بسم الله والحمد لله الذي أنار قلوبنا بمحبة أوليائه الأصفياء وينابيع الجود والعطاء المصطفى محمد سيد الكائنات وآله السادة الهداة عليهم من الله أزكى التحيات وأتم الصلوات.
السلام عليكم مستمعينا الأكارم ورحمة الله، أطيب تحية نهديها لكم شاكرين لكم معها جميل متابعتكم لحلقات هذا البرنامج ومنها حلقة اليوم.
أيها الأفاضل، إن من أوضح شواهد التأييد الإلهي لأهل بيت النبوة المحمدية عليهم السلام هو بقاء ذكرهم الطيب في القلوب وخلود مشاهدهم المشرفة وشموخ صروحها في عواصم أعدائهم، في الوقت الذي لم يبق لأعدائهم قبر يعرف ولا أثر يذكر بخير.
وهذا ما تنطق به معالم بغداد وسائر بلدات العراق وطوس والشام ومصر وغيرها من أقطار العالم الإسلامي، فمشاهدهم المشرفة فيها خالدة شامخة تهوي اليها أفئدة المؤمنين فهي مهابط الملائكة المقربين وينابيع بركات الله للعالمين صارت أوضح مصاديق البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه.
هذا الشاهد الوجداني المحسوس والمشهود في الدلالة على اصطفاء الله تبارك وتعالى لأهل بيت النبوة المحمدية – عليهم السلام – كأبواب لهدايته للعالمين؛ هو محور القصيدة التي اخترناها لهذا اللقاء والتي أنشأها في مدح الإمام الجواد – عليه السلام – عميد المنبر الحسيني العالم الأديب الدكتور الشيخ أحمد الوائلي وقد أبدع في هذه المديحة وأجاد في تصوير مضامينها السامية – رضوان الله عليه -.
يخاطب الشيخ الوائلي التأريخ الإسلامي بلغة وجدانية مؤثرة تستلهم منه الدروس المعطاء وهو يقارن بين سلوكيات أهل بيت النبوة – عليهم السلام – وسلوكيات أعدائهم، قال – رحمه الله -:
حدّث فإنك في الأجيال نشّاء
وقل فمنا إلى ما ضيك أصغاء
مرت بمسرحك الأحقاب عابرة
وعندها صور بيض وسوداء
فعامرات من الإيمان يملأها
وفارغات من الوجدان جوفاء
وعاطرات كأن الورد وشحها
ومنتنات فأقذار وأقذاء
ومائرات من الأخلاق طابعها
وفاجرات من الأجرام عوراء
شتان بين مناحيها فواحدة
هزيلة العقل في التفكير عجفاء
مستامة ترتعي أقصى مطامحها
عود ودن وماخور وهيفاء
ومعشر حلقت بالروح صافية
مما يدنس قدس النفس غبراء
ما أترعت جامها خزيا ولا رتعت
في مرتع وخم عقباه شوهاء
يعاقر الليل كاساً من مدامعه
وتسكر الفجر من نجواه أصداء
وتعبق الأرض طيباً من مساجده
وترتوي من صبيب الدمع حصباء
مراوحا بين كفيه وجبهته
ما مسهن لعظم الشوق أعياء
حتى إذا الصبح أرخى من غلائله
وما زجت سبحات النور أنداء
شعت له من سماء الفكر صافية
بالعلم والحلم والتوجيه أضواء
هيا بنا لربي (الزوراء) نسألها
عن ثلتين هما موتى وأحياء
فقد مشت وبني العباس سامرة
في ألف ليلة حيث العيش سراء
تجبك أن ديار الظلم خاوية
وإن للمتقين الخلد ما شاؤوا
ومل الى (الكرخ) وانظر قبة شمخت
تجاذبتها الثريا فهي شماء
وحي فيها (جواداً) من أنامله
سحابة الفضل والإنعام وكفاء
يا ابن البتول وحسبي من مآثرها
بانها في مجالي المجد (زهراء)
كم رام منك بنو العباس ما عجزوا
عنه وفي فشل من غدرهم باؤوا
جاؤوا (ويحيى) بحشد من مسائلهم
فرحت توسعهم شرحاً لما جاؤوا
حتى إذا وهنو ألقيت مسألة
كل المفوه عنها فهو فأفاء
وعند قطع يمين السارق اختلفوا
فكان منك برغم القوم افتاء
هو الصواب ووحي الله مدركه
وكيف لا وبه جبرائيل غداء
وفي أحاديث طي الأرض مكرمة
لدى أبي الصلت منها ثم أنباء
يا نفحة الروض في ريا شمائله
وطلعة البدر حيث البدر وضاء
وعبقة من أريج المجد أنجبها
(محمد وعلي) فهي أشذاء
وخفقة النور من إشعاع (فاطمة)
تحدرت فهي اشعاع ولألاء
يا ليت كفاً سقتك السم واهتصرت
نامي شبيبتك الفينان أشلاء
تحش منك نياط القلب ناقعة
من السموم ويبري جسمك الداء
ملقى على السطح لم يحضرك من أحد
تصارع الموت لا ظل ولا ماء
حتى قضيت برغم المجد منفردا
لم يكتنفك أحباء وأبناء
جزى الله خيراً الخطيب الحسيني المخلص والأديب الولائي المبدع على مديحته الغراء هذه لمولاه ومولانا تاسع أئمة العترة المحمدية الإمام التقي محمد الجواد – صلوات الله عليه – وجزاكم الله خيراً مستمعينا الأكارم على كرم المتابعة لحلقة اليوم من برنامجكم (مدائح الأنوار) قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران تقبل الله أعمالكم ودمتم بألف خير وألف بركة وفي أمان الله.