ويتوج تشارلز الثالث ملكاً للمملكة اليوم، بعد ثمانية أشهر على اعتلائه العرش، وبعد وفاة والدته إليزابيث الثانية عن عمر 96 عاماً.
وبالتوازي مع حفل التتويج، أعلنت الشرطة البريطانية أنها أوقفت، اليوم أعضاءً بارزين من حركة "جمهورية" المناهضة للملكية، أثناء استعدادهم للاحتجاج على تتويج الملك تشارلز الثالث.
واستعداداً لحفل التتويج، ينطلق موكب الزوجين الملكين عند الساعة العاشرة وعشرين دقيقة بالتوقيت المحلي في البلاد، على متن عربة مكيفة حديثة صممت خصيصاً لمراسم اليوبيل الماسي للملكة الراحلة إليزابيث الثانية، وتستمر مراسم التتويج مدة ساعتين.
وشهدت المملكة أجواءً احتفالية غير مسبوقة تزامناً مع هذا الحدث، إذ حجّ آلاف البريطانيين منذ صباح اليوم السبت إلى مواقع مسار موكب الملك، وكان الكثير منهم قضى ليلته داخل الخيام، في الحدائق المحاذية لقصر بكنغهام.
اللافت أنّ تشارلز يتوج ملكاً في مراسم احتفالية ذات طابع ديني راسخ في التقاليد الملكية المتجذّرة، رغم أنّ الملك يسعى لتحديثه. وتعيش بريطانيا على وقع ثلاثة أيام من الاحتفالات، يدشنها "موكب الملك" الذي سيتوجه إلى ويستمنستر من قصر باكنغهام.
ووفق ما أفاد مصدر في قصر بكنغهام، سيتخلل الاحتفال موسيقى كلاسيكية، ومؤلفات موسيقية أكثر حداثة، وفق ما يتطلع الملك تشارلز الثالث اليوم إلى المستقبل، مع التجذّر في التقاليد والعظمة التاريخية.
ورغم أن تشارلز الثالث أراد احتفالاً أبسط وأقصر من الاحتفال بتتويج الملكة إليزابيث الثانية، أمام جمهور من الضيوف يقتصر على ألفي شخص (قادة أجانب، ملوك، مسؤولون منتخبون، مجتمع مدني)، لكن بعض الخطوات تبقى غير قابلة للتغيير.
كيف تتم مراسم تتويج الملك تشارلز؟
وبمجرد حضور تشارلز الثالث إلى الكنيسة، سيتم تقديم الملك للجمهور الذي سيحييه، قبل أن يؤدي اليمين.
وشهد قسم التتويج، المكتوب منذ 1688، تغييرات على مرّ القرون. فعلى سبيل المثال، أقسمت الملكة إليزابيث الثانية على أن تحكم "وفقاً لقوانينها"، شعب المملكة المتحدة والدول الـ14 الأخرى التابعة للتاج، والدفاع عن الديانة الأنغليكانية، التي يرأسها الملك. لكن تشارلز الثالث قد يتميز بخطاب أكثر مسكونية تجاه كل الأديان.
لاحقاً، سيحصل الملك تشارلز الثالث الجالس على كرسي الملك إدوارد، على المسحة بالزيت من رئيس الأساقفة، ثم على الرداء الملكي، والكرة الذهبية التي يعلوها صليب، وصولجان وتاج القديس إدوارد، الذي سيوضع على رأسه. وسيقدم أعضاء العائلة الحاكمة تحية إجلال للملك.
بعدها، سيغادر الملك وزوجته كاميلا، التي ستُتوج أيضاً خلال الاحتفال، في عربة ضمن "موكب التتويج" باتجاه باكنغهام، يرافقهما هذه المرة موكب قوامه نحو أربعة آلاف جندي، يرتدون ملابس احتفالية. وستظهر العائلة الملكية أخيراً على شرفة القصر لتقديم التحية للحشد الجمهوري، ومشاهدة طائرات سلاح الجو الملكي التي تحلق في السماء.
