البث المباشر

اهتداء الأخ أبو زهراء ببركة الملحمة الحسينية

الأربعاء 31 أكتوبر 2018 - 10:41 بتوقيت طهران

السلام عليكم أيها الأكارم ورحمة الله وبركاته، تحية مباركة طيبة نستهل بها لقاء اليوم من هذا البرنامج الذي نستجلي فيه معالم الطريق الموصل للدين الحق الذي ارتضاه الله لعباده وذلك ببركة التفاعل الوجداني مع ملحمة سيد الشهداء من الأولين والآخرين مولانا الإمام أبي عبد الله الحسين صلوات الله عليه، تابعونا على بركة الله.

أيها الأعزاء، إن جميع أهل بيت النبوة _عليهم السلام_ هم مصابيح الهداية الإلهية، ولكن رسول الله وهو _صلى الله عليه وآله_ الذي لاينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، قد خص سبطه الشهيد بقوله: "إن الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة".
 

وهذا روي في المصادر المعتبرة عند مختلف الفرق الإسلامية وفيه تنبيه إلى المسلمين جميعاً إلى الخصوصية الحسينية في الهداية إلى الدين الحق، وذلك بحكم عنصري المظلومية والفداء في سبيل الحق تبارك وتعالى اللذين تجليا في الملحمة الحسينية بأسمى صورها.. الأمر الذي جعل في التعرف على مظلومية سيد الشهداء وفدائه صلوات الله عليه جاذباً قوياً إلى الله عزوجل الذي قدم الحسين كل تلك التضحيات من أجله، تبارك وتعالى، كما أن قوة عنصر المظلومية الفريدة التي تجلت في الفداء الحسيني تجعل من يتعرف عليها مندفعاً بفطرته للبراءة من أعداء الحسين الذين أنزلوا به، عليه السلام، وبأهل بيته وأنصاره كل تلك المظالم التي لم يشهد لها التأريخ الإنساني مثيلاً.
 

وعلى هذه القاعدة يقوم عامل البراءة من أعداء الله وبه يكتمل التوحيد الخالص، فهو يقوم على ركني الولاء لله عزوجل وأوليائه الصادقين والبراءة من أعدائه، أي أعداء أوليائه تبارك وتعالى وأوضح مصاديقهم قتلة الحسين (عليه السلام) ومن مهّد لهم ومكنهم من رقاب المسلمين.
 

وكلا هاتين الميزتين في الهداية الحسينية نلمسهما في قصة هذا اللقاء وهي من القصص التي تناقلتها عدة من المواقع الإسلامية على شبكة الإنترنت وكان لصاحبها محاورات عدة عبر المنتديات الإلكترونية الإسلامية.. ننقل لكم هذه القصة طبق ما ذكره صاحبها في هذه المحاورات فتابعونا مشكورين.
 

مستمعينا الأفاضل، صاحب قصة هذا اللقاء ولأسباب أمنية ترتبط بإرهاب المتعصبين من الوهابية والتكفيريين عرف نفسه بكنية (أبي زهراء)، وهو خريج معهد تجاري متوسط وفي العقد الرابع من عمره مقيم في دولة قطر، كتب قصته قائلاً:
(كنت منذ بدايتي قد تلقيت التعليم الديني في المسجد، وكانت حياتي منذ سن السابعة حتى الثانوية عبارة عن دراسة وتلقي ديني، وعندما دخلت الجامعة وجدت نفسي وكأني في عالم آخر،،، لقد تعرفت من خلال شخص مطالع للفلسفة على آفاق أوسع، دار بيننا حوار فلسفي، ومن خلال هذا الحوار الفلسفي ظهر لي أن هنالك شيئاً آخر غير التفكير الديني الذي تلقيته بصورة إفعل ولا تفعل، إنه المجال العقلي والفكري.. وهنا بدأت رحلتي الفلسفية حيث رفضت الدين وقتها وأخذت بقراءة الفلسفات واستهواني التفكير العقلاني..)
أيها الإخوة والأخوات؛ لا يخفى عليكم أن هذا الرفض للدين الذي يشير إليه الأخ أبو زهراء إنما يعني الدين التقليدي المتحجر الذي يرفض العقلانية الذي تلقاه في بداية الأمر، وهذا ولا شك ليس هو الدين الذي ارتضاه الله لعباده، فالدين الحق هو الذي يكرم العقل ويجعله حجة الله الباطنة على الإنسان.
 

