البث المباشر

تفسير موجز للآيات 67 الى 73 من سورة الكهف

الثلاثاء 3 مارس 2020 - 02:49 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 512

بسم الله الرحمن الرحيم خالق الخلائق أجمعين والصلاة والسلام على حبيب إله العالمين سيدنا ونبينا أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين،أعزائي المستمعين أسعد الله أوقاتكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلاً بكم الى حلقة أخرة من برنامج نهج الحياة حيث نواصل تفسير سورة الكهف، فلننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة عطرة للآيتين 67و68 منها:

قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴿٦٧﴾

وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا ﴿٦٨﴾

إن النبي موسى (ع) أراد لقاء الخضر (س) كي يكتسب منه العلوم الإلهية وأمور الغيب ويتعلم منه بعض ما علمه إياه الله عزوجل، لذا بدأ بالبحث عنه حتى عثر عليه بعد حادث وقع له.

وتخبرنا هاتان الآيتان أن الخضر (ع) قد قال لموسى (ع) إنك لن تتحمل رؤية ما أفعله ولن تصبر عليه لأن الصبر على ما تجهل أسراره يكون صعباً جداً.

من هاتين الآيتين نستنتج:

  • على المعلم أن يعرف مستوى تلاميذه، وقد يرى أنه من الضروري أن يذكر لهم بعض المشاكل التي ستواجههم كي يكونوا مستعدين لملازمته، وفي الآيات اللاحقة سنرى أنه حتى موسى (ع) لم يتحمل أعمال الخضر.
  • في كثير من الأحيان يكون سبب الجدال وسوء الفهم، عدم اطلاع الأفراد على أفكار وأهداف بعضهم البعض.

 

والآن أيها الأخوة والأخوات لننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة الآيتين 69و70 من سورة الكهف:

قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴿٦٩﴾

قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ﴿٧٠﴾

أعلن النبي موسى (ع) استعداده لمرافقة الخضر (ع) بشرط أن لايعترض على أي عمل يقوم به الخضر –عليه السلام- على أي تصرف، وكذلك عدم قوله أي شيء أو السؤال عن أي شيء قبل أن يخبره بحكمته، وأن يكتفي بالنظر والسماع والإمتثال لأوامر الخضر (ع).

من هاتين الآيتين نستنتج:

  • إن وعدنا الآخرين بعمل شيء ما فلا ننسى التعقيب عليه بـ (إن شاء الله) ولا ننسى الإرادة الإلهية في كل آن ومكان.
  • أن نكون مطيعين لأولياء الله، ولا نعصي لهم أمراً، وإن لم نفهم الحكمة من تصرفاتهم فعلينا أن لا نعترض عليها.

 

والآن مستمعينا الكرام لننصت وإياكم خاشعين لتلاوة عطرة للآيتين 71الى73 من سورة الكهف:

فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا ۖ قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا ﴿٧١﴾

قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴿٧٢﴾

قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا ﴿٧٣﴾

نفهم من هذه الآيات والآيات اللاحقة أن تعليم الخضر لم يكن نظرياً وكلامياً، بل نوع من أنواع التعليم العملي في ظروف وأماكن مختلفة، وطبعاً لأن موسى (ع) لم يكن عالماً بالأسرار الكامنة في أعمال الخضر (ع)، فلم يستطع رؤية هذه الأعمال العجيبة وغير العادية والسكوت عليها مع أن سبق وأن وعده بعدم الإعتراض على أعماله، بل وحتى عدم السؤال عن أسبابها.

أول حادث وقع عندما ركبا في سفينة، فشرع الخضر (ع) ودون دليل أو سبب بثقب السفينة، وهذا العمل في الظاهر يؤدي الى ضرر وخسارة لأصحاب السفينة والى غرق المسافرين وهلاكهم، وهذا العمل –ظاهرياً- كان أيضاً مخالفة للشريعة وللعقل، بالإضافة الى أنه يعرض حياة كل من كان في السفينة، ومنهم موسى والخضر (ع).

النبي موسى (ع) لم يكن يتوقع من إنسان عادي الإقدام على هذا العمل، رأى هذا الذي أرسله الله ليعلمه، وبصفته معلماً إلهياً، يعمل هذا العمل العجيب، لذا نسي الوعد الذي وعده وهبّ ينهاه عن هذا الأمر المنكر، فما كان جواب الخضر إلا أن قال له؛ إنه كان يجب عليه السكوت وعدم التفوه بأي شيء، فخجل النبي موسى (ع) من الكلام الذي قاله وطلب منه أن يسامحه على الخطأ الذي بدر منه ولايطرده بسببه.

من هذه الآيات نستنتج:

  • إن أذعنا لعلم وحكمة أحد أولياء الله، فعلينا عدم الإعتراض على أعماله مهما بدت عجيبة بنظرنا، وننتظر حتى يتضح لنا الأمر، أو يفسره هو لنا.
  • لايجوز السكوت إزاء المنكر، إذاً اعتراض النبي موسى (ع) على ثقب الخضر السفينة كان صحيحاً بملاحظة ظاهر العمل، والإشكال الوحيد هو أنه جاء خلافاً للوعد الذي قطعه على نفسه.

 

أعزائي المستمعين إلى هنا نأتي الى ختام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة على أمل اللقاء بكم في حلقة مقبلة وتتمة لتفسير آيات لاحقة من سورة الكهف، نستودعكم الله والسلام عليكم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة