بسم الله وله المجد والحمد كلمة المعتصمين ونور السموات والأرضين وأزكي الصلاة والتسليم علي مطالع نور هدايته المبين ومعادن رحمته للعالمين المصطفي الأمين وآله الطاهرين.
تحية مباركة وأهلاً بكم في حلقةٍ أخري من برنامج مدائح الأنوار إخترنا لكم فيها أربع مقطوعات من غرر شعر الولاء الصادق، إثنتان منها للعالم الأديب ابي محمد الحسن بن علي بن الزبير الغساني الملقب بالمهذب من أعلام القرن الهجري السادس والذي قال عنه العماد في ترجمته أنه ألف خمسين جزءً في تفسير القرآن، والمتوفي (رحمه الله) سنة ٥٦۱ للهجرة ؛ وهو من أسوان في صعيد مصر.
تليهما مقطوعة رَجَزية ولائية مفعمة بروح الفتوة للأديب الفارس ابي الغارات طلائع بن رزيك الملقب بالملك الصالح المتوفي سنة ٥٥٦ للهجرة ونختم اللقاء بمقطوعة مؤثرة للسّري الرفـّاء ابي الحسن بن أحمد الكندي وهو من أهل الموصل ومن أعلام الأدباء في القرن الهجري الرابع، المتوفي سنة ۳٦٦ رحمة الله عليه.
في مقطوعة بليغة في وصف عبادة أئمة العترة المحمدية (عليهم السلام) يقول العالم المفسر والأديب المبدع المهذب بن الزبير الغساني:
خيرة الله في العباد ومن
يعضدُ ياسين فيهم طاسين
والأولي لا تقرّ منهم جنوبٌ
في الدّياجي ولا تنام عيون
و لهم في القرآن في غسق اﻟﻟﻴلِ
إذا طرب السّفيه حنين
و بكاءٌ ملءُ العيون غزيرٌ
فتكاد الصّخور منه تلين
ونبقي مع العالم الأديب أبو محمد المهذب الغساني، ونقرأ له الأبيات التالية في مدح أمير المؤمنين مولانا علي المرتضي عليه السلام فيها إشارة الي حديث الثقلين حيث يقول في تصوير فني بديع:
وإن أميرالمؤمنين وذكره
قرينان للآي المنزّل في الذّكر
لقول رسول الله تلقون عترتي
معاً وكتاب الله في مورد الحشر
إذا ما إمام الحشر لاح لناظري
فوالعصر إنّ الجاحدين لفي خسر
وما هو إلا البحرً ليس بمنكرٍ
إذا ما تحلّي بالجواهر والدّرّ
علي أنّه لا يقتنيها لحاجةٍ
وشمس الضّحي تُغني عن الأنجم الزُّهر
وقد قابلتها للمِظَلَّة هالةٌ
به أبداً تسمو علي هالة البدر
وما هي إلا بعض سحب يمينه
وما زال منشا السُّحبِ من لُجَّةِ البحر
ونبقي في القرن الهجري السادس، ومع ديوان الأديب العالم والأمير الفارس ابي الغارات طلائع بن رزيك الملقب بالملك الصالح، فنقرأ له هذه الأبيات الولائية المفعمة بروح الشجاعة الإيمانية، قال رحمه الله:
لساني الصارم في نصرهم
يقرع هامات الشياطين
ولاؤهم يلقي صروف الردي
عني إذا ناديتهم دوني
أقسمت لا مال بقلبي الهوي
إلا إلي الغر الميامين
رآني في البيض الوجوه الأُلي
فاقوا الوري الشم العرايين
قلت لمن قد لامني فيهم
لا لوم عندي للمجانين
أنا ابن رزين وليٌ لمن
رتبته رتبة هارون
فهو لسان الصدق ميزان حكم
الله ما بين الموازين
نهج العلي الهادي الذي حبه
سفينة في الحشر تنجيني
من أمره بين الندي والردي
قد كان بين الكاف والنون
حرب لمن جَنَّبَ عن حبه
أرميه عن قوسي ويرميني
ممن تمشوا في ضلالاتهم
لسكرهم مشي الفرازين
و الله من يطفيء أنوار
تظهر في أكمل تكوين
قد أهل الرحمن جل اسمه
لبيتكم خدمة جبرين
في كل حين لكم ناصر
مني لا يفشل في حين
كأنما ذكركم في الوري
أريج أنفاس الرياحين
وكل من قاس بكم غيركم
في الفضل مسكين المساكين
وليكم يا أهل بيت الهدي
في الخلق ذو عز وتمكين
وليكم ينظر من زهرها
أنضر من زهر البساتين
فنحن في فتح ميادينها
ترتع في ملك الميادين
إن حُتم الشعر فقد صيرت
فيكم من المدح دواوين
ونبقي في أجواء تصوير مشاعر الغيرة الإيمانية وتمثلاتها في نصرة أهل بيت النبوة (عليهم السلام)، هذه المقطوعة للأديب الموصلي المبدع ابو الحسن بن أحمد الكندي المشهور بالسرّي الرفّاء، قال (رحمة الله):
أُقارع أعداء النّبي وآله
قراعاً يفلُّ البيض عند قراعه
وأعلم كل العلم أنّ وليهم
سيجزي غداة البعث صاعاً بصاعه
فلا زال من والاهم في علوّه
ولا زال من عاداهم في اتّضاعه
ومَعْتَزِليٌ رام عزل ولايتي
عن الشّرف العالي بهم وارتفاعه
فما طاوعتني النّفس في أنْ أطيعه
ولا آذَنَ القرآن لي في اتّباعه
طبعت علي حب الوصي ولم يكن
لينقل مطبوع الهوي عن طباعه