بسم الله وله عظيم الحمد والمن والشكر والثناء إذ تفضل علينا بمعرفة ومودة وولاء سيد الأنبياء وآله الأصفياء صلوات الله عليهم أجمعين.
السلام عليكم إخوة الإيمان والولاء…على بركة الله نلتقيكم في حلقة أخرى من برنامجكم هذا، نقرأ لكم فيه المقاطع الختامية من المديحة النبوية البديعة (نهج البردة) التي أنشأها في مدح النبي الأكرم حبيبنا المصطفى – صلى الله عليه وآله- الأديب السوري المبدع ميخائيل بن خليل خير الله وردي وهو من الأدباء النصارى الذين جذبت قلوبهم الكمالات المحمدية ففجرت فطرة حب الخير والجمال فيهم لتعبر عن نفسها في مدائحهم لخاتم الأنبياء- صلى الله عليه وآله-.
مستمعينا الأكارم في المقاطع الختامية من مديحته يشير هذا الأديب المبدع الى خلود المصطفى- صلى الله عليه وآله- فبعد أن يذكر الحضارات المادية وأبرز نماذجها يعمد الى القول:

زالوا وزالت مع الآثار عزّتهم

فإن تجادل سل التاريخ واحتكم

والمصطفى خالدٌ في الناس ما بزغت

أمّ النّجوم وممدوحٌ بكلّ فم

يا أيّها العرب المأثور مجدهم

ما فاز بالمجد شعبٌ شبه مختصم

أيصبح الخير شرّاً من تخاذلنا

ونغتدي نهبة الغربان والرّخم

إنّ الكرامة تأبى أن نذلّ ولم

نهضم حقوق الورى كالهائج الضّرم

فاستجمعوا أمركم فالله وحّدكم

والمكر فرّقكم في حومة الجسم

وشرع أحمد بالقرآن هذّبكم

وجدّ في أمركم بالحبّ والسّلم

يا أيّها المسلمون الفخر فخركم

ونحن إخوانكم في النّطق والعلم

فأيّدوا بالفعال الغرّ دينكم

فقيمة الحبّ عندي أعظم القيم

مالدّين إلاّ هوىً في نفس عاشقه

ومن يبح بالهوى يوم النّوى يلم

سيّان يا قوم من يقضي بلا أملٍ

ومن ينال المنى في عالم العدم

صوفيّةٌ أدركتها النّفس فانصرفت

عن الدّنايا ومن يهو العلى يصم

فاستهد بالرّوح في الأفلاك واهوكما

تهوى الملائك ذكر الله واستقم

وقل لمن أدمت الأهواء مهجته

أما اكتفيت من الدّنيا بحبّهم

رمت فؤادي بسهم الحسن فاتنةٌ

فاعجب لصبٍّ جريح ثابت القدم

ندّت أناشيده نيران لوعته

ففرّجت عن عليلٍ بالجمال رمي

أيها الاخوة والأخوات في الإبيات المتقدمة يشير الأديب السوري ميخائيل خير الله ويردي الى أن الذي يلبي العشق الفطري للكمال والجمال هو حبّ المصطفى وآله – صلى الله عليه وآله- أجمل الخلق في سيمائه وفي صفاته…قال هذا الأديب المبدع في بديعته المحمدية:

إن لم يخلّد فؤادي الحبّ فالتمسي

يا نفس كهفاً ببطن الأرض واعتصمي

علّ المنيّة تنساني كما نسيت

عرائس البحر صيد النّسر في القمم

يا نفحةً من جنان الخلد ساريةً

كالورد يلثم في الاسحار من أمم

إنّي محبٌ ومحبوبٌ ولو زعموا

أنّ المحبّة بالأنساب والرّحم

فالنّاس من آدمٍ بالمصطفى اجتمعوا

وشرعة الحبّ أمّ النّاس فائتمم

يا أجمل الخلق سيماءً وأظرفهم

طبعاً وأوفاهم بالعهد والذّمم

عشقت منك صفاتٍ جلّ مبدعها

كالغيد تفتن لبّ الشّاعر الفهم

يرنو فيمنحنه وحياً يخلّده

وربّ حبٍّ مثيرٍ جاء بالعظم

وربّ نجمٍ منيرٍ يستضيء بكم

فأنتم الشّمس لم تدرك ولم ترم

وحسن شعري بكم من شمسكم قبسٌ

والنّبع ما سال لولا صيّب الديم

فإن أجدت بهذا الطلّ مدحكم

فكلّ معنىً بكم كالهاطل العرم

حيّاك ربّي بآياتٍ مفصّلةٍ

والنّاس أعجز عن إدراك ربّهم

لكنّها صورةٌ بالشّعر أرسمها

لأستجير بها إن بتّ كالحلم

يا هادي الفكر أهداه الإله إلى

عباده منّةً من فضله العمم

إن يمدحوك بأبياتٍ منمقّةٍ

فأنت تفرق قلبي عن قلوبهم

تبارك الله لو شاءت مراحمه

لشعّ نورك بين النّاس كلّهم

إن لم تكن بوكيلٍ فاشفعنّ لنا

بحقّ ترديدنا التوّحيد في الحرم

صلّى الإله على محياك في مهجٍ

نحيا به كحياة النّور في السّدم

صلّى الإله على مثواك ما صدحت

ورقاء أو هيمنت عطريّة النّسم

صلّى الإله على ذكراك ممتدحاً

حتى تؤمّ صلاة البعث بالأمم

كانت هذه مستمعينا الأفاضل، خاتمة المديحة النبوية البديعة (نهج البردة) التي أنشأها في مدح النبي الأعظم الحبيب المصطفى – صلى الله عليه وآله- الأديب النصراني الإستاذ ميخائيل خليل خير الله ويردي، علم الأدب السوري في أواسط القرن الميلادي العشرين.
وبها نختم لقاء اليوم من برنامجكم (مدائح الأنوار) الذي إستمعتم له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران…نشكر لكم حسن المتابعة ودمتم بألف خير.