البث المباشر

محمد بن محمد الهاشمي البغدادي المشهور بأبن الهبارية

السبت 2 مارس 2019 - 10:30 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 595

ومن الصادقين المحبين لأهل البيت بل هو شاعر اهل البيت وزائر الحسين (عليه السلام) محمد بن محمد الهاشمي البغدادي المشهور بأبن الهبارية، هذا ابن الهبارية كان شاعراً بليغاً ومؤلفاً ماهراً له عدة مؤلفات مثل كتاب نتائج الفطنة او مثلاً له ديوان اربع مجلدات وشعره كثير في آل الرسول لكن فقد ديوانه او نقول هكذا اتلف ديوانه بسبب الحملات المسعورة لأخفاء ما كتب ونظم في آل البيت صلوات الله وسلامه عليهم.
هذا ابن الهبارية محمد بن محمد الهاشمي كان مشهوراً بالفراسة وهناك حديث: "اتقوا فراسة المؤمن" هو رجل من اهل الحلة الفيحاء، ذلك اليوم تسمى بالسيفية طبعاً سميت بالسيفية او المزيدية لأن الذي بناها واغناها بالاشجار هو سيف الدولة بن حمدان اما هذا محمد بن محمد الهاشمي اشتهر بأبن الهبارية انتساباً الى هبار وهو جده لأمه. يوم من الايام حصلت له حادثة كاد ان يقتل فيها وهو انه اصطحب ابن ابي معزول فزارا الوزير جهير ولم يعلم ابن الهبارية انه هناك غضاضة بين ابن ابي معزول وهذا ابن جهير الوزير فلما دخلا وخرجا كان يتطاير الشر من وجه هذا الوزير دفع لهما رقعة فلما خرجا فأذا بالرقعة كتب الى مدير مكتبه او جلاده بقطع عنقيهما، ابن الهبارية التفت الى ابن ابي معزول وقال سبحان الله انا صحبتك بالصدفة وليس لي علاقة والان كتب لي الهلاك دون سبب وهناك قبض علينا الجلاد، يقول ابن الهبارية اودعنا في غرفة وقال اكتبوا وصاياكم فيأسنا فهنا يتضرع ابن الهبارية للبواب بأن انا لاعلاقة لي بكل شيء وانا غريب ولااعرف هذا اصلاً ولكن بعد ساعات تغير الامر واخلي سبيلنا يقول فأعطاني الجلاد خمسين ديناراً، على اي حال ابن ابي معزول يقول انا لا اعرف كيف تبدل الامر يعني نحن مقتولين لا محالة والامر صادر من هذا الحاكم فكيف تبدل الامر مئة وثمانين درجة؟ سألت ابن الهبارية دعوت الله بشيء والله كتب لنا النجاة وتغيرت نية الوزير بحيث سحب قراره بقتلنا وامر بأعطاءك خمسين ديناراً؟ 
قال: بلى توسلت الى الله سبحانه وتعالى بأبي عبد الله الحسين وتذكرت يوم زرته، هذا ابن الهبارية يعد من اوائل من نظم الشعر في الحسين (عليه السلام) حيث في تلك الظروف الخانقة ما كان يتجرأ احد ان يذهب لزيارة الحسين وينظم شعراً يرثي الحسين، في العهد الاموي والعباسي الا ما ندر فالشعراء الذين نظموا في ذلك التاريخ يعدون بعدد اصابع اليد الواحدة، من ينظم في ذلك اليوم بيتاً من الشعر او لا تشاع عنه اشاعة ولو افتراضية ولو كيدية هذا معناه هو واسرته في عداد المفقودين ففي ذلك الظرف كان ينظم وكان يزور الحسين في احنك الظروف.
في الروايات انه في اواخر القرن الخامس الهجري توجه ابن الهبارية زائراً قبر الحسين (عليه السلام) وكانت الفترة قاسية لاترحم فلما وصل الى كربلاء انكب على قبر ابي عبد الله الحسين باكياً وهو يقول:

أحسين والمبعوث جدك بالهدى

يعني يقسم هذه واو القسم.

أحسين والمبعوث جدك بالهدى

قسماً يكون الحق فيه مسائلي

لو كنت شاهد كربلاء لبذلت في

تنفيس كربك بذل جهد الباذل

نحن نشاهد على منابر الخطباء ياليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيماً، ما من شك ان قالها الانسان بأخلاص وقالها بنية صادقة بحيث لو كان يوم كربلاء كان لايبخل في نصرة الحسين (عليه السلام) فهذا يقسم: 

أحسين والمبعوث جدك بالهدى

قسماً يكون الحق فيه مسائلي

لو كنت شاهد كربلاء لبذلت في

تنفيس كربك بذل جهد الباذل

وسقيت حد السيف من اعداءكم

عللاً وحد السمهري البازل

لكنني اخرت عنك لشقوتي

فبلابلي بين الغري وبابل

ثم يقول: 

هبني حرمت النصر من اعداءكم

فأقبل بأحزاني ودمع سائل

يعني اذا كان اعداءكم منعوني وحرموني هذا النصر وهذه المشاعر لنصرتك على الاقل فأقبل احزاني ودمع سائل، ما من شك ان اظهار الجزع على الحسين، اظهار التأثر بما صب على الحسين، هذه الدموع المنهمرة على مصاب ابي عبد الله الحسين هذا هو جزء من نصرة الحسين، هذا من مصاديق نصرة ابي عبد الله الحسين ومن مصاديق التبرأ من اعداء الحسين وممن ظلم الحسين.
طبعاً هذه الابيات لها اضافات في بعض المصادر، الروايات هكذا تقول بعد قراءته ابن الهبارية هذا الرثاء الذي رثا به الحسين (عليه السلام) نام قليلاً فرآى كأنه في مكان طيب، مكان جميل ورسول الله (صلى الله عليه وآله) واقف عند رأسه وهو يقول: يا ابن الهبارية جزاك الله عني خيراً وابشر فأن الله قد كتبك مع من جاهد بين يدي الحسين (عليه السلام)، حقيقة هذا لايعني نستغرب منه وطبعاً الرؤيا وبعض المنامات صادقة لكن ما من شك اننا بنية صادقة لما نتفاعل مع مصائب الحسين (عليه السلام) هذا هو جزء من الوفاء للزهراء (سلام الله عليها)، جزء من الاجر للرسول لأن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لهم: «قُل لّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى» فهذا هو نوع من انواع الْمَوَدَّةَ لآل الرسول وادخل السرور على قلب مولاتنا فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) فلا نستغرب لما النبي يقف عند رأسه ويقول له جزاك الله عني خيراً وابشر فأن الله قد كتبك مع من جاهد بين يدي الحسين، هذا الانسان اي جريمة تقع في شرق الارض وهو في غرب الارض اذا رضي بها كتب مع المجرم واذا استنكرها كتب مع المظلوم هكذا خط لنا اهل البيت سلام الله عليهم منهاجاً. 
النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: "اذا وقعت الخطيئة في المشرق ورضي عنها من في المغرب حشر مع من ارتكبها واذا وقعت الحسنة في المغرب ورضي عنها من في المشرق كتب شريكاً في ثوابها" على اي حال هنيئاً لأبن الهبارية على هذه النية الصادقة.
ابن الهبارية توفي عام 490 هجرية ودفن في مشارف الحلة وخرب قبره مراراً بسبب غارات الوهابية البغيضة، تغمده الله بواسع رحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة