الخطبة ۹۱: من خطبة له سلام الله عليه لمّا أراد الناس على البيعة بعد قتل عثمان
دَعُونِي واِلْتَمِسُوا غَيْرِي، فَإِنَّا مُسْتَقْبِلُونَ أَمْراً لَهُ وُجُوهٌ وأَلْوَانٌ، لاَ تَقُومُ لَهُ اَلْقُلُوبُ، ولاَ تَثْبُتُ عَلَيْهِ اَلْعُقُولُ، وإِنَّ اَلْآفَاقَ قَدْ أَغَامَتْ، واَلْمَحَجَّةَ قَدْ تَنَكَّرَتْ، واِعْلَمُوا أَنِّي إِنْ أَجَبْتُكُمْ رَكِبْتُ بِكُمْ مَا أَعْلَمُ، ولَمْ أُصْغِ إِلَى قَوْلِ اَلْقَائِلِ، وعَتْبِ اَلْعَاتِبِ، وإِنْ تَرَكْتُمُونِي فَأَنَا كَأَحَدِكُمْ، ولَعَلِّي أَسْمَعُكُمْ، وأَطْوَعُكُمْ لِمَنْ وَلَّيْتُمُوهُ أَمْرَكُمْ، وأَنَا لَكُمْ وَزِيراً، خَيْرٌ لَكُمْ مِنِّي أَمِيراً.
الخطبة ۹۲: ومن خطبة له عليه السلام وفيها ينبه على فضله وعلمه ويبين فتنة بني امية
أَمَّا بَعْدَ حَمْدِ اللهِ وَالثَناءِ عَليه، أَيُّهَا اَلنَّاسُ، فَأَنَاَ فَقَأْتُ عَيْنَ اَلْفِتْنَةِ، ولَمْ يَكُنْ لِيَجْتَرِئَ عَلَيْهَا أَحَدٌ غَيْرِي، بَعْدَ أَنْ مَاجَ غَيْهَبُهَا، واِشْتَدَّ كَلَبُهَا، فَاسْأَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي، فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لاَ تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ فِيمَا بَيْنَكُمْ وبَيْنَ اَلسَّاعَةِ، ولاَ عَنْ فِئَةٍ تَهْدِي مِائَةً وتُضِلُّ مِائَةً، إِلاَّ أَنْبَأْتُكُمْ بِنَاعِقِهَا، وقَائِدِهَا، وسَائِقِهَا، ومُنَاخِ رِكَابِهَا، ومَحَطِّ رِحَالِهَا، ومَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَهْلِهَا قَتْلاً، ومَنْ يَمُوتُ مِنْهُمْ مَوْتاً، ولَوْ قَدْ فَقَدْتُمُونِي ونَزَلَتْ بِكُمْ كَرَائِهُ اَلْأُمُورِ، وحَوَازِبُ اَلْخُطُوبِ، لَأَطْرَقَ كَثِيرٌ مِنَ اَلسَّائِلِينَ، وفَشِلَ كَثِيرٌ مِنَ اَلْمَسْئُولِينَ، وذَلِكَ إِذَا قَلَّصَتْ حَرْبُكُمْ، وشَمَّرَتْ عَنْ سَاقٍ، وضَاقَتِ اَلدُّنْيَا عَلَيْكُمْ ضِيقاً، تَسْتَطِيلُونَ مَعَهُ أَيَّامَ اَلْبَلاَءِ عَلَيْكُمْ، حَتَّى يَفْتَحَ اَللَّهُ لِبَقِيَّةِ اَلْأَبْرَارِ مِنْكُمْ، إِنَّ اَلْفِتَنَ إِذَا أَقْبَلَتْ شَبَّهَتْ، وإِذَا أَدْبَرَتْ نَبَّهَتْ، يُنْكَرْنَ مُقْبِلاَتٍ، ويُعْرَفْنَ مُدْبِرَاتٍ، يَحُمْنَ حَوْمَ اَلرِّيَاحِ، يُصِبْنَ بَلَداً، ويُخْطِئْنَ بَلَداً، أَلاَ وإِنَّ أَخْوَفَ اَلْفِتَنِ عِنْدِي عَلَيْكُمْ فِتْنَةُ بَنِي أُمَيَّةَ، فَإِنَّهَا فِتْنَةٌ عَمْيَاءُ مُظْلِمَةٌ، عَمَّتْ خُطَّتُهَا، وخَصَّتْ بَلِيَّتُهَا، وأَصَابَ اَلْبَلاَءُ مَنْ أَبْصَرَ فِيهَا، وأَخْطَأَ اَلْبَلاَءُ مَنْ عَمِيَ عَنْهَا، واَيْمُ اَللَّهِ لَتَجِدُنَّ بَنِي أُمَيَّةَ لَكُمْ أَرْبَابَ سَوْءٍ بَعْدِي، كَالنَّابِ اَلضَّرُوسِ، تَعْذِمُ بِفِيهَا، وتَخْبِطُ بِيَدِهَا، وتَزْبِنُ بِرِجْلِهَا، وتَمْنَعُ دَرَّهَا، لاَ يَزَالُونَ بِكُمْ، حَتَّى لاَ يَتْرُكُوا مِنْكُمْ إِلاَّ نَافِعاً لَهُمْ، أَوْ غَيْرَ ضَائِرٍ بِهِمْ، ولاَ يَزَالُ بَلاَؤُهُمْ عَنْكُمْ حَتَّى لاَ يَكُونَ اِنْتِصَارُ أَحَدِكُمْ مِنْهُمْ، إِلاَّ كَانْتِصَارِ اَلْعَبْدِ مِنْ رَبِّهِ، واَلصَّاحِبِ مِنْ مُسْتَصْحِبِهِ، تَرِدُ عَلَيْكُمْ فِتْنَتُهُمْ شَوْهَاءَ مَخْشِيَّةً، وقِطَعاً جَاهِلِيَّةً، لَيْسَ فِيهَا مَنَارُ هُدًى، ولاَ عَلَمٌ يُرَى، نَحْنُ أَهْلَ اَلْبَيْتِ، مِنْهَا بِمَنْجَاةٍ، ولَسْنَا فِيهَا بِدُعَاةٍ، ثُمَّ يُفَرِّجُهَا اَللَّهُ عَنْكُمْ كَتَفْرِيجِ اَلْأَدِيمِ بِمَنْ يَسُومُهُمْ خَسْفاً، ويَسُوقُهُمْ عُنْفاً، ويَسْقِيهِمْ بِكَأْسٍ مُصَبَّرَةٍ لاَ يُعْطِيهِمْ إِلاَّ اَلسَّيْفَ، ولاَ يُحْلِسُهُمْ إِلاَّ اَلْخَوْفَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَوَدُّ قُرَيْشٌ بِالدُّنْيَا، ومَا فِيهَا لَوْ يَرَوْنَنِي مَقَاماً وَاحِداً، ولَوْ قَدْرَ جَزْرِ جَزُورٍ، لِأَقْبَلَ مِنْهُمْ مَا أَطْلُبُ اَلْيَوْمَ بَعْضَهُ، فَلاَ يُعْطُونِيهِ.