بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الصادق الأمين نبينا محمد واله الطاهرين السلام عليكم مستمعينا الأكارم، يسرنا ان نلتقي واياكم في حلقة اخرى من هذا البرنامج القرآني كونوا معنا بعد هذا الفاصل.
اعزاءنا المستمعين يقول تعالى السادسة والتسعين والسابعة والتسعين بعد المئة من سورة آل عمران المباركة:
لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل، ثم ماداهم جهنم وبئس المهاد
لو اتينا الى مقارنة بين الوضع الأجتماعي لدى الكفار والمؤمنين، لرأينا ان الكفار غالباً يعيشون في دعة وتنعم، وهنا قد يتبادر الى الذهن هذا السؤال وهو لماذا الأمر هكذا؟ لماذا يتنعم الكافر رغم كفره وظلمه؟ ولماذا تضيق بالمؤمن مشارب الحياة وهو الذي آمن بالله الواحد الأحد وتام بالعمل الصالح مثل هذا السؤال قد راود اذهان المسلمين في صدر الأسلام، حينما كانوا يرون مشركي مكة ويهود المدينة يشتغلون بالتجارة. اماهم فقد فقدوا اموالهم واملاكهم وكانوا اضافة الى ذلك داخل حلقة ضيقة من المقاطعة الاقتصادية التي فرضها الكفار المشركون عليهم.
ويأتي القرآن الكريم مجيباً على هذا السؤال ويقول لا تنخدعوا بما هو عند الكفار دماهم عليه، فمثل هذا الثراء امر محدود زمانياً كما ان ضنك عيش المؤمنين هو الآخر محدود ومؤقت ، كما ان الرفاه الدنيوي للكفار يقوم على اساس هش هو اساس الكفر والشرك وان عاقبته في الآخرة عذاب شديد.
لكن مع كل ما بيننا هناك نقطة لابد ان نلتفت اليها وهي ان السعي والمثابرة في الحياة توفران للأنسان وضعاً اجتماعياً واقتصادياً جيداً كافراً كان ام مؤمناً، كما ان الكسل والأنزواء والعزلة نتيجته الأخفاق المادي في الحياة سواء للمؤمن او للكافر اذن بعد هذا نستنتج ان سر نجاح الأنسان سعيه وسر فشله كسله، وليس هذا الأمر في طابعه العام مرتبط بالأيمان او الكفر.
واما الدروس التي نتعلمها من هذه الأية الشريفة فهي:
اولاً: لا ينبغي ان يغرنا الثراء فنتخلى عن ديننا وايماننا من اجل ثروة زائلة لامحالة.
ثانياً: ان رفاه الدنيا مثلها زائل وفي المقابل فأن نعم الآخره ابدية سرمدية نسأل الله تعالى ان يرزقنا منها انه هو الرزاق ذوالقوة المتين.
ويقول تعالى في الآية الثامنة والتسعين بعد المئة من سورة آل عمران:
لكن الذين اتقوا ربهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نزلاً من عندالله وما عندالله خير الأبرار
بعد ان بين القرآن الكريم وضع الكفار في الآخرة يأتي لبيان عاقبة الصالحين والمؤمنين حيث ان لهم الجنة يسكنونها في قصور جميلة بين اشجار مؤرقة باسقة وعيون ماء لذة للشاربين ومما نتحلمه هنا:
اولاً: ان شرط الأيمان والعمل التقوى والعمل الصالح والعمل الصالح من غير المتقي مفيد للمجتمع الا انه غير مفيد للأنسان ذاته في حياته الأخروية وان نفعه في الدنيا
ثانياً: ان الله تعالى يكافى المؤمنين بجنات النعيم فبعد ان قاس المومنون في الحياة الدنيا يهنأوون في الآخرة، حيث يستقبلهم القرآن الكريم بقوله: سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار.
ويقول تعالى في الآية التاسعة والتسعين بعد المئة من سورة آل عمران المباركة:
وان من اهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما انزل اليكم وما انزل اليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً اولئك لهم آجرهم عند ربهم ان الله سريع الحساب
بعد هجرة النبي الأكرم (ص) الى يثرب التي عرفت بعد ذلك بالمدينة المنورة، تعرف اليهود والنصارى الساكنون اطراف المدينة على الدين الجديد وهو الأسلام. كما ان البعض منهم قد اسلم كما ان النجاشي ملك الحبشة هو الآخر قد اسلم ويقال ان النبي (ص) والمسلمين قد استغفروا له وطلبوا من الله تعالى الرحمة له ونتعلم من هذا النص القرآني مايلي:
اولاً: في التعامل مع غير المسلم لابد من رعاية الأنصاف
ثانياً: الأيمان له قيمة اذا كان مقروناً بالخشوع في مقابل الله تعالى وبعيداً ومجرداً عن كل غرور وتكبر.
ويقول تعالى في الآية 200 من سورة آل عمران وهي الآية الأخيرة في هذه السورة المباركة:
يا ايها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون
تتضمن هذه الأية الشريفة اربعة امور مهمة هي الصبر والمصابرة والمرابطة والتقوى. وحيث ان الخطاب في هذه الاية موجه للمؤمنين نستنتج ان الصبر شرط من شروط الأيمان وكذلك من شروط الأيمان السليم الثبات والأستقامة امام حوادث الزمان وطوارق الحدثان والأستقامة المطلوبة من المؤمن امام هجمات الأعداء للنيل من الكيان الأسلامي لا قدر الله
حضرات المستمعين الأفاضل هكذا انتهينا بعون الله وتوفيقه من تفسير موجز لثالث سور القرآن الكريم وهي سورة آل عمران، واننا على موعد مع السورة الرابعة من الذكر الحكيم وهي سورة النساء المباركة.
حتى لقاء جديد نتمنى لكم العمر المفعم بالأيمان والتقوى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.