البث المباشر

تفسير موجز للآيات 20 الى 24 من سورة الانعام

الأحد 2 فبراير 2020 - 13:22 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 192

بسم الله الرحمن الرحيم اللهمّ لك الحمد حمد الشاكرين، وصلّ وسلم على حبيبك وخيرة خلقك المصطفى النبي الخاتم محمّد وعلى آله الطاهرين.

إخوة الإيمان في كل مكان السلام عليكم وأهلاً بكم في رحاب القرآن وحلقة جديدة من برنامج نهج الحياة لمتابعة تفسير سورة الأنعام المباركة.

من اجل ذلك نصغي أولاً للآية عشرين من السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم، أعوذ بالله من الشيطان الرحيم.

الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون

 

الآية وهي تماثل الآية مائة وستاً وأربعين من سورة البقرة، تشير إلى أن اليهود والنصارى الذين عاصروا نبيّ الإسلام كانوا يعرفونه حق المعرفة، كمعرفة المرء لابنه منذ الولادة. فهناك ذكر للنبيّ الخاتم ومواصفاته صلى الله عليه وآله في التوراة والإنجيل فضلاً عما كان يبشر به علماء أهل الكتاب باعتباره عليه وعلى آله الطاهرين الصلوة والسلام النبي الموعود.

(الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه)، أي: محمداً بنعته في كتابهم. (كما يعرفون ابناءهم) بغير اشتباه (الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون).

فلا يخال لهؤلاء أنهم بنكراهم الحق وعدم ايمانهم بالرسول وبرسالته يضرون الرسول ورسالته صلى الله عليه وآله. إنهم بنكراهم هذا لا يضرون إلا انفسهم ويحولون كذلك دون نموها وبلوغها الكمال المعنوي.

تفهمنا الآية:

  • عدم جدوى الإكتفاء بمعرفة الحق فحسب وانما اتباع الحق ولزوم العمل به... فكم من الناس من عرف نبيّ الإسلام... الا انهم لم يستجيبوا بدافع عنادهم ولجاجهم له ولرسالته صلى الله عليه وآله وسلم.
  • من وجهة نظر القرآن الكريم، لا يتمثل الضرر او الخسران في الماديات وامور الدنيا، وانما الخسران المبين والضرر الاكبر هو الضرر الروحي والمعنوي الذي يحرم صاحبه درك الكمال المعنوي والروحي.

والآن مع الآية إحدى وعشرين من سورة الأنعام المباركة:

ومن أظلم ممّن أفترى على الله كذباً أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون.

 

ثم بين سبحانه ما يلزم المشركين ومن كفروا بالحق وأنكروا رسالة النبيّ الخاتم (صلى الله عليه وآله) من التوبيخ والتهجين بالإشراك، قائلاً: (ومن أظلم ممّن آفترى على الله كذباً)، أي: ومن أكثر كفراً ممّن إختلق على الله كذباً فأشرك به جلّ وعلا الآلهة. وهذا إستفهام معناه الجحد، أي: لا أحد اظلم منه لأن جوابه كذلك.

فاكتفى من الجواب بما يدل عليه أو كذب بآياته، أي: بالقرآن ومحمّد ومعجزاته (إنّه لا يفلح الظّالمون)، أي: لا يفوز برحمة الله وثوابه ورضوانه ولا بالنجاة من النّار الظالمون. والظالم في الآية هو الكافر بنبوّة محمّد صلى الله عليه وآله المكذب بآياته الجاحد لها.

من هنا، نستدرك فنقول: المظالم الإجتماعية وتجاهل حقوق الغير- أمر مشين ومنبوذ للغاية- لكن مردّ كلّ ذلك هو ضرب من الشرك والكفر وهذا من شأنه التمهيد للإعتداء على حقوق الناس، فعباد الله المخلصون في عبوديتهم لله الواحد ويعملون بتعاليم ما جاء به رسوله لن يتجاوزوا حدودهم ويعتدوا على الآخرين- لعلمهم ان احترام حقوق الناس من أهمّ ما أوصت به أديان السماء.

ختام الآية تذكير للظالمين بأنهم لن ينالوا البر ولن يدركوا السعادة بافكارهم الباطلة وسوء أعمالهم هذه- فما للظلم- إلا عاقبة السوء.

تفهمنا الآية:

  • الشرك والكفر، أساس كل ظلم وعدوان... فالمشرك المفتقر للكمالات المعنوية لا يظلم نفسه ومجتمعه فحسب، وأنما يظلم كذلك كل الأنبياء والرسل لتجاهله عظمة رسالتهم والجهود المضنية وما يعانونه من مشاكسات ومشكلات في سبيلها، ولنأيه أيضاً عن طريق الرشاد.
  • الكذب، والتكذيب الحائل الاساس على طريق السعادة والفلاح.

