بسم الله والحمد لله الذي أنار قلوبنا بمودة مطالع نوره المبين سيدنا وحبيبنا المصطفى الأمين محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليه وعليهم أجمعين.
السلام عليكم أيها الأكارم ورحمة الله..
تحية من الله مباركة وطيبة نهديها لكم ونحن نلتقيكم بتوفيق الله في حلقة جديدة من هذا البرنامج، فأهلاً بكم.
أيها الأفاضل، أهل بيت النبي الأكرم هم من عرّف العالمين بصورته الحقيقية – صلى الله عليه وآله – لأنهم أولاً أقرب الخلق إليه وأعرفهم به، ولأنهم ثانياً الذي تجلت فيهم أخلاقه الإلهية الكريمة بأكمل صورها.
وهذا ما نشهده في سيرهم جميعاً – عليهم صلوات الله – وهذا ما نشهده أيضاً في السبط المحمدي الأكبر ريحانة الهادي الإمام الحسن المجتبى – عليه السلام - .
وهذه الحقيقة الوجدانية هي التي يصورها لنا بلغة الشعر الصادق والبديع أخونا الأديب الولائي الكويتي محمد عبدالرضا الحرزي، في قصيدته الغراء التي اخترناها لهذا اللقاء، واخترنا لها عنوان (ريحانة الهادي) تابعونا مشكورين.
قال أديبنا الحرزي حفظه الله..
قاتَلْتُ نَفْسِي في هَواكَ فَلَمْ أدَعْ
لِلنَّفْسِ من لذّاتِها إلا الجَزَع
أخبرتُ مَنْ قالوا بِأَنيَ شاعِرٌ
إنَّ الهَوى لَوْ حَلَّ في الصَّخْرِ انْصَدَع
إنَّ الهَوى لَوْ حَلَّ في بَحْرٍ نَزا
وأنا مَشِيجٌ مِنْ تُرابٍ مُصْطَنَع
ما أَنْطَقَتْنِي في الهَوى لَيْلَى ولا
خَمْرِيَّةُ الوَجَناتِ شِيمَتُها الدَّلَع
لكِنَّهُ رَيْحَانَةُ الهَادِي الذي
أنا كُنْتُ نَثْراً في هَواهُ فاجْتَمَعْ
للهِ وَجْهٌ في الظَّلامِ مُشَعْشِعٌ
والبَدْرُ يَحْلُو في الظَّلامِ إذا طَلَع
جلَّ الإلهُ بِخَلْقِهِ ماذا بَرى
فَكَأَنَّ طه في مَحاسِنِهِ اضطَجَع
نورٌ تَبَلَّجَ كالصَّباحِ و نُطْقُهُ
بِمَزِيجِ طه و الوَصِي إذا انْدَلع
واللَّيْلُ سَرَّحَ في صِفاتِكَ غَيْهَباً
حتى تَلَجْلَجَ في مَديحِكَ وانقَطَع
فَلِذا تَنادى النّاظِرونَ لِحُسنِهِ
جَلَّ الصَّنيعُ وجلَّ ربي ما صَنَع
والعَقْلُ أَنْتَ العَقْلُ لَوْ كان امرِءاً
والعَقْلُ خَيْرُ بَني التُّرابِ إذا ابْتَدَع
والفَضْلُ أَنْتَ الفَضْلُ فيكَ نِهايَةٌ
والعِزُّ بَعْدَكَ أنْفُهُ قِيلَ انجَدَع
أفديكَ مَبْسوطَ اليَدَيْنِ فَماطِرٌ
غَيثُ السَّماءِ وطَبعُهُ عَنْكَ انطَبَع
إنْ قُلْتُ كالبَحْرِ اللُّهامِ فإنَّما
سَبْعَ البِحارِ مِنَ المَكارِمِ قَدْ صَنَع
أو قُلْتُ ذا نُسُكٍ فَهَلْ ترَ مِثلَهُ
مُتَنَسِّكاً في الدَّهْرِ للهِ انقَطَع
قَدْ ذَلَّتِ العَلْيا إلَيْهِ فَاعْتَلى
ومَراتِبُ العَليا بِجُهْدٍ تُنْتَزَع
والفَخْرُ إنْ قِيلَ الفَخارُ فَبَعْدَهُ
المَجْدُ يَسْجدُ و الإباءُ لَهُ رَكَع
قَدْ سابَقَ الإحسانَ في إحسانهِ
والجودُ طِفْلٌ مِنْ أنامِلِهِ ارتَضَع
لا غَرْوَ فيهِ مِنَ الحِسانِ أتَمُّها
فاللهُ قِدْماً في أوائِلِهِ جَمَع
أصْلُ النُّبُوَّةِ و الإمامَةِ أصْلُهُ
والبَذْرُ يَحْكي أصْلَهُ حَيْثُ انزَرَع
هو نَجْلُ قالِعِ بابِ خَيْبَرَ مَنْ دَعا
بِصِفاتِهِ بابُ السَّماءِ لَهُ انقَلَع
وهو ابنُ فاطِمةَ البَتُولِ و رَبُّها
شَرْعَ الوُجُودِ على مَحَبَّتِها شَرَع
ويتابع الأديب المبدع الأخ محمد عبدالرضا الرحزي مديحته الحسنية فيرد الدعايات الأموية ويصور الشجاعة الحسنية ببلاغة قائلاً:
أوَ أرتَعي لِلْقَوْلِ مِنْ حُسّادِهِ
و فَمُ الحَسودِ عَنِ الوِشايَةِ ما امْتَنَع
قَالُوا خَشى خَوْضَ القِتَالِ إِمَامُهُمْ
وبِصُلْحِهِ لِبَني أُمَيَّةَ قَدْ خَنَعْ
أوَ ما رَأَوْا صِفينَ في لَهَواتِها
ونِصالُ سَيْفِكَ في مَناحِرِهِمْ هَزَع
أيُجبِّنوك و أنت في غَمَراتِها
لِلْمَوْتِ أطْلَقْتَ العَنانَ فَما رَجَع
فإذا تَحَطَّمَتِ النِّصالُ و أَوْشَكَتْ
زُمَرُ الكُماةِ على مُسابَقَةِ الفَزَع
وتَراقَصَتْ بَيْنَ الجَماجِمِ في الوَغى
روسُ الذَّوابِلِ و الدِّماءُ لها تَبَع
وانْشَقَّتِ البَطْحاءُ تَبْلَعُ شوسَها
والرُّعْبُ دَعْدَعَ في القُلوبِ فَلَمْ يَدَع
حَيْثُ الصَّباحُ مِنَ العَجاجَةِ مُظْلِمٌ
ودُجى العَجاجِ مِنَ الأسِنَّةِ ما طَلَع
قُوموا إلى الأَجْداثِ جاءَ وَعِيدُكُم
مُذْ أدْرَكوكَ فَكُنْتَ هَوْلَ المُطَّلَع
هذا ابنُ حَيْدَرَةٍ و سِنْخُ محمدٍ
والنَّصْلُ مِنْ نَسْلِ الحُسامِ إذا فَرَع
و الأمْرُ فِيهِ مُسَلَّمٌ و بِحُكْمِهِ
رَفَعَ القَنا لِلْحَرْبِ أو عَنْها وَضَع
في مَهْبِطِ الوَحْيِ المُقَدَّسِ قَدْ نَما
والذِّكْرُ دَوْماً في تِلاوَتِهِ خَشَع
مِنْ مَنْبَعِ التَّنْزِيلِ مَنْهَلُ عِلْمِهِ
وبِجَوْهَرِ الإيمانِ مَنْهَجُهُ نَصَع
وبِمُهْجَةِ الإخْلاصِ يَنْضَحُ قَلْبُهُ
وبِخَشْيَةِ الرَّحمَنِ شِيمَتُهُ الوَرَع
فَلِكُلِّ جُرْحٍ في الفُؤادِ شِفَائُهُ
ولِكُلِّ ضِيقٍ في الحَشاشَةِ مُتَّسَع
ومَدارِكُ الكَلِماتِ فيهِ حِكايَةٌ
كَفُّ الزَّمانِ بِنَسْجِها حاكَ السَّجَع
يا مُهْجَةَ الهادِي فَتِلْكَ قَصائِدِي
مِنْ بَحْرِ جُودِكَ ثَغْرُها لَمّا كَرَع
قالَتْ يُؤَرِّقُني هَواكَ فَلَمْ أَدَعْ
لِلْنَّفْسِ مِنْ لَذّاتِها إلا الهَلَع
صَلى الإلهُ على الزَّكِيِ المُجْتَبى
ما لاحَ نَجْمٌ في السَّماءِ وما لَمَع
جزى الله عن وليه الحسن المجتبى – عليه السلام – الأديب الولائي المبدع الأخ محمد عبدالرضا الحرزي من الكويت خير الجزاء على هذه القصيدة الغراء التي أنشأها في مدح السبط المحمدي الأكبر الإمام الحسن الزكي – عليه السلام -.
وجزاكم الله خيراً على جميل متابعتكم مستمعينا الأطائب لحلقة اليوم من برنامج (مدائح الأنوار) قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
شكراً لكم ودمتم في أمان الله.