البث المباشر

تفسير موجز للآيات 77 الى 78 من سورة الحج

الإثنين 16 مارس 2020 - 11:55 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 600

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

السلام عليكم حضرات المستمعين الكرام وأهلاً بكم في حلقة أخرى من برنامج نهج الحياة؛ لا زلنا في رحاب سورة الحج المباركة وسنقدم تفسيراً لآيات أخرى منها، والبداية من الآية السابعة والسبعين.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ۩ ﴿٧٧﴾

إن الآيات الأخيرة من سورة الحج، تتضمن سلسلة من الأوامر الإلهية ذات العلاقة بالعبادات والأخلاقيات والإجتماعيات، فإن الباري جل شأنه أكد على الركوع والسجود له وهما الأجزاء الرئيسة للصلاة في الإسلام، ثم من بعد ذلك يأتي الحديث حول العبودية لله تعالى التي هي الأساس في كل العبادات، ومن الجدير أن نذكر أن العبادة في القرآن الكريم وردت في معنيين عام وخاص.

ومن العبادات الخاصة التي أمر الله المؤمنين بها الصلاة اليومية وسائر الصلوات الواجبة والمستحبة وصيام شهر رمضان من كل عام وحج البيت الحرام لمن استطاع إلى ذلك سبيلاً.

أما العبودية لله بمعناها العام فليست خاصة بزمان دون زمان أو مكان دون مكان بل هي معيار الإيمان على الدوام؛ وعلى سبيل المثال يتجلى الإيمان خارج إطار العبادات في المعاملات فالمؤمن من يجتنب المحرمات من المعاملات ويلتزم بالأحكام الخاصة بها ويسعى للإبتعاد عن المحرم والمكروه منها، وهناك من المعاملات كذلك ما هو مباح ومستحب.

أجل.. إن الإسلام وخلافاً لسائر الآيات ليس مجرد طقوس وعبادات بل يعتني بكل شؤون الحياة، إن في طلب العلم وتحصيل الرزق والسير على منهج الحياء والعفة يتضح الإيمان بالله جل جلاله، ولا ينبغي للإنسان أن يغفل عن ذكر الله في كل وقت، بل لابد من ذكر الله على الدوام فبذكره تطمئن القلوب وتسكن النفوس.

وفي الآية دعوة إلى عمل الخير والإحسان للآخرين، ولا ريب ولا شك أن إقامة العبادات وعمل الخيرات فيه سعادة الإنسان في الدارين وفلاحه ونجاحه.

والمستفاد من هذا النص الشريف:

  • إن الصلاة وإن كانت خير الأعمال إلا أنها جزء من الإيمان وهي ليست الإيمان كله.
  •  إن عبادة الخالق لابد أن تكون مقرونة بخدمة المخلوق إذ في ذلك رضا الله تعالى وفقنا الله تعالى وإياكم لمراضيه.

والآن نستمع إلى تلاوة الآية الثامنة والسبعين من سورة الحج المباركة:

وَجَاهِدُوا فِي اللَّـهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَـٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّـهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴿٧٨﴾

إن هذه الآية هي آخر آية في سورة الحج الشريفة وفيها أوامر إلهية وضاءة تنير حياة الإنسان المؤمن، فهي تتضمن دعوة إلى إشاعة تعاليم الدين الإسلامي الحنيف والعمل بها، وفي العمل في سبيل الله تشترط فيه الإخلاص بأن يكون العمل بعيداً عن الرياء مثلاً والمراد من الجهاد في هذه الآية جهاد الكفار وجهاد النفس والمعبر عنها في النصوص الدينية بالجهاد الأصغر والجهاد الأكبر.

فتذكر الأحاديث النبوية أن الرسول الأكرم – صلى الله عليه وآله – وبعد عودة نفر من المسلمين من جهاد الكافرين، أوضح معنى الجهاد الأصغر والجهاد الأكبر حين عد الثاني بأنه جهاد النفس لأنها حسب الروايات أعدى أعداء الإنسان.

وفي الآية إشارة إلى أنه الإسلام هو دين الفطرة السليمة، أليس النبي (ص) يقول [بعثت بالحنيفية البيضاء ظاهرها كباطنها].

إن من مصاديق سهولة التشريع وعدم التكليف بما لا يطاق إتيان العبادة بأي شكل يلائم وضع الإنسان بما ليس في حرج على المريض والضعيف والمسافر وإن الصوم ليس بواجب على من لا يقدر عليه وأن الحج لمن عنده القدرة البدنية والمادية لأن المحور الأساس في التكليف هو أن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها.

والدروس المستقاة من هذا النص ثلاثة هي:

  •  ينبغي أداء العبادات من دون كسل.
  • لابد من عرض الدين للناس بسماحته وسهولته وكما هو.
  • لا فائدة من إيمان من دون عمل، ولمثل هذا فليعمل العاملون.

 

حضرات المستمعين الأفاضل هكذا إنتهى تفسير آيات سورة الحج المباركة واعتباراً من الحلقة القادمة سنبدأ بإذن الله تفسير سورة المؤمنون.

حتى لقاء جديد نتمنى لكم أوقاتاً عامرة بالطاعات والسلام خير ختام.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة