بسم الله الرحمن الرحيم أعزائي المستمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج نهج الحياة، والتي نبدؤها بتلاوة عطرة للآيتين 20و21 من سورة الرعد، فلننصت اليها خاشعين:
الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّـهِ وَلَا يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ ﴿٢٠﴾
وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّـهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ ﴿٢١﴾
الآيات السابقة شبهت المؤمن والكافر بالبصير والأعمى، ووصفت أهل الإيمان بأنهم أولي الألباب والحجى. وتستمر الآيات تصف أهل العقل والفطنة بأنهم يوفون بالعهد وتعني به العهد الإلهي، وتعتبر هذه الصفة من أهم صفات اولي الألباب. فهم لاينقضون عهودهم مع الله عزوجل، سواء كانت عهودا نظرية، كالإيمان ومراعاة العدل، أو كانت عهودا عقلية بالإيمان بالمبدأ والمعاد، أوكانت عهودا شرعية كرعاية الحلال والحرام.
ومن أهم العهود الإلهية معارضة الحكام الفاسدين وتأييد الحكام والأئمة الصالحين وطاعتهم؛ وطالما أقر الله سبحانه وتعالى الإمامة للصالحين والعادلين وحذر من جلوس الظالمين على مسند الحكم، كما قال في كتابه العزيز؛ لا ينال عهدي الظالمين؛ في سورة البقرة – الآية 124-.
ومن الصفات الأخرى التي يتمتع به أولو الألباب المحافظة على العلاقات العائلية (صلة ذوي الأرحام) والمذهبية التي أمر الله بحفظها، كالعلاقة بالمؤمنين الآخرين الذين اعتبرهم الله سبحانه وتعالى (أخوة الإيمان)، وصلة الرحم مع الأقرباء وهو نوع من العلاقة العاطفية والمالية وقضاء حوائجهم. لذا جاء في الروايات أن الإمام الصادق (ع) أمر أن يجتمع عنده ساعة وفاته جميع أقرباءه، وأمر بصلة لهم حتى لمن كان يبغضه (ع).
وآخر صفة لأهل الإيمان، الخوف من الحساب والخشية من الله. والخشية تعبر عن الخوف وما يداخل القلب من هيبة وعظمة الله جل وعلا أثر معرفته معرفة عميقة. وهذه حال العالم واللبيب.
من هاتين الآيتين نستنتج:
- من صفات المؤمن، المحافظة على العهود الإجتماعية.
- المحافظة على العلاقات العائلية وحل مشاكل الأقرباء وأخوة الإيمان، وهي مما أوصانا به ديننا.
والآن أيها الأخوة لننصت واياكم خاشعين الى تلاوة عطرة للآية 22 من سورة الرعد:
وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَـٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ ﴿٢٢﴾
ومن صفات ذوي الألباب المؤمنين، الصبر والثبات عند الشدائد وتنفيذ ما أمر الله به من تكاليف، ومن يريد أن يحظى برضا الله سبحانه وتعالى، عليه أن يثبت في هذا السبيل ويصبر ويبقى على طاعة الله ولا ينحرف عن هذا السبيل، وطبعا الصبر على طاعة الله لا فائدة منه دون القيام بالعبادات التي فرضها عزوجل علينا كأداء الصلاة. لذا جاء في القرآن الكريم: (واستعينوا بالصبر والصلاة...).
ومن صفات أهل الإيمان أيضا إعطاء الصدقات للمحرومين والمحتاجين والفقراء كل حسب ظروفه واحتياجاته في السر والعلانية، أي أن يفكروا بالفقراء على كل حال وفي كل وقت وآن.
وآخر صفة أشارت اليها هذه الآيات وتحظى بأهمية أخلاقية واجتماعية مؤثرة هي دفع الشر بالخير. وطبعا هذه القاعدة تصدق في حالة أخطأ أحد المؤمنين بحقنا وظلمنا وتصرف معنا تصرفا غير لائق. في هذه الحالة يجب أن نغض النظر ولا نبدي ردة فعل إزاءه. أما بالنسبة للظالمين والفاسدين فيجب أن نواجههم بشدة؛ وإن لم نفعل فإنهم سيكررون فعلتهم القبيحة مرات ومرات ويستمرون في التدعي علينا وظلمنا.
من هذه الآية نستنتج:
- الاسلام دين جامع وكامل ويهتم بجميع شؤون المسلم الفردية والاجتماعية والعاطفية والسياسية.
- لا يقبل الله من المؤمن علاقته به (صلاته وصومه ودعاءه) إلا أن يهتم بعلاقته مع الآخرين وتواصله مع الفقراء والمعوزين.
- أن حسن العاقبة في الدنيا والآخرة، لا ينالها إلا ذوي الألباب.
الى هنا أعزائي المستمعين، نأتي الى ختام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة.
على أمل اللقاء بكم في الحلقة المقبلة نستودعكم الله والسلام عليكم.