وسيلعب بعض أعضاء العائلة الملكية دوراً خلال حفل التتويج، في حين أنّ البعض الآخر، مثل الأمير هاري، ابن تشارلز الذي يحضر الحفل من دون زوجته ميغان، أو عمه الأمير أندرو (الذي طالته فضيحة جنسية)، سيكونون موجودين كمتفرجين وحسب.
احتفالات لثلاثة أيام
وإلى جانب حفل اليوم، السادس من أيار/مايو، تستعد بريطانيا لثلاثة أيام من الاحتفالات بالتتويج.
فقد دُعي الشعب للمشاركة غداً الأحد في "غداء كبير" في إطار الحفلات التي تشهدها الأحياء، حيث ستكون "تورتة التتويج" على القائمة، والتي كشف القصر النقاب عن وصفتها في منتصف نيسان/أبريل الماضي.
وعند الليل، ستقام حفلة موسيقية في قلعة وندسور غرب لندن، سيحضرها 10 آلاف بريطاني تمّ اختيارهم بشكل عشوائي. وسيتصدر كل من النجوم كاتي بيري، وليونيل ريتشي، والتينور أندريا بوتشيلي، ملصقاً خاصاً بهذا الحفل الذي تميز بغياب النجوم البريطانيين.
وفي ختام الحفل، ستدعو العائلة المالكة البريطانيين للقيام بأعمال تطوعية يوم الإثنين في الثامن أيار/مايو، الذي سيكون يوم عطلة في المملكة.
اقرأ أيضاً: ما أبرز محطات حياة الملك تشارلز الثالث وكيف يُنظر إليه؟
تشارلز الثالث.. من هو؟
وُلد، تشارلز فيليب آرثر جورج، في قصر بكنغهام في 14 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1948، في العام الـ12 من حكم جده الملك جورج السادس، ومنذ ذلك اليوم، يجري إعداده ليصبح ملكاً.
وأصبح تشارلز ولياً للعهد في سنّ الرابعة بعدما تولت والدته العرش عام 1952، لكن تنشئة تشارلز كانت مختلفة عن تلك التي خضع لها في الماضي ملوك بريطانيا.
وعلى عكس أسلافه الذين تلقوا تعليمهم على أيدي مدرسين خاصين، ذهب تشارلز إلى مدرسة هيل هاوس في غربي لندن قبل أن يصبح طالباً في مدرسة تشيم في بيركشاير التي درس فيها والده الأمير فيليب.
ثم أُرسل إلى جوردونستون وهي مدرسة داخلية صارمة في إسكتلندا حيث درس فيليب أيضاً. ووصف تشارلز فترته هناك بأنها كانت كالجحيم، حيث عانى الوحدة والتنمر، واصفاً تلك الفترة بأنها كانت "حكماً بالسجن".
كذلك، خالف تشارلز التقاليد مرة أخرى عندما ذهب إلى كلية ترينيتي في كمبردج لدراسة علم الآثار والأنثروبولوجيا لكنه تحول لاحقاً إلى التاريخ.
وخلال دراسته، جرى تنصيبه رسمياً أميراً على ويلز، وهو اللقب الذي يحمله تقليدياً وريث العرش، في حفل كبير عام 1969، بعدما أمضى 9 أسابيع في إحدى جامعات ويلز، حيث قال إنه واجه احتجاجات شبه يومية من القوميين هناك.
وفي العام التالي، أصبح تشالز الثالث، أول ولي عهد بريطاني يحصل على شهادة جامعية.
وسيظل اسم تشارلز بالنسبة إلى كثيرين في بريطانيا وخارجها، مقترناً بزواجه المشؤوم من ديانا سبنسر وعلاقته بكاميلا باركر بولز، حب حياته.
وعندما تزوج هو وديانا عام 1981 في حفل تابعه على شاشات التلفزيون نحو 750 مليون شخص في العالم، بدت عروسه الخيار الأمثل. وقضت ديانا في حادث سيارة في باريس عام 1997، وبعدها لاقى انتقادات لاذعة في الصحافة ضده وضد كاميلا، وتراجعت شعبيته.