المناورات تستمر لمدة أربعة أيام تحت عنوان تعزيز الأمن والتجارة الدولية في المنطقة، وخاصة الخليج (الفارسي) ومضيق هرمز، حيث تمر ناقلات نفط تحمل 18 مليون برميل يوميا.
ربما من السابق لأوانه القول بأن هذه المناورة هي تجسيد لتحالف استراتيجي ثلاثي جديد، ولكنها تظل رسالة مهمة إلى الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية الأخرى التي أعلنت في الشهر الماضي عن تأسيسها تحالفين بحريين من أجل الغرض نفسه، وتضم دول خليجية مثل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.
إيران التي تواجه حصارا أمريكيا خانقا هي المستفيد الأكبر من هذه المناورة لأنها تكسر الحصار الأمريكي المفروض عليها، ولو نفسيا ومعنويا على الأقل، وتؤكد أنها ليست معزولة عن العالم، وتملك أصدقاء استراتيجيين في وزن دولتين عظميين هما الصين وروسيا.
أمريكا لم تعد تحكم العالم لوحدها وتقرر مصيره عسكريا وسياسيا، وأن عصر هيمنتها في هذا الإطار يتآكل وبشكل متسارع، ومنطقة الخليج (الفارسي)، ومضيق هرمز على وجه التحديد، لم تعد حكرا عليها مثلما كان عليه الحال طوال المئة عام الماضية، إن لم يكن أكثر.
ومن المقارفة أن هذه المناورة تتزامن مع إطلاق الصين تجربة صاروخ يحمل اسم “لونغ مارش 5” الذي سيدشن الآفاق المستقبلية لبرنامجها الفضائي، ويمهد لإقامة محطة فضائية لها في المدار بحلول عام 2020ـ وروسيا تعلن دخول صاروخ “أفانغارد” الخارق للصوت الخدمة والقادر على بلوغ أي هدف في العالم والتغلب على أي درع مضاد للصواريخ.
إذا صحت التقارير الغربية التي تقول بأن الصين ستصبح القوة الاقتصادية الأعظم في غضون عشر سنوات، وستتمكن من تطوير نظام مالي عالمي ينهي هيمنة الدولار بالشراكة مع روسيا في غضون خمسة أعوام، وهي تقارير صحيحة، فإن هذا يعني أن إيران، وعلى عكس جيرانها العرب اختارت الحليف الأكثر قوة ووعدا ويمكن الاعتماد عليه مستقبلا.
الغرب بات يتعلم اللغة الصينية ويدرسها في مدارسه وجامعاته، ومعظم علمائنا ما زالوا يتجادلون حول جنس الملائكة وما إذا كانوا ذكورا أم إناثا، ويستوردون كل شيء تقريبا من الخارج، بما في ذلك ملابسهم الداخلية.
العالم يتغير وبشكل متسارع، بينما يحتشد العرب، أو معظمهم، خلف هدف واحد، وهو كيفية تدمير بعضهم البعض، وبأموالهم وتنفيذا لتوجيهات أمريكية، ولا نعتقد أن هذا الوضع سيتغير في السنوات العشر أو العشرين المقبلة، إن لم يكن أكثر.
إيران تصادق الأقوياء لأنها تملك طموحا استراتيجيا وصناعة عسكرية متطورة، وتزداد قوة، أما جيرانها العرب فيصادقون الأقوياء من أجل التحول إلى أتباع ضعفاء أذلاء ويدفعون المليارات من الدولارات ثمنا لهذه التبعية، ولهذا تتطور إيران وتتقدم، بينما يكتفي الآخرون، بالسباب والشتائم، والتفوق على ما عداهم بتأسيس “الجيوش” الإلكترونية لهذا الغرض.
المصدر: رأي اليوم