نستمع الآن، للآية رقم اثنين وعشرين من سورة الأنعام المباركة:

 

ويوم نحشرهم جميعاً ثمّ نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون

 

وعنى سبحانه بـ (هم) في (ويوم نحشرهم جميعاً) من تقدم ذكرهم من الكفار لأنه جلّ جلاله يحشرهم يوم القيامة من قبورهم إلى موضع الحساب (ثم نقول للذين أشركوا اين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون) قيل إن المشركين إذا رأوا تجاوز الله تعالى عن الموحدين قال بعضهم لبعض إذا سئلتم فقولوا إنا موحدون فلما جمعهم الله قال لهم أين شركاؤكم، ليعلموا أن الله يعرف أنهم اشركوا به في دار الدنيا وانه لا ينفعهم الكتمان وقيل إن المشركين كانوا يزعمون أنّ آلهتهم تشفع لهم عند الله فقيل لهم يوم القيامة اين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون انها تشفع لكم توبيخاً وتبكيتا على ما كانوا يدعونه.

معنى تزعمون تكذبون. فكل زعم في كتاب الله كذب وفي هذه الآية دلالة واضحة على إثبات المعاد وحشر جميع الخلق.

تفيدنا الآية:

  • عدم الإتكال على شيء او أحد في الحياة الدنيا لعدم جدوى ذلك في الحياة الاخرة.
  • الشرك، ما هو إلا وهم وخيال... يتضح ذلك يوم القيامة.

نصغي وإياكم مستمعينا الأفاضل الآن للآيتين ثلاث وعشرين وأربع وعشرين من سورة الأنعام المباركة:

 

ثمّ لم تكن فتنتهم إلاّ أن قالوا والله ربّنا ما كناّ مشركين. أنظر كيف كذبوا على أنفسهم وضلّ عنهم ما كانوا يفترون.

 

ثم بين سبحانه جواب القوم عند توجه التوبيخ إليهم، فقال: (ثم لم تكن فتنتهم). الفتنة ههنا بمعنى الشرك والإفتتنان بالأوثان. والمراد بفتنتهم في الآية شركهم في الدّنيا وبالوهم وخيال مما يعبدون. وهذا القول في التأويل يعود لحذف المضاف لأن المعنى لم يكن عاقبة فتنتهم إلا البراءة منها بقولهم 0والله ربّنا ما كنّا مشركين) أي: ما كنا مشركين في الدنيا عند أنفسنا وفي إعتقادنا وتقديرنا وذلك أنّ المشركين في الدّنيا يعتقدون بانهم مصيبون فيحلفون على هذا في الآخرة. لذا يكون قولهم وحلفهم على وجه الصدق.

وقيل أيضاً إنما يحلفون على ذلك لزوال عقولهم بما يلحقهم من الدهشة عند مشاهدة تلك الأهوال. ويقول عز من قائل عند حلف هؤلاء (أنظر) يا محمّد (كيف كذبوا على أنفسهم) وهذا وان كان لفظ الإستفهام فالمراد به التنبيه على التعجّب منهم. ومعناه أنظر يا محمد إلى إخباري عن إفترائهم كيف هو. (وضلّ عنهم ما كانوا يفترون) أي: ضلّت عنهم أوثانهم التي كانوا يعبدونها ويفترون الكذب بقولهم هؤلاء شفعاؤنا عند الله غداً فذهبت عنهم في الآخرة فلم يجدوها ولم ينتفعوا بها. وقيل، إنّه عامّ في كل ما يعبد من دون الله انها تضل عن عابديها يوم القيامة ولا تغني عنهم شيئاً.

نعي من الآيتين:

  • لا العذر يجدي يوم القيامة ولا القسم – ولا الافكار الباطلة تنفع ولا قبول الحق والاقرار به.
  • لزوم تجنب ما يلزم أن نقول ضد أنفسنا ونشهد عليها وننكر أسلوبنا في الحياة.
  • زوال كل ما كان يتكل عليها الانسان في دنيا- يوم القيامة فما للإنسان من معتمد وناصر ومعين إلا الله الواحد القهار... فعلى الله يتوكل المتوكلون.

 

هكذا، مستمعينا الافاضل وصلنا لنهاية هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة.. فالى حلقة قادمة بعونه تعالى نرجو لكم أطيب الاوقات والسلام عليكم.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة