الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن مفاخر الصادقين العاملين في طريق تراث اهل البيت ونشر معالمهم العالم الكبير والمحدث الشهير صاحب التأليفات القيمة شيخ الاسلام وزعيم الشيعة في عصره محمد بن الحسن الحر العاملي حينما نزور الامام الرضا في مشهد، يوجد بجواره قبر يقرأ الزوار عنده الفاتحة في الصحن القديم هذا القبر هو قبر المرحوم الحر العاملي اعلى الله مقامه كذلك انوه هنا انه لا توجد مكتبة لفقيه من فقهاء الشيعة وهي تخلو من كتاب عظيم ومهم اسمه وسائل الشيعة، موسوعة وسائل الشيعة بالاضافة الى تأليفاته الاخرى البالغة خمسة وخمسين مؤلفاً في مختلف العلوم الاسلامية والبحوث بما فيها ديوان شعره البالغ عشرين الف بيت من الشعر واكثره في الائمة المعصومين(ع) كما ذكر ذلك في كتابه امل الآمل، ديوانه رأيته ذات مرة مخطوطاً وموجوداً كان في مكتبة الامام الحكيم قدس سره في النجف الاشرف، ولد رحمه الله في جبل عامل عام 1033 هـ في شهر رجب وترعرع ونشأ هناك مكباً على طلب العلم وحينما بلغ من العمر اربعين عاماً وكان قد اصبح زعيماً علمياً بارزاً ومن اساطين الفقه والاصول اخذ يسافر واسفاره كثيرة وذات عطاء وفير واول سفرة له كانت الى زيارة العتبات المقدسة ومن هناك اتجه الى ايران ولما وصل مشهد الامام الرضا آنذاك اجتمع حوله طلاب العلم والعلماء للانتهال من علمه فوجدوا فيه ثروة كانت ضالتهم فأستمر في التدريس هناك في مشهد حتى تخرج علي يده المئات من كبار العلماء.
المرحوم الحر العاملي كان بطلاً جريئاً وخطيباً لسناً ثم جولاته واسفاره اعطته خبرة واسعة واعطته خلفية واسعة فأتسمت سفراته بالكثير وبمجموعة من الطرائف يذكرها من كتبوا عنه في مختلف المصادر المتعددة لعل المصادر التي ترجمته اكثر من عشرين مصدراً، اذكر مثلاً قسماً منها، قالوا عنه انه عندما ذهب الى اصفهان عاصمة الصفويين آنذاك دخل الشيخ الحر العاملي الى مجلس الشاه سليمان الصفوي ولم يستأذن طبق المراسم المرعية آنذاك واتجه الى ان جلس بجنب الشاه مباشرة واتكأ على مسند كان بينه وبين الشاه، شاه لم يعجبه هذا التصرف لانه هؤلاء مصابون بمرض الغرور والعجب، يلازمهم الطغاة، فأراد الشاه الصفوي ان يفرغ عن طبيعته الاستعلائية لاحتقار الغير فألتفت، هذا الموقف يعرفنا كيف ان علماء الشيعة جريئين ولايقيمون اي اعتبار الا للايمان والتقوى، ما قيمة هؤلاء جبابرة على الباطل فأمام الناس التفت اليه الشاه قائلاً ياشيخ ما الفرق بين الحر والحمار وهو اراد ان يستخف بالشيخ بأعتبار اسمه الحر وفي الفارسية يطلق على الحمار خر فالفرق نقطة فسأله ما الفرق بين الحر والخر واذا بالشيخ الحر العاملي اجابه على الفور وعلى البديهة مباشرة قال الفرق بين هذا وذاك هذا المسند الذي اتكأ عليه فخذل الشاه وتمزق غروره امام الناس وعلى كل هذا دواء المستكبرين التكبر على المتكبر عبادة، في تلك السفرة الى اصفهان التقى المرحوم المجلسي اعلى الله مقامه صاحب البحار واعجب به اعجاباً كبيراً، من الغرائب التي حدثت له كان هو من الموت قاب قوسين او ادنى لكن الله سبحانه وتعالى نجاه ليبقى ذخيرة للناس هو ما حدث له في الحج، سافر الى الحج عام 1087 هـ وتلك السنة حدثت فجيعة هناك لما هجم العثمانيون الاتراك على مجموعات من المؤمنين الشيعة وقتلوهم بدعوى ان هؤلاء روافض او يقومون بأعمال شرك وطبعاً هذه نغمة الاستعمار واعداء الاسلام والصليبيون بذلوا عليها والى اليوم يصرفون عليها اموال من اجل تمزيق المسلمين والهاء المسلمين بأنفسهم لان نلاحظ اسد عليّ وفي الحروب نعامة، امام اليهود، امام الاستكبار، امام اميركا اذلاء لكن على بعضهم ما اشجعهم وما اقواهم، فقتل مجموعة من المؤمنين الشيعة تحت هذه التهم الزائفة السفيهة وذبح حتى العلماء ونجا بأعجوبة المرحوم الشيخ الحر العاملي اذ اختفى في بيت من بيوت الاشراف واستطاع من هناك التسلل الى اليمن وفي اليمن قام بجولة ربما استطاع ان ينشر فيها فكر اهل البيت هناك وفي هذه الفترة التي كان فيها مختفياً تفرغ فيها لنظم الشعر وذكرت ان شعره يربو على العشرين الف بيت من الشعر ومن جميل ما قرأت له، في اهل البيت(ع) يقول:
لان طاب لي ذكر الحبائب
انني ارى ذكر اهل البيت احلى واطيبا
فهن سلبن الحلم والعلم في الصبا
وهم وهبونا الحلم والعلم في الصبا
هواهن لي داء هواهم دواءه
ومن يكن ذا داء يرى متطببا
وقرأت له مقطوعة وهذه ايضاً جميلة بمضامينها يقول:
فضل الفتى بالبذل والاحسان
والجود خير الوصف للانسان
او ليس ابراهيم لما اصبحت
امواله وقفاً على الضيفان
بالمال جاد وبأبنه وبنفسه
وبقلبه للواحد الديان
اضحى خليل الله جل جلاله
ناهيك فضله خلة الرحمن
شعره كثير ولا استطيع ان اذكر الكثير من شعره وله قصيدة اكثر من ثمانين بيتاً خالية من حرف الالف وهذه ايضاً لفتة جميلة ذكر قسم منها في كتابه امل الآمل:
وليّ عليٌّ حيث كنت وليه
ومخلصه بل عبد عبد لعبده
لعمرك قلبي معزم بمحبة له
طول عمري له ثم بعد لولده
توفي رحمه الله في مشهد الامام الرضا(ع) عام 1104 هـ ودفن هناك ووفاته في شهر رمضان ليلة القدر ودفن في صحن الامام الرضا(ع) بجوار الامام ابي الحسن الرضا فهنيئاً له على هذه الكرامة والمكانة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******