بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد واله الطاهرين ..حياكم الله وأهلا بكم إلى نهج الحياة .. بعد الانتهاء من شرح سورة فاطرالمباركة نبدء بتوفيق من الله تعالى بشرح ميسر لسورة يس المباركة التي وصفت في الروايات بقلب القران وهي تحتوي على 83 آية و تتحدّث عن التوحيد والمعاد والوحي والقرآن والإنذار والبشارة . في البداية ننصت خاشعين إلى تلاوة الآيات الأربع الأولى من هذه السورة المباركة:

يس ﴿١﴾ 

وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ﴿٢﴾

 إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴿٣﴾

 عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿٤﴾

تبدء السورة بالحروف المقطعة وجرى الحديث عنها سابقا من جملته أنّ هذه الكلمة (يس) تتكوّن من "ياء" حرف نداء و "سين" أي شخص الرّسول الأكرم (ص)، وعليه فيكون المعنى أنّه خطاب للرسول (ص)لتوضيح قضايا لاحقة. وقد ورد في رواية عن الإمام الصادق (ع) أنّه قال: "يس اسم رسول الله (ص) والدليل على ذلك قوله تعالى: (إنّك لمن المرسلين على صراط مستقيم)

بعد هذه الحروف المقطّعة - وكما هو الحال في أغلب السور التي تبتدى بالحروف المقطّعة- يأتي الحديث عن القرآن المجيد، فيورد هنا قَسَماً بالقرآن، إذ يقول: (والقرآن الحكيم). الملفت للنظر أنّه وصف "القرآن" هنا بـ "الحكيم"، في حين أنّ الحكمة عادةً صفة للعاقل، كأنّه سبحانه يريد تعريف القرآن على أنّه موجود حي وعاقل ومرشد، يستطيع فتح أبواب الحكمة أمام البشر، ويؤدّي إلى الصراط المستقيم الذي تشير إليه الآيات التالية.

بديهي أنّ الله سبحانه وتعالى ليس بحاجة لأنّ يقسم، ولكن الأقسام القرآنية تتضمّن- دائماً- فائدتين أساسيتين: الاُولى التأكيد على الموضوع اللاحق للقسم، والثانية بيان عظمة الشيء الذي يقسم به الله تعالى، إذ أنّ القسم لا يكون عادةً بأشياء ليست ذات قيمة. أضف إلى ذلك أن هذا القسم جاء في مقابل التهم التي وجهها المشركون إلى النبي الأكرم حيث وصفوه بالشاعر والمجنون و الساحر .

الآية التالية توضّح الأمر الذي من أجله أقسم الله تعالى في مقدّمة السورة الكريمة: (إنّك لمن المرسلين على صراط مستقيم). وصف الرّسول الأكرم (ص) بأنّه (على صراط مستقيم)، بمعنى أنّ محتوى دعوته يتّضح من سبيله القويم، وماضيه أيضاً دليل على أنّه لم يسلك في حياته سوى الطريق المستقيم.فالطريق المستقيم ليس الطريق الذي يصل الانسان إلى المقصود منه بعد طيه بل هو الطريق الذي يصل في كل جزء منه إلى المقصد مثل التعلم ، فكلما تقدم الإنسان فيه وصل إلى مقدار ونصيب منه .

نستلهم من هذه الايات معاني ودروسا نذكر منها:

• لا طريق للباطل إلى القران الكريم فهو محفوظ ومحكم و ثابت .
• إن الله يقسم بالقران الكريم وهذا ما يكشف عن عظمة القران وقدسيته .
• لمواجهة التهم لا بد من الدفاع التام ، و من كافة الجوانب وبالشكل السليم .
• لم يكن رجال الله على مر التاريخ لوحدهم بل كان ملائكة الله إلى جانبهم ويسددونهم بأمر الله .

نستلهم من مجموع هذه الآيات أن للوصول إلى النجاح ولابد من توافر أمور ثلاثة هي البرنامج المدون و القائد و الطريقة و هذه الأمور متمثلة في القران الكريم والنبي المرسل والصراط المستقيم .

ينبغي أن تكون العقيدة مبنية على العلم و الحكمة فالقران حكيم والرسول هو الذي يعلم الناس الحكمة .

إلى هنا وتنتهي هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة نلقاكم بتوفيق من الله في حلقة قادمة إن شاء الله تعالى . حتى ذلك الموعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.