ولذلك فإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يطالبه بالاعتذار الرسمي للإسلام والمسلمين وليس مجرد توضيح غير مقبول تقليداً للرئيس ماكرون.
وكان رئيس الأساقفة اليونان قد وصف الإسلام بأنه "حزب يملك طموحاً سياسياً، وأتباعه أهل حرب توسعيون هذه هي خصوصية الإسلام"، على حد تعبيره.
ثم لما صارت عليه ضغوط، قلّد الرئيس الفرنسي ماكرون في أن قصده الهجوم على المتشددين.
ونحن في الاتحاد إذ ندين بشدة مثل هذه التصريحات التي لا تخدم المجتمعات الإنسانية، وإنما تنبع عن حقد دفين ـ نؤكد على جهل رئيس الأساقفة بالإسلام جهلاً مركباً، فالإسلام أكد على أن يبدأ المسلم حياته وتصرفاته باسم الرحمن الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء، حيث يفتتح القرآن بــ (بسم الله الرحمن الرحيم) وتبدأ أول سورة بالأمر بالقراءة وكرامة الإنسان.
كما حصر رسالة محمد سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم في الرحمة فقال: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) الأنبياء 107.
ومن الجانب الدستوري فالإسلام هو أول من شرّع دستور المعاشية بين المسلمين وبين بقية أتباع الأديان من خلال "صحيفة المدينة" التي خصصت ٢٧ مادة منها لحقوق غير المسلمين من اليهود والنصارى والوثنيين.
ومن الجانب العملي فإن الإسلام سمح بحرية العبادة لجميع الناس، بل حافظ على ممتلكاتهم حتى ولو كانت محرمة في نظر الإسلام مثل: (الخمور والخنازير) ولذلك بقي أهل جميع الأديان في بلادنا الإسلامية متمتعين بحقوق المواطنة في ظل الإسلام الذي حكمها أكثر من ١٣ قرناً.
وبالمقابل فإن الصليبيين حينما احتلوا القدس في القرن الخامس الهجري قتلوا من أهل القدس ومن العباد والزهاد عشرات الآلاف باعتراف المؤرخين الغربيين.
وفي الأندلس حكم المسلمون ثمانية قرون وحافظوا على المسيحيين مواطنين، ولما حكمه الصليبيون لم يتركوا للمسلمين أي حرية بل قتلوا وأحرقوا الكثير، وفرّ الباقي إلى البلاد المجاورة، حيث لم يبق في الأندلس مسلم واحد يتظاهر بالإسلام بعد خمسين سنة من الاحتلال الصليبي.
وما فعله الصرب ( الأرتوذكس طائفة رئيس الأساقفة اليونان إبرونيموس) بالمسلمين في البوسنة لا يخفى على رئيس الأساقفة حيث قتلوا من مدينة سربرنينا أكثر من ثمانية آلاف، ومعظمهم من الشيوخ والنساء والأطفال في إبادة جماعية يندي لها جبين هؤلاء.
ومع كل ذلك فنحن في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لسنا مع إثارة الأحقاد، بل مع الدعوة إلى احترام جميع أهل الأديان لنعيش جميعاً بأمن وسلام.
فتصريحات رئيس الأساقفة غير مقبولة، ومدانة بل هي تصريحات تنبع من الحقد الدفين، ومن السياسة المزدوجة.
والاتحاد يؤكد أن توضيح ناطقه الرسمي أيضاً غير مقبول أبداً، إذ كيف تحتمل كلماته الصريحة حول الإسلام، وتعاليم محمد(ص) التأويل بأن المقصود (المتطرفون الإسلاميون).
فنحن باسم العلماء وباسم أمتنا الإسلامية لا نقبل بأقل من تصريح رسمي من رئيس الأساقفة نفسه بالاعتذار الصريح عن هذا العدوان الأثيم على الإسلام، وعلى تعاليم خير البشرية سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وندعو منظمة التعاون الإسلامي أن تقوم بواجبها للدفاع عن الإسلام ومقدساته، وكذلك ندعو الدول الإسلامية ومؤسسات المجتمع المدني إلى إدانة هذا التصريح، والمطالبة بالاعتذار الصريح.