بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأزكى التسليم على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
حضرات المستمعين الكرام، السلام عليكم وأهلاً بكم في حلقة أخرى وجديدة من برنامج (نهج الحياة) لا نزال وإياكم في رحاب سورة الشعراء حيث نقدم تفسير آيات أخرى منها ونبدأ بالآيات 78 الى 80 نستمع الى تلاوتها أولاً:
الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ ﴿٧٨﴾
وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ ﴿٧٩﴾
وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴿٨٠﴾
حضرات المستمعين، منذ عدة آيات سبقت التي استمعتم لها قبل قليل تتحدث هذه السورة عن النبي إبراهيم (ع) وهو الذي دعا قومه الى عقيدة التوحيد ترك عبادة الأصنام وفي هذه الآيات يبين إبراهيم (ع) الفرق بين الله تعالى شأنه الخالق المتعال والآلهة المزيفة التي لا تضر ولا تنفع.
فالله جل جلاله يهدي عباده الى سبيل الرشاد ويبين لهم الحق من الباطل وهذا ما تعجز عنه الأصنام مثلما تعجز عن الخلق، في حين أن يد قدرة الله تعالى مبسوطة في الخلق.
خلق الكون والإنسان وعلمه والبيان ويقول إبراهيم (ع) لقومه أن ربي يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو حي لايموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير.
أجل إن ربي بيده رزقي وإذا مرضت فهو يشفين وهو متكفل بكل أموري. وبذلك فإن سيدنا إبراهيم قدم لقومه درساً في التوحيد الذي فيه سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة.
ويستفاد من النص المفسر ما يلي:
- بعد نعمة الخلق تأتي نعمة الهداية وهي أكبر هدية للبشرية.
- إن الدواء هو علاج الداء لكن بإذن الله تعالى فهو تعالى شأنه الشافي المعافي.
ويقول تعالى في الآيتين 81 و 82 من سورة الشعراء:
وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ ﴿٨١﴾
وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ﴿٨٢﴾
إذا كان حديث سيدنا إبراهيم (ع) في الآيات السابقة حول الدنيا وحياة الإنسان فيها فإنه (ع) في هذه الآيات أبان لقومه والحقيقة للناس كافة درساً ثراً آخراً في التوحيد وهو أن الخالق الأحد جعل للإنسان حياتين؛ الحياة الدنيا والحياة الآخرة.
وعلم إبراهيم (ع) أن الحياة الدنيا لابد لها من زوال وأن الحياة الآخرة هي الأبدية وإن مات الإنسان فإن حياته لا تنتهي بموته، بل ينتقل من دار الى أخرى وإن الإنسان في الدار الآخرة يرى نتاج عمله إن خيراً فخير وإن شراً فشر وكل نفس بما كسبت رهينة.
وعلى لسان إبراهيم (ع) يتضح مدى رحمة المليك العلام رب العالمين الذي يعفو ويغفر لعباده وهو العفو الغفور.
إن الأنبياء (ع) معصومون من الخطأ والزلل لكنهم إن طلبوا العفو والمغفرة من الله فإن طلبهم يأتي لكسب رضى الله عنهم.
والآن لنرى ما في الآيات التي فسرت من دروس فهي:
- في الرؤية الإلهية الكونية فإن الموت ليس نهاية الحياة، إنه بوابة حياة أخرى.
- كل الناس والأنبياء (ع) يأملون رحمة الله ورضوانه.
- إن طلب المغفرة من ذات الكريم المنان هو أسلوب الأنبياء ونهجهم ولهذا علينا أن نسير على هذا النهج القويم.
- الحاجات المادية والمعنوية في حياة الإنسان تطلب من الله تعالى شأنه، إنه تبارك وتعالى مصدر الفيض والرحمة والرضوان.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا على الدوام في هداية ورشاد ونسير على صراطه المستقيم. آمين يا رب العالمين.
حضرات المستمعين الأفاضل..
هكذا وصلنا الى نهاية هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
في الحلقة القادمة سنتابع تفسير آيات أخرى من سورة الشعراء.
الى اللقاء والسلام خير ختام.