البث المباشر

تفسير موجز للآيات 77 حتى 79 من سورة النساء

الثلاثاء 28 يناير 2020 - 07:58 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 132

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله واله الغر الميامين. اسعد الله اوقاتكم  مستمعينا الكرام واهلاً بكم في حلقة اخرى من برنامج نهج الحياة.

 

يقول تعالى في الآية السابعة والسبعين من سورة النساء:

الم تر الى الذين قيل لهم كفوا يديكم واقيموا للصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال اذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله او اشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا اخرتنا الى اجل قريب قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا

يستفاد من تاريخ الرسالة الزاهر، ان المسلمين في بدايات البعثة وعندما كانوا في مكة تعرضوا الى ضغوط واذى المشركين كثيراً ومن هنا قدم من المسلمين نفر على رسول الله (ص) وقالوا له لقد كنا قبل الأسلام في عزة واحترام. لكنا اصبحنا مهانين والعدو يؤذينا على الدوام فاسمح لنا بالحرب من اجل استعادة عزتنا. لكن الرسول (ص) افهمهم انه لم يؤمر بعد من ربه بالقتال وطلب من المسلمين اداء واجباتهم الشرعية مثل الصلاة والزكاة.

وبعد 13 عاماً من البعثة النبوية اذن الله تعالى لرسوله بالهجرة من مكة المكرمة الى المدينة المنورة التي كانت تعرف من قبل ذلك بيشرب فهاجر النبي (ص) والمسلمون الى المدينة وفيها صدر الامر الالهي بالجهاد في سبيل الله وهنا اخذ جماعة من المسلمين يتذرعون وعن الجهاد يمتنعون فنزلت هذه الآية وانتقدت هذا النوع من التعامل المزدوج مع الأمور. ولهذه الأية مصاديقها في كل زمان ذلك اننا نلاحظ على الدوام من يسلك في تعامله طريق الأفراط وطريق التفريط... مثل هؤلاء في الحقيقة لا يريدون معرفة الواجب والتكليف الالهي وبالتالي اداءه.

ونتعلم من هذه الأية المباركة:

 ان احكام الدين مرحلية وتدريجية. لكن لا ينبغي ان يفهم من المرحلية اختصاحها بزمان دون آخر بل المراد بالمرحلية مرحلية نزول التشريع وتفيدنا هذه الآية كذلك ان نبتعد عن التعامل العاطفي مع المشاكل والقضايا الأجتماعية ولابد في مثل هذه الأمور من اتباع القادة العادلين الذين يتمتعون ببعد النظر وسعة الصدر والدراية الفائقة.

 

ويقول تعالى في الآيتين الثامنة والسبعين والتاسعة والسبعين من سورة النساء:

اينما تكونوا يدرككم الموت ولوكفتم في بروج مشيدة وان تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وان تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فما بال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً  ما اصابك من حسنة فمن الله وما اصابك من سيئة فمن نفسك وارسلناك للناس رسولاً وكفى بالله شهيد

في تفسير الآية السابقة ذكرنا ان جماعة من المسلمين وبسبب ضعف ايمانهم وجبنهم اعترضوا على الجهاد حينما نزلت الايات الداعية له وطلبوا تأخيره كل ذلك خشية من الموت و يأتي هذا النص القرآني ليبين ان الموت حتم على الأنسان وانه لا مفر منه حتى وان فر الانسان من الحرب وفي جانب آخر تتحدث هاتان الايتان عن التعامل السىء للمنافقين مع الرسول (ص) ذلك ان المنافقين اذا ما حدث الانتصار قالوا هذا من عند الله لكن اذا حلت الهزيمة القوا مسؤوليتها على النبي (ص).

ونتعلم من هذا النص:

اولاً: ان الموت امر محتم يرتبط بالأجل وليس بالدخول في الحرب والقتال فلماذا الهروب من الحرب والجهاد

ثانياً: الموت والحياة والمرارة والحلاوة كلها تجري على اساس حكمة الله تعالى

ثالثاً: الجمال والكمال من الله تعالى وان ذاته المقدسة منزهة عن كل عيب ونقص

رابعاً: الرسالة الخاتمة للنبي محمد (ص) رسالة جامعة عامة لكل بني الأنسان لا تخص زمان ما او مكان ما.

نسأل الله تعالى ان يوفقنا لمعرفة حقائق الوجودو ينأى بنا عن الخطا والزلل ويوفقنا للعلم والعمل انه حسبنا ونعم الوكيل والسلام على عباد الله الصالحين.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة