البث المباشر

ابو الحسن علي بن حمزة الكسائي

الخميس 14 فبراير 2019 - 19:12 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 307

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين.
من معالم الصادقين واللامعين في كل خطواتهم العلمية والفكرية هو ابو الحسن علي بن حمزة الكسائي عالم النحو.
اننا لا نفتح كتاباً في علم النحو بأي زمن قد كتب وفي اي عصر الاّ ويرد فيه اسم الكسائي كما لا نطالع بحثاً لغوياً الاّ وامامنا يتردد اسم المرحوم الكسائي، لما نستعرض اسماء القراء السبعة في قراءة القراء نجد احد هؤلاء السبعة علي بن حمزه الكسائي، فمن هو الكسائي؟ هذا الثقل وهذا المشعل من هو؟
هو من اهل الكوفة وحينما نشطت الحركة الفكرية والعلمية في الكوفة - مسجد الكوفة - باعتباره يوماً ما في فترة من الفترات اصبحت الكوفة العاصمة العلمية والدينية والاقتصادية لاتباع اهل البيت وهي مدرسة اهل البيت انتقلت من المدينة الى الكوفة، الحسن الوشاء يقول: ادركت في مسجد الكوفة سبعمئة شيخ كلهم يقول حدثني جعفربن محمد الصادق فبهذه الوسعة وهذه المساحة ينتشر فكر الاسلام السليم والاصيل وهو فكر اهل البيت هذا يكشف لنا المجال الذي كان يستوعبه هذا المجتمع الفكري في مسجد الكوفة.
كان الكسائي رحمه الله احد رجال هذه المدرسة فواظب على التلمذ في مدرسة اهل البيت فقراء على ابا بن تغلب وهو من تلاميذ الامام الصادق النشطين، ابان بن تغلب شكل ذراعاً قوياً للامام الصادق(ع) وهو احد الرواة وقد اشاد بالكسائي وتشدده في محبة اهل البيت، صاحب كتاب اسرار الامامة كتاب ضخم مفيد ونافع واستدل من هذا الكتاب على مدى ضخامت وعظمة شخصية الكسائي اعلا الله مقامه.
علي بن حمزة الكسائي اشتهر بأنه الرائد الاول في مدرسة الكوفة بعلم النحو كما قلت هو احد القراء السبعة في الامصار الاسلامية وهو من اوائل من اسهموا في وضع قواعد اللغة العربية وارساء دعائم اللغة وهنا لا بأس ان اذكر ملاحظة غريبة وملفتة للنظر هي تأتي في حياة الكسائي ان هذا الرجل نشاء في بيئة عامية تماماً، بيئة عامة وقضى شبابه وسط عائلة بعيدة عن العلم والعلماء وامية بكاملها وتجاوز شبابه حتى الى ايام كهولته بحيث لو كان احد قد تنبأ له انك ستصبح بهذه المنزلة في علم القران وفي علم النحو لكان هذا التنباء موضوع سخرية واستهزاء لكن سبحان الله مغير الاجواء، مغير القلوب، مغير الليلي والايام وهنا ايضاً تبدو قيمة المجالسة والمصاحبة.

من صاحب العليا علم

من صاحب السفلى سفل

هذه مؤثرة في حياة الانسان، الكسائي كان يذهب كثيراً لمجالسة صديق له من العلماء مرة ذهب الى صديقه هذا وكان الكسائي متعباً بشدة فسأله العالم عن حاله فقال: لقد عييت، فأظهر العالم اشمئزازه وقال: أتجالسني وانت تلحق؟ 
فقال الكسائي: كيف لحنت؟ 
قال له: اسمع ان كنت تقصد الحيرة في الامور فقل عييت، وان كنت تقصد التعب والارهاق فقل اعييت، هنا احس الكسائي بنقصه، احس بأنه اهين واستنكف من هذا الوضع وقرر ان يغير مجرى حياته فراح يبحث عن يعلمه اللغة فأرشد الى معاذ بن مسلم فتلمذ عنده حتى نفذ ما عنده فذهب الى استاذ اقوى وواصل بحوثه ومتابعاته ودراساته حتى اصبح اعلى مرحلة واوفر علماً ممن كانوا يعيبون عليه بالامس في كلامه، ذهب الى البصرة وانضم الى حلقة الخليل بن احمد الفراهيدي رحمه الله فدهش الخليل بن احمد لما شاهده من براعة الكسائي في علم اللغة فسأله في حالة اعجاب ممن اخذت علمك هذا؟ فأجابه من بوادي نجد والحجاز وتهامة لانه كان يسافر الى البوادي ويستمع الى لغاات العرب، المفردات، يناقش اعلامها والمصطلحات والتعبيرات.
قال المؤرخون انه انفذ خمسة عشر قنينة من الحبر في كتابة علوم اللغة ولعل اشهر مناظرات خاضها الكسائي وانتصر فيها وتفوق هي المناظرة التي جرت بينه وبين سيبويه امام النحاة البصريين وفي محضر من العلماء المخضرمين وآخر الامر اصرّ المحكمون على تفوق الكسائي رحمه الله.
يقول الفراء وهو من العلماء النحو المشهورين مدحني رجل من النحويين ثم عاب عليّ ترددي على الكسائي فأعجبتني نفسي ولكن لما بقيت اتردد على الكسائي فهمت باني كطائر يغرف بمنقاره من البحر.
الكسائي شاعر ملهم ايضاً، الحديث عن الكسائي طويل واشير اليها هذه الملاحظة بسرعة، الكسائي وان كان قليل الشعر وقد قرأت له هذه المقطوعة يصف فيها النحو وتعلمه يقول:

انما النحو قياس يتبع

وبه في كل امر ينتفع

فاذا ما ابصر النحو الفتى

مر في المنطق مراً فأتسع

واذا ان يعرف النحو الفتى

هاب ان ينطق حسناً فأنقمع

فتراه يخفض الرفع وما كان

في نصب وفي خفض رفع

توفي المرحوم علي بن حمزة الكسائي رحمه الله بمدينة الري بطهران ودفن هناك عام189 ﻫ تاركاً اثاراً علمية واسعة وتاريخاً مخلداً بالعلم والمعرفة. أسأل الله ان يحشره مع اهل البيت وان يزيد في علو درجاته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة