البث المباشر

الشيخ اسد الله ابن الحاج محمود آل صفا العاملي الزبديني

الأحد 3 مارس 2019 - 10:54 بتوقيت طهران
الشيخ اسد الله ابن الحاج محمود آل صفا العاملي الزبديني

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 617

من صفوف الصادقين واجلاء الصادقين هو المرحوم العالم الجليل الشيخ اسد الله ابن الحاج محمود آل صفا العاملي الزبديني، طبعاً هو من مواليد جبل عامل منطقة زبدين قبل 135 عاماً يعني هو من مواليد عام 1294 هجرية، هذه جبل عام، منطقة جبل عامل في الواقع مدت العالم الاسلامي لفترة طويلة بجحافل من العلماء الكبار الذين نشروا فكر اهل البيت، ثقافة اهل البيت ومدوا العالم الاسلامي بالعطاءات المختلفة مثل الشهيد الاول صاحب اللمعة، مثل الشهيد الثاني صاحب الروضة، مثل المحقق الكركي، مثل الشيخ البهائي والد الشيخ البهائي، الشيخ منشار وامثال هؤلاء الذين جالوا وطافوا البلاد والكرة الارضية عرضاً وطولاً، سافروا الى الهند، ايران مناطق القفقاز وحتى مناطق آسيا الجنوبية وبالاضافة الى جهاد هذا الرجل الشيخ اسد الله العاملي، جهاده العلمي وتبليغه كان متألقاً في قائمة الادباء والشعراء وكثير من علماء جبل عامل كانوا الى جانب علمهم الغزير كانوا شعراء وادباء وهذا الشيخ اسد الله العاملي بداية برز عالماً وكاتباً ثم بعد ذلك اخذ ينظم الشعر في الائمة فقط يعني جزء من جهاده في نشر فكر اهل البيت كان عن طريق الادب، نحن اذا نأتي الى التراث الادبي لعلماء الامامية الاثنى عشرية نراه غنياً بالشعر وهذا المرحوم الشيخ اسد الله العاملي اشتهر ايضاً بذكاءه العجيب وسعة عطاءه ورغم طبعه انه كان يميل الى العزلة والهدوء لكن اصبح لفترة قاضياً شرعياً في منطقة الجنوب لكن كيف؟ لم يكن قاضياً بمعنى العمل كأمتهان للمكسب او للراتب لا، وانما وجد في ذك تكليفاً شرعياً، وجد في ذلك وظيفة دينية ان لم يكن هو قاضياً معناه لابد من قاضي فيشغل هذا المنصب من لا اهلية لهو لذلك وهنا تقع الواقعة وتحصل انتكاسة لذلك عملاً بالقاعدة التي تركها اهل البيت: "فقد جعلته قاضياً" انظروا الى رواة حديثنا او من يعرف حديثنا "فقد جعلته قاضياً" فهو الشيخ اسد الله العاملي كان لا يشك احد في عدالته وفي زهده وتقواه فالجماهير كلها نادت به واستغاثت به بأن يصبح قاضياً لهم ومقالاته وبحوثه كانت تنقل، كنا نقرأها وكان يقرأها اساتذتنا في مجلة العرفان اللبنانية الشهيرة كما حفظنا له العديد من القصائد كانت تنشر بشكل متقطع في مجلة العرفان، انا مثلاً منذ طفولتي حفظت له قصيدة من اروع القصائد طافحة بالحكمة ومدح الرسول واهل البيت (عليهم السلام)، رحمه الله كان يقول، طبعاً من هذه القصيدة، القصيدة طويلة حوالي واحداً وثلاثين بيتاً: 

أينظر الناس في عقبى امورهم

 

ولم يجيلوا بخلق الله اذهانا

 

باعوا بدنياهم دنيا به عقدت

 

عرى السعادة دنيانا واخرانا

 

اعمت الشهوات المهلكات عن

 

الباري فسامهم بغياً وكفرانا


الى ان بعد ذلك يتكلم عن النبي وينظم في النبي يقول: 

ذاك النبي الذي يدلي بحجته

 

سر العوالم احياناً فأحيانا

 

كم جاء بالحجة البيضاء

 

عارية لاتستطيع لها الايام كتمانا


بعد ذلك يعرج على الامام امير المؤمنين يقول: 

أكان يجهل عمرو او معاوية

 

وصي احمد اذ ساماه عدوانا


يعني هؤلاء لا يعرفون مكانة مولى الموالي، لا يعرفون قدر الامام علي عند الله وعند النبي (صلى الله عليه وآله) وعند الوجدان البشري، كيف، الى هذه الدرجة لا يعرفون؟ لا.

