وكان أول المنخرطين في تحالف العدوان على الشعب الفلسطيني هم المطبعون من حكام العرب ، بالاضافة الى حلفاء الكيان الصهيوني المتمثلين بالولايات المتحدة الامريكية وأغلب الدول الأوربية.
فبالنسبة لبعض الحكام العرب كانوا يبدون الحياد في المعارك السابقة إلا أنهم في معركة "سيف القدس" نزعوا من جباههم كل قطرة حياء وأعلنوها على رؤوس الأشهاد إنضمام كامل الى صف العدوان الصهيوني حيث شارك بعضهم بطيرانه لضرب المدنيين العزل في غزة ، وهذه سجيتهم كما هي في العدوان على اليمن.
كما ان هناك حديث حول تقديم اغراءات من حكام عرب الى نتنياهو لإجتياح غزة ، وكان المحامي والخبير في القانون الدولي، الدكتور محمود رفعت، كشف عن "عرض قدمه ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد إلى رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو".
وأكد محمود رفعت في تغريدته ، "إن محمد بن زايد عرض على نتنياهو تزويد إسرائيل بمرتزقة كالذين يحاربون في اليمن والذين تمولهم الإمارات لاجتياح قطاع غزة برياً".
ولم يكن رئيس وزراء الكيان الصهيوني بإنتظار عروض محمد بن زايد ، بل انه كان يعرف حجمه جيدا أمام قوة المقاومة الفلسطينية وصمود ابناء غزة.
أما واشنطن وبعض العواصم الغربية فقد أضهرت مدى نفاقها وكذبها حيث دعمت العدوان إعلاميا وعسكريا بإرسال الأسلحة المتطورة والدقيقة الى الكيان الصهيوني ليقصف منازل الأبرياء من المدنين في قطاع غزة ويستولي على بيوت المقدسيين في حي الشيخ جراح ، فبان زيف الشعارات البراقة التي صدعو بها رؤوس العالم من قبيل الدفاع عن حقوق الانسان وغيرها من الشعارات الكاذبة.
أما الاطراف التي دعمت المقاومة الفلسطينة في معركة "سيف القدس" فتتمثل بأطراف "محور المقاومة" التي تعتبر قضية فلسطين هي قضيتها الأولى ، وترى ان كل ما تقدمه من دعم ومشاركة وتضحيات على جميع المستويات ، سواء سياسية او امنية او إقتصادية او شهداء من خيرة ابنائها ، ترى في ذلك أنه القليل أمام فلسطين والمسجد الأقصى ، وذلك إنطلاقا من الخلفية العقائدية التي تعتمدها في تبني المقاومة كإستراتيجية للقيام بواجبها الشرعي في تحرير المقدسات من دنس الصهاينة الغزاة.
كذلك هناك احرار العالم في كل مكان ومن مختلف القوميات والأديان كان لهم موقفا مشرفا من خلال دعم الشعب الفلسطيني المظلوم دعما معنويا سواء بفعالية رياضية او مهرجان ثقافي او بكلمة في الصحافة والاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
أما الفئة الثالثة فهي التي أبدت تعاطفها وتضامنها مع الشعب الفلسطيني دون ان تقدم أبسط ما تستطيع عليه ، وهي قادرة ، فكانت كما يقول المثل : "مالي أسمع جعجعةٌ ولا أرى طحناً".
قطعا المقاومة الفلسطينية بحاجة الى أي دعم مخلص وغيور ، ولكنها لا تنتظر أحد في تنفيذ برنامجها التعبوي والجهادي.
ولكن ما يثير التساؤول هنا لماذا انتهجت هذه الفئة منهج الدعم الشفوي الباهت الذي يفتقد لأبسط مقومات المروءة ، في حين هي قادرة ، بل انها تهدر طاقات عسكرية كبيرة وجبارة لا تصب لمصلحة الأمة الإسلامية ، بل أغلبها يعمل على تفتيت الأمة وبعثرة جهودها.
لو دققنا أكثر نجد ان هذه الأطراف لا تريد ان تقدم دعما للمقاومة الفلسطينية ولا تريد تنتصر للأقصى والمقدسات أطلاقا... وإلا لفعلت ، فما هو المانع من ذلك؟
في حقيقة الامر ولمن يقرأ ما بين السطور يجد ان الدوافع وراء هذه السياسة المقيتة هي طائفية ، فهذه الأطراف اصبحت محرجة أمام معركة "سيف القدس" ، لأن الشيعة "من محور المقاومة" شاركو في هذه المعركة بثقل كبير الى جانب اخوانهم السنة في فلسطين المحتلة ـ مع الاعتذار ان استخدم هكذا مصطلحات ـ هنا اصبح من يدعي (يتمنى) أنه يمثل القيادة المستقبلية للأمة الإسلامية في موقف لا يحسد عليه ، فهو بين خيارين إما دعم المقاومة فيخسر صديقه الصهيوني ، وإما ان يقف على الحياد فيخسر الجمهور المنبهر بإدعائاته الكاذبة والمزيفة ، فكان لابد ان يبادر بأصدار التصريحات الرنانة دون أن يقدم طلقة واحدة للمقاومة الفلسطينية.
ولعل القارئ الكريم يتسائل... ما هو الغرض من هذه التصريحات الإعلامية البائسة؟ والجواب على هذا التسائل الذي جاء في محله... هو ان الاطراف الإسلامية والعربية التي إقتصر دعمها للشعب الفلسطيني في معركة "سيف القدس" على تصريحات لم تتجاوز شاشات الفضائيات ، أرادت حفظ ماء وجهها أمام جمهورها والشعوب الإسلامية ، لكي تخدع اتباعها بأنها شاركت في المعركة ولم تترك الفلسطينيين لوحدهم في المرحلة الحرجة.
وهنا نقول هل المقاومة الفلسطينية خلال الأحدى عشر يوما من المواجهة مع قوات الاحتلال الصهيوني كانت بحاجة لتصريحات وخطابات الرؤساء والملوك ، أم كانت تحتاج الطلقة والصاروخ؟!
الحمد لله أنتصر الشعب الفلسطيني في معركة "سيف القدس" ولقن العدو الصهيوني وحلفائه لا سيما العرب المطبعين دروسا تبقى في الذاكرة ، وحقق اهدافه السامية في الدفاع عن ارضه ومقدساته ، وكشف المنافقين الذين لو دخلو معه المعركة لما زادوه إلا خبالا.
كل ذلك كان نصرا إلهياً ، وسيلته جهود ابناء المقاومة الفلسطينية الأبطال وصمود هذا الشعب المضحي لاسيما أهالي غزة الأوفياء ، ودعم ومساندة محور المقاومة والممانعة الذين ضحو بالغالي والنفيس لنصرة الحق الفلسطيني.
"الَّذينَ أُخرِجوا مِن دِيارِهِم بِغَيرِ حَقٍّ إِلّا أَن يَقولوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَولا دَفعُ اللَّهِ النّاسَ بَعضَهُم بِبَعضٍ لَهُدِّمَت صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذكَرُ فيهَا اسمُ اللَّهِ كَثيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزيزٌ" الحج آية40
جابر كرعاوي