"إياك أن تمدحني، فأنا أعلم بنفسي منك، أو تكذِّبني، فإنه لا رأي لمكذوب، أو تغتاب عندي أحداً".
عندها استدرك الرّجل: ائذن لي في الانصراف. قال(ع): "نعم، إذا شئت".
كان الإمام عليّ (ع) إذا مُدح يقول: "اللّهم اجعلني خيراً ممّا يظنّون، واغفر لي ما لا يعلمون"، حتّى يوحي إليهم بأنّه يفهم نفسه أكثر ممّا يفهمونه.
فعلى الإنسان أن لا يستعير ثقته بنفسه من الآخرين، لأنّ الآخرين قد يغشُّونك في نفسك، عندما يضخّمون لكَ شخصيّتك بطريقة غير صحيحة، أو ربّما يسقطونك عند نفسك عندما يحاولون أن يهزموك نفسياً، ليثيروا مواطن الضعف في نفسك بدل أن يثيروا مواطن القوّة فيها.
بعض الناس يسمع كلمة مدح فينتفخ، أو يسمع كلمة ذمّ فيسقط؛ إذا سار الناس معه يشعر بضخامة الشخصية، وإذا انكفأوا عنه وابتعدوا يشعر بضعف الشخصيّة. هؤلاء الذين يستعيرون ثقتهم بأنفسهم من الآخرين، هم الّذين يستطيع الآخرون أن يسيطروا عليهم.
وهذه من الأساليب التي استخدمها الاستكبار العالمي والكفر العالمي بجميع ممثّليه، في مواقع الحكم والسياسة والاجتماع والثقافة، واستغلّها في هزيمة الشّعوب المستضعفة نفسياً، فيثير نقاط الضّعف في داخلها ليحدّثها عنها ليسقطها.
العلامة السيد محمد حسين فضل الله
من كتاب "الجمعة منبر ومحراب"