أكان يجهل عمرو او معاوية

 

وصي احمد اذ ساماه عدوانا

 

لكنها شهوات عند صاحبها

 

دون البهائم عد شيطانا


حينما الانسان يكون عبداً للشهوات، للمشتهيات الدنيوية نعوذ بالله، تموت في قلبه كل هذه القيم.
على كل هذا الشيخ اسد الله العاملي كان دؤوباً ايضاً على نشر علوم وفقه اهل البيت قالوا عنه كان لم يفتر عن ذكر الله وترديد اسم الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، كان رحمه الله يدون قصائده وخصوصاً المبتدئين بالمنبر كانوا يلجأون اليه فيعطيهم بعض المقاطع من النثر و من الشعر في الموعظة، في الحكمة وكان الشعر يضمنه احياناً فلسفة احياناً تهذيب واحياناً يدعو فكر الانسان الى براهين في الله سبحانه وتعالى وبديع صنعه، يقول رحمه الله:

يا باحثاً في الكون عن اسراره

 

وسر محياك مصون لا يرى

 

بنفسك ابدأ وانط عن سرها

 

ست ان كنت زعيماً بالحجا

 

زعمت للكون فناءاً سرمداً

 

فكيف تحظى بعد هذا بالهنا


وقرأت له ابياتاً على ما يبدو هي من آخر ما نظم في اواخر ايام حياته لأن كان يذمر من اخلاق ذلك الزمان، لا اعرف الان لو كان حياً ماذا كان ينظم، الحقيقة ارى العجب لما اقارن بين مئة عام وهو يستوحش من بعض العادات والاخلاق والسلوكيات فكيف لو يعيش بيننا الان هذا العالم الاغر؟ كان يقول: 

أكذا العيش ام الحر كذا

 

ام بغى الرحمن خلقي عجبا


يعني كان يقول لا ادري انا الشاذ ام المجتمع كله شاذ يعني كان يستغرب:

أكذا العيش ام الحر كذا

 

ام بغى الرحمن خلقي عجبا

 

لم اجد فيما مضى من عمري

 

مطعماً طاب وماءاً عذبا

 

قد رأيت الناس في عاداتهم

 

ألفوا السوء وعافوا الادبا


قم شيخنا وانظر الان، (رحمة الله عليه): 

لم اجد فيما مضى من عمري

 

مطعماً طاب وماءاً عذبا

 

قد رأيت الناس في عاداتهم

 

ألفوا السوء وعافوا الادبا

 

كل من كاشفته الفيته

 

يكره الصدق ويهوى الكذبا


لا اله الا الله

كل من كاشفته الفيته

 

يكره الصدق ويهوى الكذبا

 

لا ترى فيهم خليلاً صادقاً

 

بلغ السلم من الغدر الزبا

 

رب خل كان لي اقصى المنى

 

سامني الود سحاباً خلبا


لا اله الا الله، على كل كان معروفاً هذا العالم الجليل بأنه يختلي بنفسه في المقابر كانوا احياناً اهله، اولاده وزوجته يفتقدونه ليلاً ويخرجون في البحث عنه ويجدونه بين المقابر جالساً لوحده وهو كأنه في حالة حوار مع الوجدان، في حالة حوار مع نفسه لأنه كما قلت كان ذو طبع منفصل عن الحياة بكاملها وبالتالي نقول بأن هذا العالم الجليل ربى اكثر من اربعمئة من الطلبة الافاضل ومن المنبريين الناجحين في رسالتهم وعلى اي حال كما يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) مخاطباً الامام امير المؤمنين: "يا علي لأن يهد الله بك رجلاً" فكيف الامام علي هدى الوجود بكامله، هدى الانسانية بكاملها، المرحوم الشيخ اسد الله العاملي الزبديني يقول السيد محسن الامين العاملي اربعمئة طالب فاضل وخطيب رباهم تربية تبليغية صادقة سواءً على صعيد المنبر ام على صعيد طلب العلم ونشر العلم، اصيب هذا العالم الجليل في اخر ايام حياته بمرض عضال، اصيب رحمه الله بالفالج وبقي سنوات ملازماً للفراش صابراً على ما اصابه الى ان نادته السماء فلبى نداءها وتوفي في مدينة صيدا بلبنان عام 1353 هجرية. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة