البث المباشر

الكاظمي والتوازن بين مطالب الشعب وطموحات السياسيين

الخميس 16 إبريل 2020 - 21:11 بتوقيت طهران
الكاظمي والتوازن بين مطالب الشعب وطموحات السياسيين

الدلائل تشير الى أن المكلف بتشكيل الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي يمضي قدما في تشكيل كابينته من دون عراقيل كبيرة، وحتى لو كانت هناك بعض العراقيل فانها قابلة للحل والتحكم فيها.

الا ان هناك حاجة لايجاد التوازن بين برنامجه وبين مطالب الشعب العراقي وبين طموحات الاحزاب والكتل السياسية.

وفي هذا الاطار كشف رئيس كتلة الفتح النيابية محمد الغبان، اليوم الخميس، عن تشكيل فريق استشاري يمثل الكتل السياسية لتقديم المساعدة والمشورة للكاظمي في دراسة أسماء الكابينة الوزارية والمنهاج الحكومي.

وقال الغبان: كابينة الكاظمي ستضم خليطاً من المستقلين والسياسيين الذين هم ليسوا من الخط الأول ولديهم رؤية في إدارة البلد مع مراعاة معايير النزاهة والكفاءة في الاختيار، وأن الكتل السياسية تحرص على منح الثقة لحكومة الكاظمي قبل حلول شهر رمضان المبارك مراعاة للوضع الراهن و لصعوبة عقد جلسة بعد هذا الموعد.

قياديون في كتل سياسية عراقية عبروا عن مواقفهم تجاه تشكيل حكومة الكاظمي وهذه المواقف لا تختلف كثيرا عن تصريحات الغبان، ومن الطبيعي أن يتشاور الكاظمي مع الكتل والاحزاب السياسية والتوصل معها الى تفاهم مشترك بشأن الوزراء الذين سيقدمهم للبرلمان، ومن المؤكد أنه سيواجه مشكلة منح الثقة لوزرائه ان لم يتفاهم مع الكتل السياسية فأعضاؤها هم الذين يمنحون الثقة لكابينته، وبالتالي يتحتم عليه اختيار اشخاص يحصلون على دعم أغلبية أعضاء البرلمان.

غير أن رئيس الوزراء العراقي المكلف بحاجة الى قدرة كبيرة على كافة الصعد لايجاد التوازن بين برنامجه وبين مطالب الشعب العراقي وبين تطلعات المرجعية الدينية وبين الظروف الحالية التي يمر بها العراق وبين طموحات الاحزاب والكتل السياسية، وأي خلل في هذه الأمور يعرض حكومة الكاظمي للمشاكل، فلربما يشكل حكومة متطابقة مع طموحات الكتل السياسية وتحصل على ثقة البرلمان، الا أن ذلك لا يعني انها لا تواجه أية مشكلة، بل على العكس تماما فان الحكومة لو لم تكن متطابقة مع مطالب الشعب فانها معرضة لمشاكل كثيرة، بل أن العراق برمته سيتعرض للأخطار والتهديدات لو لم تكن الحكومة متطابقة مع مطالب الشعب.

وطالما كان للشعب العراقي مآخذ على وزراء في الحكومات السابقة ووجد أن هؤلاء الوزراء لا يرتقون الى مستوى طموحاته، فقد عبر العراقيون عن امتعاضهم من الفساد في الدوائر الحكومية وتتداول وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي مئات القصص والوقائع عن الفساد المستشري في الكثير من هذه الدوائر، كما أن العراقيين طالما طالبوا بتحسين الخدمات، بكافة اشكالها وأنواعها من بينها على سبيل المثال خدمات الحكومة الالكترونية، الى جانب خدمات الكهرباء والماء والنظافة وفتح الطرق والاعمار، والرعاية الصحية والاجتماعية، واذا اردنا تعداد الخدمات لطال بنا المقام.

من المطالب ايضا توفير فرص العمل وتحسين ظروف العمل وتحسين الوضع الاقتصادي وتحسين الدخل الفردي والقضاء على البطالة وايجاد البنى التحتية اللازمة والقادرة على استيعاب الطاقات العاملة بما فيها الطاقات العلمية والتقنية والتخصصية.

كما أن العراقيين طالما عانوا من عدم الاستقرار الأمني، وفي السنوات الماضية انتقلوا من مرحلة الانفجارات والاغتيالات والهجمات الى مرحلة احتلال جماعة "داعش" الارهابية لمناطق واسعة في العراق، ومع أن العراقيين تخلصوا من ارهاب "داعش" والى حد ما الانفجارات والهجمات والاغتيالات المنظمة، الا انه لا تزال هناك خلايا ارهابية تهدد أمن العراقيين، والى جانب وجود هذه الخلايا فهناك عصابات منظمة وكذلك ظواهر سلبية تخل بالأمن ما يدعو العراقيون الى اجتثاثها.

ومما لاشك فيه أن مطالب الشعب لو تحققت واستطاعت الحكومة تلبيتها جميعا، عندها يمكن القول إن الحكومة استجابت لتطلعات المرجعية، واذا كانت المرجعية الدينية قد وجهت انتقادات لحكومات سابقة أو عدد من الوزراء، فلأنهم لم يتحملوا مسؤوليتهم بالشكل المطلوب ولم يؤدوا الواجبات الملقاة عليهم.

من القضايا التي طالما تحولت الى عقبة كأداء في تحرك الحكومات العراقية السابقة هي التدخل الاجنبي في شؤون العراق، بل احيانا تجاوزت بعض القوى الدولية مرحلة التدخل ووصلت الى حد انتهاك سيادة العراق، ولعل ما أقدمت عليه القوات الاميركية في الآونة الأخيرة نموذج واضح على ذلك، الى جانب ذلك فان بعض الدول الاقليمية تضع شروطا تعجيزية لتعاونها مع العراق، ومن المؤكد أن التدخل وانتهاك سيادة العراق خطوط حمراء يتعين على جميع الدول مراعاتها.

ومن الطبيعي انه في الوقت الذي يدعو فيه العراق دول العالم الى عدم التدخل في شؤونه وانتهاك سيادته، فانه يتعين على بغداد أن تحرص بأن لا يتحول العراق الى منصة لتهديد الدول الاخرى وفي مقدمتها دول الجوار، العراق والعراقيون بلغوا من النضج السياسي الى المستوى الذي يؤهلهم فيه تحديد ما الذي ينفعهم من الذي يضرهم، وعلى هذا الاساس فانهم يحددون أولوياتهم وينظمون علاقاتهم مع الدول الصديقة.

بقلم... صالح القزويني

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة