فكيف نجح مشروع "قل عن إيران" في إيصال هذه الصورة الواقعية إلى شعوب العالم؟

قبل فترة، تناولنا في تقرير سابق كيف تقوم وسائل الإعلام الغربية بتضليل الرأي العام عبر تشويه متعمد لصورة إيران، وأكدنا أنّ تجربة الإعلاميين والسياح الأجانب الذين يزورون البلاد تمثل فرصة لإحداث توازن نسبي في هذه الحرب الإعلامية، وتساهم في إعادة رسم الصورة الحقيقية لإيران على الساحة الدولية.
وفي هذا الإطار، اطّلعنا على تفاصيل المشروع الوطني "قل عن إيران" الذي أطلقته منظمة الثقافة والعلاقات الإسلامية بالتعاون مع عدد من المؤسسات، بهدف تقديم رواية إعلامية أصيلة ومؤثرة عن إيران وثقافتها ونهضتها العلمية والحضارية.
في إطار هذا المشروع، زار أكثر من 170 ناشط إعلامي وصانع أفلام وثائقية من 28 دولة الجمهورية الإسلامية، واطّلعوا عن قرب على الطبيعة الخلابة، والمعالم التاريخية، والتقدم العلمي والتقني، ثم نقلوا هذه المشاهدات عبر وسائل الإعلام ومنصاتهم الشخصية، لتقديم صورة واقعية عن إيران إلى العالم.

ذروة تأثير المشروع في مواجهة العدوان الصهيوني
وقد برزت ثمار هذا المشروع بشكل واضح خلال الحرب الصهيونية الأخيرة، حيث قام إعلاميون ومؤثرون من دول عدة، من بينهم اليونان وصربيا وتونس والبوسنة وأرمينيا والهند ولبنان وإندونيسيا والجزائر وباكستان وبنغلادش، ممن سبق لهم زيارة إيران ضمن هذا البرنامج، إلى جانب آخرين تزامن وجودهم في البلاد مع أيام الحرب، بدعم إيران والتنديد بعدوان الكيان في فضاء الإعلام ومنصات التواصل العالمية.

"سأسافر إلى إيران حتى لو كانت تحت القصف!"
من أبرز هذه الشهادات، كانت شهادة الإعلامي التونسي المعروف "علاء الشابي"، الذي تحدث من على شاشة أحد أكثر البرامج مشاهدة في تونس عن زيارته لإيران خلال الحرب، قائلاً:
"القصف كان مستمراً، لكن الناس يواصلون حياتهم بشكل طبيعي. الشوارع مليئة بالحركة، والحياة لم تتوقف. شعب شجاع حقاً."
وأضاف: "إيران بلد متحضر، ومتفوق علمياً وصناعياً. البنى التحتية فيها لا تقلّ عن فرنسا أو بولندا أو ألمانيا."
وختم بالقول إنه مستعد لزيارة إيران مجدداً، حتى في ظل الحرب، لاكتشافها بشكل أعمق.

روايات أخرى من قلب الميدان
أعضاء آخرون من الوفد الإعلامي التونسي أعدّوا تقارير من داخل المدن الإيرانية حول استمرار الحياة اليومية، وجهوزية الدفاعات الجوية، واستهداف الاحتلال الصهيوني للمناطق السكنية.
"أمريكا والكيان .. رمز الشر"
الصحفية الصربية "رانكا ياكشيچ"، التي سبق أن زارت إيران ضمن المشروع، أعادت نشر وثائقي عن رحلتها إلى إيران على قناتها في يوتيوب، وكتبت على صفحتها في فيسبوك:
"إيران وحدها صرخت من أجل أطفال غزة، فيما صمت العالم. هذه الرحلة تذكرنا بأن الحضارة لم تبدأ بأمريكا والكيان، وهما لا يؤمنان بشيء سوى المال والسلاح."
أسئلة بسيطة من إعلامية يونانية تقلب المعادلة
الناشطة الإعلامية اليونانية "لامبريني توما" طرحت عبر منشور لها أسئلة وصفتها بـ"البسيطة"، لكنها كاشفة:
من يمتلك سلاحاً نووياً وأسلحة دمار شامل؟
من لا يوقّع على اتفاقيات حظر الانتشار النووي؟
من يرفض الرقابة الدولية على منشآته النووية؟
من يحاكم قادته بتهم جرائم ضد الإنسانية؟
من يرتكب إبادة جماعية أمام أعين العالم منذ أكثر من عام ونصف؟
وكانت إجاباتها واضحة: إسرائيل، لا إيران.
تغطية لحظة بلحظة من صحفي إسباني
الصحفي الإسباني "كارلوس باز" قام بنشر عشرات التغريدات والمشاركات الإعلامية دعماً لإيران، أحدها تجاوز 211 ألف مشاهدة، كما شارك عبر قناة El Toro TV ذات الشعبية الواسعة، في برامج وتحليلات تنتقد العدوان وتدعم موقف إيران المشروع.
الإعلام الباكستاني في صف إيران
في باكستان، تحرك عدد من الإعلاميين في جبهة إعلامية داعمة لإيران. "مظهر بارلاس" من راولبندي غرّد قائلاً: "إسرائيل خسرت الحرب. الآن أمريكا تحاول إنقاذها."
وفي مقابلة على شبكة GNN الباكستانية التي يتابعها أكثر من 3.6 مليون شخص، عبّر عن دعمه الكامل لإيران.
في الوقت ذاته، غطّى "هرميت سنگ" الحرب على قناته التي يتابعها أكثر من 520 ألف مشترك، بينما قدّم "أويس رباني" من كراتشي تغطية مباشرة ومدعومة بالمعلومات عبر قناته على يوتيوب، وشارك "سيد زين نقوي"، مؤسس مشروع The Narrative، في تحليلات متعددة تناولت أبعاد الحرب وأهدافها.
الإعلام المقاوم .. قوة ناعمة لإيران
لقد أثبت مشروع "قل عن إيران" أنه أداة فاعلة في مواجهة الحصار الإعلامي وتحريف الحقيقة. فحين يتم نقل الصورة من قبل شهود عيان ومن داخل الميدان، فإن وقعها في الإعلام الدولي يكون أكثر مصداقية وتأثيراً.
ما شهدناه خلال الحرب الأخيرة يُظهر أهمية الاستثمار في الدبلوماسية الإعلامية والشعبية، ويبرهن أن الكلمة الصادقة، حين تُروى بأمانة من أصحاب التجربة، قادرة على كسر الرواية المفبركة، وتقديم وجه إيران الحقيقي كدولة مقاومة، مستقرة، ومتقدمة.
"قل عن إيران"... لأن الرواية الصادقة هي سلاح في معركة الوعي.