الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من اللامعين والصادقين في ولاءهم وتفانيهم في اهل البيت(ع) هو مفخرة زمانه المرحوم مهيار ابن مرزوية الديلمي البغدادي نزيل درب رباح منطقة بالكرخ، هو اديب فاضل وشاعر كبير من شعراء اهل البيت المجاهدين والمجاهرين بفضائلهم والفاضحين لسلوك اعدائهم ومبغضيهم ويقول عنه المرحوم الاميني اعلى الله مقامه في الغدير يقول انه رافع راية الادب العربي وانفس كنز من كنوز الفضيلة وهو في الرعيل الاول من ناشري لغة الضاد وموطدي اسسها وهو ممن يشكره الشعر والادب والفضيلة والحسب وتشكره العروبة والعرب واكبر دليل على ذلك ديوانه الضخم الفخم ذو الاجزاء الاربعة الطافح بأفانين الشعر والقصائد. مهيار الديلمي كان يحضر جامع المنصور في بغداد ايام الجمعة ويقرأ على الناس من ديوان شعره، يستمع الناس الى بعض مقاطع شعره وفي خطوة الى الوراء فان مهيار الديلمي اساساً كان فارسياً وكان مجوسي العقيدة غير انه كان يحظى بقابليات ادبية في المجال الفارسي والعربي فتردد على السيدين الشريفين الرضي والمرتضى وانتهل الكثير من علومهما ودخل في الاسلام عام 394 هـ عن فهم وخبرة وتعمق ولازم الشيخ المفيد اعلى الله مقامه ليتخرج بعد ذلك رائداً من رواد العلم والمعرفة وربما تكون شبه معجزة ان فارسياً بلغته وعنصره واذا به يقرض الشعر العربي فيفوق اقرانه من كبار الادب واساطين الشعراء وبلغ من الشهرة والمقام بحيث اغاظ اعداءه، اختلقوا له من القصص للحط من كرامته كأبن الجوزي مثلاً في المنتظم اختلق له قضية ورماه بالغلو وحاشاه عن ذلك ان يقولون الا كذبا لكن يعزى هذا لتشدد مهيار الديلمي في الدفاع عن اهل البيت وشرح مظالمهم وفضح ظالميهم وهذا النوع من الاتهامات وهذه القصص نجدها تلازم كل شخص من هذا النوع للتشويش عليه واحاطة ملفه بالغبار في هذا الاطار ان هذه التهم هي ثمن لتشدده في حب اهل البيت والمؤرخون يذكرون ان ابا القاسم بن برهان لما قرأ قصيدة مهيار والتي يقول فيها عن امير المؤمنين وما حل به بعد النبي(ص) عنده قصيدة منها يقول:
وتحال الاخمار والله يدري
كيف كانت يوم الغدير الحال
ابو القاسم بن برهان لما قرأ هذه الابيات تحامل على مهيار والتقاه وقال يا مهيار انتقلت بأسلامك من زاوية من النار الى زاوية اخرى، يعني لا طاقة لسماع كلمة الحق وتأثيرها، كيف لا تطيق هذه الضمائر المريضة الاقرار بها ما ممكن ان تطيق هذه الضمائر ان تقر بالحق لانها قائمة وتركيبتها قائمة على هذا، قال مهيار لهذا الرجل انا لا اسب الا من سبه الله ورسوله ويشير بهذا الى آيات عديدة واحاديث تنص علي ان محاربة اهل البيت وخصوصاً محاربة كبيرهم وهو امير المؤمنين هي محاربة لله وللرسول والنبي قال مراراً يا علي سلمك سلمي وحربك حربي من احبك ختم الله له بالامن والايمان ومن ابغضك فليس له نصيب من الاسلام او قوله(ص) من سب علياً فقد سبني ومن سبني فقد سب الله، مهيار الديلمي له ديوان يربو على اربع اجزاء ومن روائع شعره في مدح آل البيت وهي قصيدة تربو على الخمسين بيتاً ومنها قوله:
ارى الدين من بعد يوم الحسين
عليلاً له الموت بالمرصد
وجدت هذا البيت يختم به قصيدته فيقول مهيار رحمه الله:
ولا زال شعري من نائح ينقل فيكم الى منشدي
وما فاتني نصركم باللسان اذا فاتني نصركم باليد
يعد مهيار الديلمي في طليعة شعراء الغدير وله قصيدته الثائرة في الغدير وردت في ديوانه وذكرها المرحوم الاميني رحمه الله في موسوعته الغدير وفيها يقول:
تضاع بيعته يوم الغدير لهم
بعد الرضى وتحاط الروم والبيع
ثم يقول:
وأسألهم يوم خم بعدما عقدوا
له الولاية لم خانوا ولم خلعوا
ثم يخاطب الامام امير المؤمنين(ع) بقوله:
جاهدت فيك بقولي يوم تختصم الابطال
اذ فات سيفي يوم تمتصع
سولت نفسي غروراً ان ضمنت لها
انّي بذخر سوى حبك انتفع
يذكر ابن خلكان في كتابه الذي يضمن تراجم العديد من هؤلاء الشعراء يقول ابن خلكان مهيار بن مرزوية الديلمي كان جزل القول مقدماً على اهل وقته وله ديوان شعر في اربع مجلدات ولما حضر مهيار تشييع استاذه الشيخ المفيد اعلى الله مقامه ارتجل قصيدة في رثاءه منها قوله:
ابكيك للدنيا التي طلقتها
وقد اصطفتك شبابها وارامها
ورميت غاربها بفضلة معرض
زهداً وقد القت اليك زمامها
الشيخ المفيد رثاه العديد من الشعراء ولكن رثاء مهيار الديلمي كان له الخاصة توفي المرحوم مهيار الديلمي في الخامس من جمادي الثانية عام 428 هـ أسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******