البث المباشر

احلى الكلام -۲۰

السبت 19 يناير 2019 - 11:09 بتوقيت طهران

الحلقة 20

سألني الأخ الكريم سهل التّميمّي من بغداد أن لمن هذا البيت:

لا تعذل المشتاق في أشواقه

حتّى يكون حشاك في أحشائه؟

قلت: هذا البيت هو السادس عشر من هجزيّة المتنبّي الأولى، وهي ثلاثة وعشرون بيتاً قال سبعة منها أوّلاً استجابة لأمر سيف الدّولة إيّاه أن يجيز ستّة أبيات قالها كاتبه البارع أبو ذرّ سهل بن محمّد. واستزاد الأمير المتنبّي بعد بيته السّابع، فرفعها إلى ثلاثة وعشرين بيتاً. وكان من المزيد هذا البيت المسئول عنه، وهو:

لا تعذل المشتاق في أشواقه

حتّى يكون حشاك في أحشائه

ومعناه لا تعذل المشتاق فيما هو فيه، حتّى تجد ما يجده، وهذا هو معنى قوله: في أحشائه يريد: حتّى يكون قلبك في قلبه، أي: تحبّ مثل ما يحبّ، وهو مأخوذ من قول أبي عبادة البحتريّ:

إذا شئت ألّا تعذل عاشقاً

على كمد من لوعة البين فاعشق

وبعث إليّ الصّديق الأديب عبد الأحد عيسى من عمّان بالأردنّ ان لمن هذا البيت الجميل الرّقيق، وفيم قيل:

موكب الشّعر تائه في فضاء

ليس فيه سوى حطيم سلاحك

قلت للصديق الكريم عبد الأحد: هذا البيت العذب السّهل الممتنع هو للشاعر اللبنانّي المهاجر إيليا أبي ماضي من قصيدة له في رثاء صديقه الحميم الشاعر الأديب الّرسّام جبران خليل جبران، وهذه أبيات منها تتضمّن البيت الذي تفضّلت بالسؤال عنه:

أيّها الشاعر الذي كان يشدو

بين ضاح من الجمال وضاحك

جللٌ أن يصيدك القدر الأهدى

ويمشي مقصّه في جناحك

موكب الشّعر تائهٌ في فضاء

ليس فيه سوى حطيم سلاحك

والبساتين والبلابل فيها

تتغنّى حزينة لرواحك

قنعت بالنواح منك فلمّا

زال عاشت بذكريات نواحك

والدّجى والنّجوم تسطع فيه

واجمٌ حشرة على مصباحك

وكتب إليّ الأخ احمد حمزة الجبوريّ من الشام أن لمن هذا البيت:

وإذا نظرت فإنّ بؤساً زائلاً

للمرء خيرٌ من نعيم زائل؟

قلت: هذا البيت لابن شمس الخلافة أبي الفضل جعفر مجد الملك الشاعر المشهور، وكان فاضلاً حسن الخطّ، وخطّه مرغوب فيه لحسنه وضبطه، وله تواليف زهت بلطائف دلّت على جوده اختياره وله ديوان شعر جيّد جدّاً نقل منه ابن خلّكان الشاعر الأديب الناقد البيت الذي سأل عنه الأخ الجبوريّ من الشام، وقبله بيت لا يقلّ عنه جمالاً ولطافة، وهما:

هي شدّة يأتي الرّخاء عقيبها

وأسىً يبشّر بالسّرور العاجل

وإذا نظرت فإنّ بؤساً زائلاً

للمرء خير من نعيم زائل

ومن محاسنه الفائقة هذه الصورة الرّائقة:

أعط وإن فاتك الثّراء ودع

سبيل من ضنّ وهو مقتدر

فكم غنيّ بالناس عنه غنىً

وكم فقير إليه يفتقر

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة