بسم الله والحمد لله الذي نوّر قلوبنا وزكى نفوسنا وعطر أرواحنا بمودة واتباع أنواره الساطعة وأبواب رحمته الغامرة ومعادن حكمته الزاخرة الحبيب المصطفى سيدنا محمد الأمين وآله الأطيبين الطاهرين – صلوات الله وتحياته وبركاته عليهم أجمعين.
السلام عليكم أيها الأطائب، طابت أوقاتكم بكل رحمة من الله وبركة وأهلاً بكم في لقاء اليوم من هذا البرنامج.
أيها الأفاضل، تواترت في المصادر المعتبرة عند مختلف الفرق الإسلامية أحاديث شريفة عدة ينهى فيها النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – عن الصلاة البتراء، أي أن يصلى عليه دون أهل بيته – صلى الله عليه وآله -.
وهذه الحقيقة الشرعية تتضمن الإشارة اللطيفة أن المديحة التي يحب الله ورسوله أن يمدح بها سيد المرسلين – صلى الله عليه وآله – هي التي يكون كمالها بمدح آله الطيبين بعد مدحه مثلما أن كمال الصلاة عليه بالصلاة على آله ومثلما أن كمال دينه بولاية أوصيائه المعصومين – صلى الله عليه وعليهم أجمعين -؛ وهذا ما نصت عليه الآيات النازلة في واقعة الغدير المباركة.
والمديحة النبوية التي اخترناها لهذا اللقاء هي من هذا النوع الراقي من المدائح النبوية التي يحبها الله ورسوله – صلى الله عليه وآله – وقد جارى فيها الأديب الولائي الكويتي الأخ جعفر الجعفر قصيدة نهج البردة الشهيرة وأجاد.. نقرأ لكم في هذا اللقاء ما يتسع له وقت البرنامج من أبياتها فتابعونا مشكورين...
قال الأخ جعفر الجعفر بعد مقدمته الغزلية البديعة:
هذا فؤادي و سمعي ذاك بل بصري
و كلُ حسيِّ على ذكراه مجبول
اعني الذي سرُّ هذا الكون في يده
ولا أغالي إذا ظلَّت أقاويل
اعني الذي الشمس و الأقمار غرَّته
وسائرُ النور من ذا النور تذييلُ
هذا هو الأصلُ للأنوار اجمعِها
فالأصلُ طه و نورُ الغيرِ منحول
صلوا على احمدٍ والآل عترته
إن الصلاة لنا عزٌ و تكميلُ
يا من تشعشع نورا عند مولده
فالكونُ من نورِه الآخَّاذ مذهول
فشقَّ أفقَ السما نورٌ لهيبتِه
عمودُ صبحٍ به الأصباحُ مشغول
فاستقبلته حواري العين تحمله
كأنما الدرُّ فوق الكفِّ محمول
قل للقوابلِ لا غسلٌ يراد له
هذا الذي بيد الرحمن مغسول
قوموا انظروا رتلَ القران اجمعَه
من قبل إن يأتِ بالقرانِ جبريل
ذا أولُ الخلقِ بل اصلٌ لجوهرِه
و ذلك الخلق من معناه تأويل
هذا الذي عَِّلةُ الأكوانِ منشأه
و الكلُ من بعده شرحٌ و تحليل
هذا يدُ الرحمن قد مُدَّت لتنقذُنا
من باطلِ الشرك حيثُ الحقُ مجهول
هذا الذي أمَّ كلَ الرسلِ اجمعِهم
ذا يومُ مسراه تمجيدٌ و تهليل
نورٌ تنوَّر قبل القبلِ محتِدَه
حيث الظلامُ على الأرجاءِ مسدول
فأشرق النورُ من أنوارِ غرَّتِه
فالكلُ من نورِه ضاوٍ ومشمول
مالي خيالٌ أرى يرقى لمدحتِه
فمبلغي العجزُ و التكثيرُ تقليل
أنى أوَصِفَه أنى أمَجِده
و الفكرُ مثلي كوصفي فيه مغلول
فالوصفُ عزَّ لعينِ الشمسِ ظاهره
فكيف عن عينِ عينِ الشمس تفصيل
لكن رأيتُ بانْ أمحي شوائِبَنا
فرشحُ ذكراك عند القلب تجميل
فالذكرُ فيك كما القران ترتيلُ
و المدحُ فيك إلى الرحمنِ تهليل
صلوا على أحمدٍ والآل عترته
إن الصلاةَ لنا عزٌ و تفضيل
يا من قصدتُ إليهم لا لغيرِهمُ
فغيرُ قاصدِهم لا شكَّ مخذول
أنتم عداةَ فقيرٍ جاءَ يقصدُكم
فالخيرُ من عندِكم شافٍ و مجزول
هذا اعتقادي اذا ذنبي تجلَّلني
فبحرُ ذنبي بحبِ الآل مغسول
و كيفَ لا وهمُ الألبابُ سادتُنا
و أُمهمْ في سماءِ المجدِ قنديل
كواكبٌ يهتدي الساعي بهديِهمُ
و ينجلي الهمُّ لو بالهمِّ تكبيل
ماءٌ أراكم لكل الخلقِ مصدرُكم
و الخلقُ من مائِكم قطرٌ و تبليل
لاسيما جدُّكم أعني محمدَكم
ذاك الذي فيه كلُ الخيرِ مأمول
و ثاني اثنين قصدي الطهرَ حيدرةً
نفسُ النبيِ فذا بالنفسِ معدول
لولا محمدُ لا خَلقٌ ولا خُلقٌ
لولا عليٌ رسولِ الدينِ مجهول
لا لا أبالغُ لو ما قلتُ أنهمُ
هم توأمُ الدينِ همْ للدين تأويل
يَحارُ كلُ ذوي الألبابِ لو سألوا
مَن منهم فاضلٌ حقا ومفضول
فلطفُ احمدَ تبشيرٌ و موعضةٌ
و سيفُ حيدرَ إنذارٌ و تهويل
سيفٌ مِنَ اللهِ للباغين صَولتُه
تهابُ صَولته الطيرُ الأبابيل
جئنا اليك رسول الله في شغفٍ
وجفننا فيك يا ذا النور مكحول
جئنا اليك رسولَ اللهِ حادِيُنا
شوقٌ عليه منِ الأنوارِ إكليل
زِدني الهي بهِم حُباً و معرفةً
فإنني عنهمُ في الحشْرِ مسؤول
و اجعل فؤادي بحب الآلِ متصلا
قد فازَ قلبٌ بحبِ الالِ موصول
صلوا على احمد في كل بارقة
والآلُ طُراً فهم خيرٌ وتكميل
وفق الله لكل خير أخانا الأديب الولائي جعفر الجعفر من الكويت وجزاه أجمل الجزاء على هذه المديحة النبوية الرائقة التي أنشأها في مدح سيد المرسلين حبيبنا الأحمد محمد – صلى الله عليه وآله - .
وقد قرأنا لكم أيها الأكارم من أبياتها ما اتسع له وقت حلقة اليوم من برنامج (مدائح الأنوار).
إستمعتم لها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، شكراً لكم على كرم المتابعة ودمتم في أمان الله.