البث المباشر

هاني بن عروة المرادي المذحجي

السبت 16 فبراير 2019 - 11:56 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 323

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من الصادقين في وفاءهم لاهل البيت(ع)هو البطل الشهيد الذي قتل صبراً وظلماً هو هاني بن عروة المرادي المذحجي، يقول الفرزدق:

فأن كنت لا تدرين ما الموت

فانظري الى هاني في السوق وابن عقيل

الى بطل قد هشم السيف وجههه

وآخر يهوى من ذمار قتيل

هاني بن عروة هو رئيس قبيلة بني مراد من مذبح ومذبح تنتهي الى ال مراد وكان اذا تحرك، تحرك بأربعين الفاً وهو صحابي مجاهد استشهد وله من العمر اربعة وثمانين عاماً في اواخر عام 60 ﻫ وقبره بجوار مزار مسلم بن عقيل(ع)في مسجد الكوفة، هاني بن عروة هو الذي اضاف مسلم بن عقيل وحوّل داره الى قلعة لال البيت ومركز لمبايعة مسلم بن عقيل لكن ابن زياد والذي دخل انذاك الكوفة جنّد احد عناصره وهو من المرتزقة لاختراق بيت هاني بن عروة واظهار انه من المتفاعلين مع مسلم بن عقيل وكان ينقل الاخبار اولاً بأول لابن زياد وكان قد استدرج مسلم بن عوسجة فتشفع به وبايع مسلماً وحلف واعطى العهود والمواثيق ليكتمن ولينصرن ولينصحن، بعد ايام مرض هاني بن عروة فجاءه الخبر ان ابن زياد يريد عيادته وكان هذا موضع شبهه لانه كيف علم بمرضه بهذه السرعة ولم تكن هناك علاقة بتلك الصورة بين ابن زياد وهاني الا ان ابن زياد غطى الامر بأنه من شخصيات الكوفة وانه رئيس قبيلة مراد فلابد من عيادته.
يقول عمارة السلولي اقترحت على هاني استغلال هذه الحالة والتخلص من ابن زياد في بدايات امره، قلت له انه عائدك فأقتله ونتخلص منه فلم يرجع الفكرة هاني وفعلاً جاء ابن زياد وعاد هانياً وخرج وبعد عشرة ايام مرض شريك بن الاعور وكان ضيفاً عند هاني وكان شريك تربطه صلة بأبن زياد ولكن هو شديد الولاء لاهل البيت فتكررت الحالة فأرسل ابن زياد اليه بأني عائدك هذه العشية، ومرة اخرى يعرض شريك الاعور على مسلم بن عقيل(ع)الاطاعة بأين زياد حينما يعوده ووعدة ان ابن زياد اذا انتهى امره فأني سأكفيك الامور واحتل قصر الامارة لكن مسلم بن عقيل(ع)تأمل في الامر ولم يرحب بالفكرة.
في الليل جاء ابن زياد وجلس عند رأس شريك في بيت هاني بن عروة وكان شريك غير مستقر في مرضه وكان يرغب في تصفية هذا الرجل وكان يشير بحاجبيه الى مسلم بن عقيل ولما لم ير تفاعلاً اخذ يردد:

ما الانتظار بسلمى لا تحييوها

كأس الندامة بعد الموت تسقوها

وكان يهمز لمسلم بن عقيل، ابن زياد تريب فأستعجل الخروج وعلم بواسطة جواسيسه او بالذات من معقل بكل ما دار فخرج بسرعة وبعد خروجه عاتب شريك مسلم بن عقيل على عدم الاستجابة لرغبته في قتل بن زياد، لكن مسلم بن عقيل(ع)اعتذر وقال: منعني عن ذلك امران اولاً كراهية هاني لقتله في منزله وثانياً ان النبي قال: "ان الاسلام قيد الفتك فلا يفتك مسلم بمسلم".
هذه الاخلاقيات العالية في التعادل مع العدو من ابرز مصاديقها الكاملة اهل البيت(ع)، فبعد يومين استدعى ابن زياد هاني بن عروة فلما حضر اليه احضر شريح القاضي ايضاً فقال: اتوك بخائن رجلاه تسعى! هنا عرف هاني بن عروة سبب احضاره وبدأ ابن زياد مخاطبة هاني قائلاً: يا هاني ما هذه الامور التي تربص في دارك، جئت بمسلم بن عقيل وجمعت له الاموال والسلاح وانزلته في بيتك، والله لا تفارقني حتى تأتيني به وتسلمه اليّ فردّ هاني بغضب قائلاً: أأتيك برجل استجارني وحلّ بضيافتي وهو رسول ابن بنت رسول الله والله لو كانت رجلي على رجل طفل لال رسول الله لما رفعتها حتى تقطع عن جسمي!
الكلمة هذه اغاضت ابن زياد وتفجر الماً، وهنا شبّ ابن زياد مستهزءاً قائلاً: اذن لا قتلنك! 
فقال هاني: والله لتكثر البارقة حولك، وكان هاني هنا يؤمل بعشيرته وقومه فقال ابن زياد: ادنوه اليّ واخذ السوط وجعل يضربه على وجهه حتى هشم وجهه وسالت الدماء على وجهه ثم امر بحبسه في زنزانة من زنزانات القصر والذي حدث بعد ذلك ان القصر طوق من قبل قبيلة هاني، لكن ابن زياد ارسل اليهم شريحاً وهدأهم وفرقهم بأنها مسألة عادية وسيفرج عن هاني وبقي هاني بن عروة في الحبس وفي يوم استشهاد مسلم بن عقيل قتل هاني وكان جلاوزة بن زياد يسحبون جثمانين في الشوارع من رجليها في الازقة وهما مسلم بن عقيل وهاني بن عروة، يسحبان بالحبال لكن قبيلة مذحج هبت واستولت على الجسد ووارته الثرى بجوار مسجد الكوفة.
قضية عدم استجابة هاني لقتل بن زياد في داره شكلت لغطاً عند البعض، مثلاً انا وعيت في النجف الاشرف على هذا الموضوع انه كان له خلفية وميراث والبعض كان لما يزور مسلم بن عقيل لا يزور هاني، استناداً الى هذه الفكرة انه لم يسمح بقتل بن زياد في بيته لكن الذي قطع دابر هذا التفكير العالم المشهور والمرجع الديني الشيخ محمد رضا ال ياسين وهو خال الشهيد الصدر، نظم قصيدة:

ان جئت كوفان يوماً وطفت تلك المغاني

زر مسلم بن عقيل وحيي مرقد هاني

تفز بما ترجيه من المنى والاماني

هذه الابيات كانت منقوشة على الكاشي عند مدخل حرمي مسلم وهاني بن عروة ولكن في السنين الاخيرة حينما زرت المشهد وجدت ان هذا البناء تغير وازيلت مع الاسف هذه الابيات.
نسأل الله لهذا الشهيد البطل المزيد من الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة