جاء ذلك خلال لقائه صباح اليوم برئيس السلطة القضائية وكبار مسؤوليها ورؤساء الدوائر العدلية في البلاد، حيث تناول سماحته بالتحليل الجهود الكبيرة التي بذلها أبناء الشعب الإيراني في التصدي للحرب المفروضة الأخيرة، ونجاحهم في إحباط مؤامرات المعتدين ومخططاتهم الخبيثة.
وقال قائد الثورة: "إن الجهود العظيمة التي بذلها الشعب في حرب الإثني عشر يوماً كانت ثمرة العزم والإصرار والثقة الوطنية، لأن روح البقاء والاستعداد لمواجهة قوى الغطرسة، وعلى رأسها أمريكا وكلبها المأسور، الكيان الصهيوني، تحظى بأهمية بالغة".
وأشار سماحته إلى أن إيران اليوم لا تهاب القوى المستكبرة، بل أصبحت في موقعٍ تخشاها فيه هذه القوى، مؤكدًا أن هذه الروح الوطنية هي مصدر فخر وعزة، وتمكّن البلاد من مواصلة طريقها نحو تحقيق الطموحات الكبرى.
كما شدد قائد الثورة الإسلامية على أن الشعب الإيراني لا يمكن أن يُظهر الضعف في أي ساحة، مؤكدًا أن الجمهورية الإسلامية تمتلك أدوات المنطق والقوة، وأنها تدخل كل مجال – سواء سياسي أو عسكري – وهي مزوّدة بالتوفيق الإلهي.
وفي إشارة إلى الحرب الأخيرة، أوضح سماحته أن الجمهورية الإسلامية لم تكن من دعاة الحرب، لكنها ردّت بقوة وحسم على كل عدوان، مضيفًا: "الرد على الهجوم الأمريكي جاء نحو مركز حساس للغاية في المنطقة، وستتضح أبعاده لاحقًا بعد رفع الرقابة عن الأخبار. وبالطبع، لا تزال في جعبتنا ضربات أكبر يمكن توجيهها".
وأشار قائد الثورة إلى أن العدو راهن على زعزعة النظام من خلال الهجوم على شخصيات ومراكز حساسة وتحريك العملاء النائمين، لكنه فشل، موضحًا أن الشعب الإيراني كشف هذه المؤامرة ووقف داعمًا للنظام، في مشهد عكس كل حسابات الأعداء، التي اتضح أنها كانت غير صحيحة.
واعتبر سماحته أن ما شهده الداخل الإيراني من تلاحم بين مختلف التيارات الفكرية والسياسية والدينية، وحتى المتعارضة منها، شكّل نموذجًا ناصعًا للوحدة الوطنية، مؤكدًا أن على جميع فئات المجتمع – من الصحفيين والمسؤولين إلى أئمة الجمعة والعلماء – العمل من أجل حماية هذه الوحدة وصونها.
وأوضح سماحته أن الاختلافات السياسية والدينية لا تتعارض مع الوقوف صفًا واحدًا دفاعًا عن البلاد، مؤكدًا أن من مقتضيات الحفاظ على هذه الوحدة توضيح الحقائق ودرء المغالطات دون الانشغال بالاعتراضات والجدالات الهامشية.
كما شدد قائد الثورة على أهمية تجنّب التصعيد والانقسام وتشكيل الفصائل، قائلاً: "الوطن بحاجة إلى حماس شبابه، ولكن دون نفاد صبر أو احتجاجات غير مدروسة".
وفي توصيته الأخيرة، دعا قائد الثورة الإسلامية الأجهزة العسكرية والدبلوماسية إلى مواصلة عملها بقوة ووعي، مع التأكيد على أهمية التوجّه السليم، خاصةً في الحقل الدبلوماسي الذي يتطلب دقة وحرصًا بالغين.
كما أشار سماحته إلى مشروعية النقد، لكنه شدد على ضرورة أن يكون قائمًا على العلم والمعرفة، قائلاً: "لا مانع من الاعتراض، لكن يجب أن يتم بأسلوب لائق وبعد البحث والتدقيق، لأن بعض ما يُنشر في الإعلام يكون ناتجًا عن جهل ويضرّ أكثر مما ينفع".
وأكد آية الله خامنئي أن النصر حليف الأمة الإيرانية ما دامت متمسكة بالإسلام والقرآن، مستشهدًا بقول الله تعالى: "والله لا ينصر من ينصره"، مضيفًا: "إن الله قد ضمن النصر لشعبنا، وهذه الحقيقة حتمية".
وفي جانب آخر من كلمته، أثنى سماحته على أداء رئيس السلطة القضائية والعاملين فيها، واصفًا الإجراءات المتخذة بالجيدة والمُرضية، مع التأكيد على ضرورة استكمال الأعمال غير المنجزة والمتابعة المستمرة لتفعيل القوانين بشكل كامل.
كما شدد قائد الثورة على أهمية متابعة الجرائم التي ارتكبها الكيان الصهيوني خلال العدوان الأخير، مشيرًا إلى وجود تقصير في الملاحقات القانونية السابقة، داعيًا إلى التحرك القضائي الجاد على المستويين المحلي والدولي.
وأوضح سماحته أن جميع توصياته للسلطة القضائية يجب أن تصبّ في تعزيز ثقة الشعب بها، وقال: "يجب أن يشعر كل من تعرّض للظلم في أي منطقة من البلاد أن القضاء هو ملاذه، وأن العدالة في متناول يده".
وأشار إلى أن محاربة الفساد، داخل القضاء وخارجه، ضرورة لا بد منها لبناء الثقة والأمل في نفوس المواطنين.
وفي بداية اللقاء، أكد رئيس السلطة القضائية، حجة الإسلام والمسلمين محسني إيجئي، أن فشل العدو في تحقيق أهدافه خلال العدوان الأخير كان نتيجةً ليقظة الشعب وقيادة سماحة قائد الثورة، مشيرًا إلى أن ما تحقق يُعد صفحة ذهبية جديدة تُضاف إلى سجل الشرف الوطني.
وأوضح إيجئي أن القضاء قطع خطوات مهمة في تحديث وثيقة نقل السلطة، وتطبيق قانون الوثائق غير المنقولة، وتحسين التفاعل مع الأجهزة التنفيذية، وتسريع معالجة القضايا، وزيادة الحلول السلمية للنزاعات، مشددًا على الاستمرار في هذا النهج خدمةً للشعب والدستور.