نبقى مع هذا الأخ الكريم وهو يتابع قصته وحديثه عن رحلته الفلسفية قائلاً:
(كان لي صديق شيعي من إيران وصديق آخر علوي من سوريا، كنا نتناقش بالفلسفة ونتطرق إلى فلسفة القرآن.. وذات يوم تطرقنا لحديث الثورة عبر التأريخ وتطرقنا وقتها لثورة الحسين، ولم أكن يومها أعرف شيئاً عن الحسين – عليه السلام – سوى أنه حفيد الرسول وأن شيعته هم الذين قتلوه كما علمونا ولا حول ولا قوة إلا بالله...)
وهكذا إنطلق هذا الأخ من البعد الثوري في الملحمة الحسينية، فأنجذب إليها ليجد فيها ما هو أعظم بكثير من البعد الثوري الذي استهواه، وبذلك كانت هذه الملحمة المقدسة وسيلة العودة إلى الدين ولكن ليس التقليدي الذي نفر منه ورفضه بل للدين الحق الذي ارتضاه الله لعباده، يقول الأخ أبو زهراء:
(بعدها أخذت بالقراءة التأريخية عن الحسين – عليه السلام – وما هي الأسباب لهذه الثورة، وكان ولا يزال إلى الآن الدافع الذي يشغل تفكيري (التفكير الإنساني)، وأقول بصراحة: إن الهدف الذي شجعني للقراءة عن آل البيت وتفكيرهم ومنهجهم منذ ثورة سيدتي فاطمة الزهراء ضد الدكتاتورية حتى آخر حياة الإمام العسكري – عليه السلام – إنما هو دفاعهم الفكري والإنساني، هذا الذي شدني أولاً، إنه الهدف الإنساني في منهجهم – عليهم السلام – فنحن نعيش على الأرض وبشكل جماعات، فنحن بحاجة لإحترام الإنسانية)
إذن مستمعينا الأفاضل، فقد تلمس الأخ أبو زهراء في ثورة الحسين – عليه السلام – قوة الجانب الإنساني بما يعنيه من دفاع أهل البيت – عليهم السلام – عن كرامة الإنسان ورفض الذل بمختلف أشكاله، ولذلك كانت الملحمة الحسينية الجاذب الأول الذي هداه إلى الدين الإلهي الحق الذي كرم الإنسان يقول الأخ أبو زهراء:
(بنظري، ما كان هدفاً للحسين من ثورته (عليه السلام) إنما هو المطالبة باحترام هذه الإنسانية من الحاكم، وبصراحة أقول: ما وجدت فكرياً ثورياً ضد الظلم والمطالبة بحفظ الكرامة الإنسانية سوى في فكر ومنهج آل البيت – عليهم السلام – وما تعلمته منذ بداياتي عن الدين لم يكن إلا (إفعل ولا تفعل والسمع والطاعة والرضوخ) فثورة الحسين كانت الجاذب الأول ومن ثم سيرة الأئمة وكيف قتلوا وشردوا وكل ذلك بسبب دفاعهم عن الإنسان، وهذا ما نحتاجه اليوم.. إنني بصراحة أتبع طريق العرفان..)
أيها الإخوة والأخوات.. لقد نفذت أشعة من شمس روح الإباء الحسيني في قلب هذا الأخ فجعلته يتحمل أشد الصعاب الذي واجهها من بعض ممن حوله بسبب إعتناقه لمذهب أهل بيت النبوة المحمدية – عليهم السلام – كما جعلته يمتلأ بروح البراءة من أعداء الله لا يرهب شيئاً وقد أوصله العرفان الحسيني إلى الفوز بالألطاف الإلهية الخاصة، يقول الأخ أبو زهراء مجيباً على أسئلة بعض محاوريه على موقع منتديات أبي الفضل العباس _عليه السلام_:
(لقد رأيت العجب العجاب [من المضايقات بسبب تشيعه لأهل البيت] لو أنني ألحدت أو لو كنت اتبعت أي مذهب فلسفي لكان الأمر أهون على الناس، لكن أن أتبع مذهب آل البيت _عليهم السلام_ فكأن القيامة قد قامت.. للأسف الجاهل يظن أن الشيعة كفرة وملاحدة وعبدة علي والحسين.. والجهل والفضائيات والشيوخ المرتزقة يعملون على زيادة الحقد ضد آل البيت وشيعة آل البيت... هناك مراحل فكرية للباحث عن الحقائق فهو ينتقل من مرحلة لأخرى ولكن روعة الحق هي الغالبة وسلوك طريق الحق هو السبب الأول لإتباعي مذهب آل البيت عليهم السلام.. أنا معتاد على إعطاء رأي بصراحة، وأنا لم أجد لأي صحابي مقام العصمة فالقرآن الكريم يقول "فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ{۷} وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ{۸}" هذه الآية تشمل الجميع، صحابياً كان أو تابعياً وما إلى ذلك والعصمة ليست لغير الأنبياء والأئمة – عليهم الصلاة والسلام – فالمجرم مجرم والمحسن محسن، فلعنة الله على يزيد ومعاوية وأبي سفيان ومن والاهم وأحبهم... ونصيحتي للجميع هي: لا تأتوا يوم القيامة تقولون: هذا ما وجدنا عليه آباؤنا وأجدادنا.. طريق الحق موجود وكما قال الإمام علي _عليه السلام_: لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه.. وبالنسبة لرؤيا المعصومين _عليهم السلام_ فهذا موضوع أعتبره شخصي ولكن الحمد لله، أكرمنا الله تعالى بذلك).
 

وبهذا نصل مستمعينا الأفاضل إلى ختام حلقة اليوم من برنامجكم (بالحسين اهتديت) إستمعتم لها مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران تقبل الله جميل المتابعة ودمتم في رعايته سالمين.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة