البث المباشر

تفسير موجز للآيات 79 الى 82 من سورة الكهف

الثلاثاء 3 مارس 2020 - 03:03 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 514

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على حبيبه وخيرته من خلقه نبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، أعزائي المستمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، معكم في لقاء آخر من هذا البرنامج نستمع فيه أولاً لتلاوة عطرة للآية 79 من سورة الكهف، فلننصت إليها خاشعين:

أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا ﴿٧٩﴾

ذكرنا في الحلقة الماضية ثلاثة إجراءات غريبة صدرت عن الخضر (ع) فلم يتحمل موسى (ع) السكوت عنها واعترض عليه، فأخبره الخضر أنه يجب أن يفارقه وإنه لا يمكنه المضي معه، ولكن قبل أن يفارقه أراد أن يوضح له الحكمة من وراء كل فعل فعله؛ بخصوص السفينة التي ركبا فيها، بين له أن عدة مساكين قد تشاركوا واشتروها كي ينقلون بها المسافرين في البحر، وإن الخضر (ع) كان يعلم أنه في الساحل الثاني للبحر كان هناك حاكم ظالم يأخذ السفن السالمة ظلماً وعدواناً من أصحابها، لذا فإنه قام بخرق السفينة ليعيبها كي لايرغب بها الحاكم ولا يأخذها منهم، وبإمكان أصحابها أن يعمروها فيما بعد، وكأنه قال موسى (ع) ما مؤداه: رأيت أنت ظاهر عملي (وهو التخريب)، وأنا كنت أفكر في عاقبة الأمر وهي حفظها لهؤلاء المساكين وقطع يد الملك عنها.

طبعاً من الواضح أن الخضر (ع) لم يخرق السفينة بشكل يؤدي الى غرق المسافرين، ولكنه أراد فقط أن يعيبها كي لا يأخذها منهم الملك، وهذا من مصاديق دفع الأفسد بالفاسد وهو عمل عقلاني.

من هذه الآية نستنتج:

  • الإنسان الحكيم لا يتوقف عن إنجاز عمله الصحيح، حتى إذا إعترض عليه الآخرون.
  • أولياء الله يحبون المحرومين والمساكين ويساعدونهم في سبيل حفظ أموالهم من الغاصبين.
  • رعاية المهم والأهم أمر واجب، وأحد مصاديقها دفع الأفسد بالفاسد.

 

والآن أيها الأخوة والأخوات لننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة الآيتين 80و81 من سورة الكهف:

وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴿٨٠﴾

فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ﴿٨١﴾

النبي موسى (ع) كان مرسلاً من قبل الله عزوجل ليعمل على أساس الأحكام الشرعية الظاهرية، لذا لم ير أن قتل هذا الفتى كان جائزاً شرعاً لأن هذا الفتى لم يرتكب ذنباً يستحق العقاب، فكيف بالقتل، وكان يرى أن عمل الخضر (ع) هو بمثابة القصاص قبل الجريمة، ولكن إذا آمنا أن الله خالق ومالك كل الكائنات وله الحق أن يقضي على أحد وعلى أساس حكمته، وقد أمر الخضر (ع) بتنفيذ أوامره وحكمته لأنه يعلم أن هذا الفتى سيكون كافراً في المستقبل، وطبعاً طبقاً للروايات، أن الله أراد أن يبدل هذين الوالدين ولداً آخر طاهراً مؤمناً بدل هذا الولد السيء العاقبة.

من هاتين الآيتين نستنتج:

  • إن موت الإبن، أفضل بكثير من أن يفقد إيمانه ويكفر ويطغى في الأرض.
  • عندما يأخذ الله سبحانه وتعالى من المؤمن شيئاً، لاشك أنه سيهبه خيراً منه، إذاً يكونون مؤمنين وطاهرين ومحبين لوالديهم رحماء بهم.

 

والآن أيها المستمعون لننصت خاشعين لتلاوة عطرة للآية 82 من سورة الكهف:

وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۚ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ۚ ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا ﴿٨٢﴾

ذكرنا في الآية السابقة أن الخضر (ع) أمر بقتل ولد لحفظ إيمان والديه، والآن وفي هذه الآية، فإن رحمة الله شملت ولدين لأن أبوهما كان مؤمناً وصالحاً ولهذا أمر الله عزوجل الخضر لحفظ أموالهما من أن يستول عليها غيرهما.

أهم مقطع في هذه الآية هو (وما فعلته عن أمري)، أي الخضر (ع) يخبر موسى (ع) أن ما فعله إنما كان بأمر الله وليس بعلمه وتشخيصه.

نعم، فكما أن الملائكة تفعل ما يأمرها الله فيما يخص أمور عباد الله وحياتهم وموتهم، كما قرر الله لهم، ففي هذه القصة إنما فعل الخضر (ع) ما فعل كي يدرك نبي كموسى (ع) أن أمور الخلق كلها بيد الله جل وعلا وتخضع لمشيئة الله وحكمه.

من هذه الآية الكريمة نستنتج:

  • إن ادخار الأموال للأولاد جائز، وحفظ أموال اليتامى واجب.
  • إن أعمال الوالد الحسنة ستؤثر على مستقبل أولاده ولا تمحى آثار أعماله الحسنة بموته.
  • إن حوادث الحياة الحلوة والمرة، كلها لها حكمة خافية عن أعيننا، لذا يجب علينا أن لانعترض على إرادة الله.

 

الى هنا أعزائي المستمعين نأتي الى نهاية هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة على أمل اللقاء بكم في الحلقة المقبلة نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.ِ

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة