البث المباشر

شريك القاضي الكوفي

الخميس 14 فبراير 2019 - 21:18 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 312

شالحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين ومن عناوين الصادقين المشرقة المرحوم شريك القاضي الكوفي رحمة الله عليه.
هو من مواليد بخارى عام 95 ﻫ وعاش 82 عاماً وهو يمر بتعرجات ومطبات ومحن بسبب انتماءه لال البيت(ع)، في البداية نشأ في جو فقير وكان يبعث عن منابع المعرفة ويبذل كل غالي ورخيص في تحصيل العلم حتى اصبح من رجال الفقه واللغة والتفسير والادب ومختلف العلوم ولكنه بسبب الحرج وموجات العداء لآل البيت كان يتكتم على ما في نفسه ولشدة شهرته في العلم والتقوى تبناه المهدي العباسي قاضياً ثم وشي به اليه وجرت بينه وبين حاكم العباسي المهدي مناقشات عديدة كشفت عن شدة ولاءه وقوة بأسه، ذكر المؤرخون انه كان جالساً في ديوانه ايام توليه القضاء وعنده جمع وفيهم اموي فجرى الحديث عن امير المؤمنين(ع) فلما ذكر اسم الامام علي قال الاموي مداراة نعم الرجل علي بن ابي طالب فغضب شريك القاضي وقال له اتقول نعم الرجل علي فردّ الاموي قائلاً ايها القاضي انف عني غضبك الم يقل الله سبحانه وتعالى في داوود انه نعم العبد وقال الله ذلك في الانبياء فما يرضى القاضي ان نقوله في حق علي فردّ عليه شريك ان ذلك يحسن من الله عزوجل لامني ومنك، وذكر ابن عبد ربه في العقد الفريد ان المهدي العباسي رأى في منامه شريك القاضي وهو معرض بوجهه عنه فقص الرؤيا على الربيع رئيس تشريفاته فقال له الربيع: ان شريكاً مخالفف لك لانه فاطمي محض فارتعد المهدي واحضر شريكاً فلما ادخل عليه قال له المهدي: بلغني عنك انك فاطمي فردّ شريك بجرأة وبديهة اعيذك بالله يا امير ان تكون غير فاطمي الاّ ان تعني فاطمة بنت كسرى؟ قال المهدي لا ولكني اعني فاطمة بنت محمد، افتلعنها يا شريك فقال: معاذ الله فقال المهدي العباسي: وما تقول في من يلعنها قال شريك: اقول لعنة الله والملائكة فأشار المهدي الى الربيع وقال: ان هذا يلعنها فتنصل الربيع وقال: لا والله لن العنها، فقال شريك فما ذكرك لسيدة نساء العالمين من الاولين والآخرين وابنة سيد المرسلين ثم سأل المهدي شريكاً عن منامه ان رؤيا ليست برؤيا النبي يوسف ثم ان الدماء لا تستحل بالاحلام.
لشريك القاضي مواجهة ساخنة اخرى مع المهدي العباسي حينما احضره ذات يوم في مجلسه وكانت تصله معلومات وشاية كثيرة ضد شريك القاضي رغم تظاهره بعدم تشيعه، فأحضره ذات يوم وكان المهدي متوتراً لما حضر شريك وقال ما مثلك يستحق القضاء! 
قال شريك: ولم؟ 
قال: لخلافك الجماعة ولقولك بالامامة - هنا يتضح ثقل هذا الرجل ودوره المشهود بحيث توالت الوشايات ضده للحاكم العباسي وذلك ينجلي اللثام عن الاحتقان الذي كان يعانيه العباسيون من مسألة الامامة وكيف سعوا لاجتثاثها من اصولها - فردّ شريك قائلاً: ما اعرف اماماً يا امير الاّ كتاب الله وسنة نبيه فهما امامي وعليهما عقدي واما ما قلته بأني لا استحق القضاء فذلك امر انتم فعلتموه فأن كان خطأ وجب عليكم الاستغفار من الله والاعتذار من الرعية، هنا بادره المهدي العباسي قائلاً: يا شريك ما تقول في علي بن ابي طالب؟ فردّ شريك رداً جميلاً قال: انا لا ازيد على ما قاله فيه جداك وهما العباس وولده عبد الله - في الواقع احرج المهدي امام الحضار - فأما جدك العباس فقد مات وعنده ان علياً افضل الناس بعد رسول الله وقد شاهده كبار الصحابه والمهاجرين وهم يحتاجونه في الحوادث وهو لم يحتج الى احد منهم حتى رحل من الدنيا ولم يحتج الى واحد منهم، عشرات المرات قال عمر لو لا علي لهلك عمر، وقال لا ابقاني الله لمعضلة ليس لها ابوالحسن علي، هذه تذكرها مصادر العامة كلها، لكن لم نسمع ولم نقرأ مرة واحدة ان علياً قال لو لا عثمان لهلك علي، لو لا ابوبكر لهلك علي، حاجة الكل اليه واستغناءه عن الكل هذا الاعظم برهان على انه اعظم الكل، فيقول هذا بالنسبة الى جدك الاول واما جدك الثاني وهو عبد الله بن عباس فضارب عنه بسيفين وشهد حروبه وكان فيها رأساً متعباً وقائداً مطاعاً فلو كانت امامة علي بن ابي طالب جوراً كان اول من يقعد عنه جدك لعلمه بدين الله وفقهه في احكام الله، هناكم فم المهدي ولم ينطق بكلمة واحدة.
ذكرت المصادر له وقفة اخرى عند المهدي العباسي في مجلسه ان المهدي احضره ولما دخل شريك سلّم فلم يجبه المهدي فسلّم ثانياً بصوت عال "السلام عليكم" فقال المهدي: لا عليك السلام، فقال شريك: سبحان الله والله يقول "واذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها او ردوها" فأنفجر المهدي يعاتبه ثم ارتد على نفسه واخذ يعتذر اليه وهذا ما يدل على قوة شخصية شريك وتسلحه بالحجة والدليل.
ذكر صاحب مروج الذهب ان شريكاً كان في مجلس المهدي وكان احد الحضار واسمه مصعب بن عبد الله يتحدث عن معاوية ووصفه بالحلم فثار شريك القاضي وهو يقول: ليس بحليم من سفه الحق وقاتل علي بن ابي طالب فسكت الرجل، وبعد هذه الخواطر عند هذه الشخصية المهمة ونشاطاتها في اظهار الحق ينعكس لنا حجم هذا المناصر لاهل البيت رغم ان بعض الكتاب اثار الشكوك ولكن الذي يبدو ان منشأها اماّ تولية القضاء في عهد العباسيين او بسبب استعماله التقية من اجل نجاته وما عدا هذا فأن شخصية شريك القاضي جديرة بالدراسة والتأمل والتقدير.
توفي شريك القاضي في الكوفة عام 177 ﻫ ودفن بالمقبرة العامة هناك تغمده الله برحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة