يصادف يوم الخامس عشر من ايار/ مايو لعام 1948...يوم النكبة.... حيث هُجِر في ذلك اليوم اكثر من 800 الف فلسطيني وطردوا قسرا من قراهم وبيوتهم حيث خرجوا لا يحملون معهم سوى مفاتيح بيوتهم...وآمال في العودة الى الديار.
في ذلك اليوم طرد الاحتلال اهالي 530 مدينة وقرية فلسطينية بالاضافة الى اهالي 662 قرية صغيرة ليكون الشعب الفسلطيني ضحية اكبرعملية تطهير عرقي مخطط لها في التاريخ الحديث.
أصبحت الغالبية العظمى من الفلسطينيين لاجئين ومهجّرين؛ نتيجةً لجرائم الحرب التي مارستها إسرائيل عليهم، كالتعدّي عليهم وعلى أراضيهم بما لا يسمح القانون، ولا الآداب، ولا الأعراف، حيث قامت بارتكاب المذابح الجماعية، وعمليات النهب، والسلب، وتدمير الممتلكات، والطرد الإجباري من البيوت على يدّ عصابات صهيونية مسلحة، وفي بعض الحالات أجبرت الفلسطينيين على التوقيع على أوراق بيع لأراضيهم، حتّى يتبيّن أنّهم غادروا أراضيهم بإرداتهم وليس قسراً عنهم، وانتهجت إسرائيل سياسة (أطلق النار لتقتل)، وعلى أثر هذه الأعمال فإنّ 50% من اللاجئين قد تمّ تهجيرهم قبل بدء حرب عام 1948م.
استخدم الاحتلال لبلوغ مقاصده، اسلوبيين اولهما الترهيب والترغيب لجعل الجاليات اليهودية الموزعة على دول العالم تأتي الى فلسطين لتقيم المستوطنات وتقضم الاراضي العربية الفلسطينية شيئا فشيئا.
اما الثاني فكان التقرب من الدول الفاعلة عالميا والتأثير عليها لعقد اتفاقيات واستصدار وعود تعترف بوجود حق يهودي في فلسطين فاصبحت الفرصة سانحة اما الحركة الصهيونية في اوائل القرن العشرين عندما بدأت علائم الموت تظهر على الامبراطورية العثمانية التي كانت تسيطر على المشرق العربي فاستغلّ اليهود ذلك الوضع لاستصدار وعد من بريطانيا بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وهو ما عرف باسم 'وعد بلفور'.
اغتصبت ارض فلسطين واعلن قيام الكيان الاسرائيلي المصطنع. بعد اعلان بريطانيا انهاء انتدابها على فلسطين في الخامس عشر من ايار مايو عام ثمانية واربعين بعد ان ساعدت في غرس جدور لليهود في ارض فلسطين...لتبدأ منظومة التيه والشتات والمأساة التي ما زالت تفرزها النكبة لتعمل علي تغيير كل ما يمت إلى تاريخ فلسطين وجغرافيتها بصلة.
ان ذكرى 14 ايار/مايو عام 1948 الذي ادرج خلاله اسم الكيان الصهيوني المشؤوم على خارطة الكرة الارضية تذكر باتعس يوم على مرّ التاريخ الفلسطيني حيث معاناة شعب مظلوم وتشريد الملايين من الفلسطينيين في تلك الحقبة وان احداث عام 1948 كانت بداية لجرائم مروعة مازالت تمارس حتى يومنا الحاضر من خلال التطهير العرقي للشعب الفلسطيني.
ان الاستمرار في احتلال كافة الاراضي الفلسطينية والاعدامات العشوائية للابرياء وتهويد القدس الشريف وتدنيس الاقصى والتوسع الاستيطاني وتهويد الضفة الغربية ومواصلة الحصار لاكثر من 15 سنة على قطاع غزة تعد من الجرائم التي تواصل 'اسرائيل' القيام بها بكل قوة عبر انتهازها للازمات التي تعصف بالمنطقة مما اثار استنكارا عالميا حيال هذه الممارسات.
ان محاولات الكيان الصهيوني في تهميش القضية الفلسطينية كونها القضية الاسلامية الاولى والتجاهل المؤسف لبعض الدول الاسلامية والعربية للجرائم الصهيونية، الذي ينبع عن مزاعم هذه الدول الخاطئة حيال مفاوضات التسوية والخنوع لهذا الكيان على طاولة المفاوضات، كل ذلك زاد من تجرؤ الاحتلال، وقلق الفلسطينيين وكافة احرار العالم حيال مصير القدس وحقوق الشعب الفلسطيني المحقة.
ومنذ ذلك الحين تعددت قرارات الامم المتحدة والمبادرات والحلول المطروحة التي تنكر لها الاحتلال بدءا من القرار الدولي 181 الي القرار 194 والقرار 242 والقرار 338 وغيرها الكثير من القرارات والمبادرات التي تم اغتيالها في مهدها رغم توقيع عدة اتفاقيات اختلفت مسمياتها من كامب ديفيد الي اوسلو ووادي عربة بالاضافة لجولات الحوار والمؤتمرات الاقليمية والدولية برعاية الحليف الاميركي، دون ان يتحقق اي تقدم يذكر في عملية تسوية مزعومة منذ النكبة وحتي الان.
لا .. بل على العكس من ذلك تمادت سلطات الاحتلال في غيها وطغيانها وعدوانها مترافقا مع المزيد من مصادرة الاراضي الفلسطينية وتهويدها لبناء وتوسيع المستعمرات وجدار الفصل العنصري بالاضافة الى سياسة العقاب الجماعي وزيادة الحواجز في الضفة الغربية المحتلة وتشديد الحصار على قطاع غزة لتدمير بناه التحتية والمجتمعية وتفكيك بنية المقاومة المسلحة...وفصل وعزل سكان فلسطين عن حقوقهم وممتلكاتهم الحيوية اليومية وحرمانهم من التواصل مع عمقهم الاجتماعي الفلسطيني والعربي والاسلامي.
المصدر: ارنا