ومنها:
فَعِنْدَ ذَلِكَ لاَ يَبْقَى بَيْتُ مَدَرٍ ولاَ وَبَرٍ، إِلاَّ وأَدْخَلَهُ اَلظَّلَمَةُ تَرْحَةً، وأَوْلَجُوا فِيهِ نَقِمَةً، فَيَوْمَئِذٍ لاَ يَبْقَى لَهُمْ فِي اَلسَّمَاءِ عَاذِرٌ، ولاَ فِي اَلْأَرْضِ نَاصِرٌ، أَصْفَيْتُمْ بِالْأَمْرِ غَيْرَ أَهْلِهِ، وأَوْرَدْتُمُوهُ غَيْرَ مَوْرِدِهِ، وسَيَنْتَقِمُ اَللَّهُ مِمَّنْ ظَلَمَ، مَأْكَلاً بِمَأْكَلٍ، ومَشْرَباً بِمَشْرَبٍ، مِنْ مَطَاعِمِ اَلْعَلْقَمِ، ومَشَارِبِ اَلصَّبِرِ، واَلْمَقِرِ، ولِبَاسِ شِعَارِ اَلْخَوْفِ، ودِثَارِ اَلسَّيْفِ، وإِنَّمَا هُمْ مَطَايَا اَلْخَطِيئَاتِ وزَوَامِلُ اَلْآثَامِ، فَأُقْسِمُ ثُمَّ أُقْسِمُ لَتَنْخَمَنَّهَا أُمَيَّةُ مِنْ بَعْدِي، كَمَا تُلْفَظُ اَلنُّخَامَةُ، ثُمَّ لاَ تَذُوقُهَا، ولاَ تَطْعَمُ بِطَعْمِهَا أَبَداً، مَا كَرَّ اَلْجَدِيدَانِ.
الخطبة ۱٥۹: وفيها يبين سلام الله عليه حسن معاملته لرعيته
وَلَقَدْ أَحْسَنْتُ جِوَارَكُمْ، وأَحَطْتُ بِجُهْدِي مِنْ وَرَائِكُمْ، وأَعْتَقْتُكُمْ مِنْ رِبَقِ اَلذُّلِّ، وحَلَقِ اَلضَّيْمِ، شُكْراً مِنِّي لِلْبِرِّ اَلْقَلِيلِ، وإِطْرَاقاً عَمَّا أَدْرَكَهُ اَلْبَصَرُ، وشَهِدَهُ اَلْبَدَنُ مِنَ اَلْمُنْكَرِ اَلْكَثِيرِ.
الخطبة ۱٦۰: عظمة الله
أَمْرُهُ قَضَاءٌ وحِكْمَةٌ، ورِضَاهُ أَمَانٌ ورَحْمَةُ، يَقْضِي بِعِلْمٍ، ويَعْفُو بِحِلْمٍ، حَمَدُ اَللَّهَ، اَللَّهُمَّ لَكَ اَلْحَمْدُ عَلَى مَا تَأْخُذُ وتُعْطِي، وعَلَى مَا تُعَافِي وتَبْتَلِي، حَمْداً يَكُونُ أَرْضَى اَلْحَمْدِ لَكَ، وأَحَبَّ اَلْحَمْدِ إِلَيْكَ، وأَفْضَلَ اَلْحَمْدِ عِنْدَكَ، حَمْداً يَمْلَأُ مَا خَلَقْتَ، ويَبْلُغُ مَا أَرَدْتَ، حَمْداً لاَ يُحْجَبُ عَنْكَ، ولاَ يَقْصُرُ دُونَكَ، حَمْداً لاَ يَنْقَطِعُ عَدَدُهُ، ولاَ يَفْنَى مَدَدُهُ، فَلَسْنَا نَعْلَمُ كُنْهَ عَظَمَتِكَ، إِلاَّ أَنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ حَيٌّ قَيُّومُ، لاَ تَأْخُذُكَ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ، لَمْ يَنْتَهِ إِلَيْكَ نَظَرٌ، ولَمْ يُدْرِكْكَ بَصَرٌ، أَدْرَكْتَ اَلْأَبْصَارَ، وأَحْصَيْتَ اَلْأَعْمَالَ، وأَخَذْتَ بِالنَّوَاصِي واَلْأَقْدَامِ، ومَا اَلَّذِي نَرَى مِنْ خَلْقِكَ، ونَعْجَبُ لَهُ مِنْ قُدْرَتِكَ، ونَصِفُهُ مِنْ عَظِيمِ سُلْطَانِكَ، ومَا تَغَيَّبَ عَنَّا مِنْهُ، وقَصُرَتْ أَبْصَارُنَا عَنْهُ، واِنْتَهَتْ عُقُولُنَا دُونَهُ، وحَالَتْ سُتُورُ اَلْغُيُوبِ بَيْنَنَا وبَيْنَهُ أَعْظَمُ، فَمَنْ فَرَّغَ قَلْبَهُ، وأَعْمَلَ فِكْرَهُ، لِيَعْلَمَ كَيْفَ أَقَمْتَ عَرْشَكَ، وكَيْفَ ذَرَأْتَ خَلْقَكَ، وكَيْفَ عَلَّقْتَ فِي اَلْهَوَاءِ سَمَاوَاتِكَ، وكَيْفَ مَدَدْتَ عَلَى مَوْرِ اَلْمَاءِ أَرْضَكَ، رَجَعَ طَرْفُهُ حَسِيراً، وعَقْلُهُ مَبْهُوراً، وسَمْعُهُ وَالِهاً، وفِكْرُهُ حَائِراً.