان حظي عاقني عن سعادتي
فأن رجائي واثق بحليمي
وان كان من زاد التقية والتقى فقيراًً
فقد امسيت ضيف كريم
توفي السيد المرتضى عام 436 هجرية ودفن بجوار الامام موسى بن جعفر سلام الله عليه وفجع العالم بفقده، عظم الله اجره وزاده قدراً وعظمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******