البث المباشر

الخجل

الثلاثاء 19 نوفمبر 2019 - 09:45 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- من الواقع: الحلقة 90

خبراء البرنامج: الشيخ جعفر عساف الباحث الاسلامي من لبنان والأستاذة وداد الخنساء المرشدة التربوية من لبنان
بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا في كل مكان طابت اوقاتكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نرحب بكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران ونقدم لكم برنامج من الواقع. في حلقة اليوم أيها الأفاضل سنتناول موضوعاً مهماً وحساساً جداً يعاني منه بعض الشباب او بعض الشابات فتكون عواقبه سلبية بطبيعة الحال نظراً لكون هؤلاء الشباب يعيشون قريبين من بعضهم البعض ويشتركون في علاقات اجتماعية مشتركة ومتقاربة فالخجل أيها الأحبة هو أحد تلك المواضيع التي نريد تناولها في حلقة اليوم والتي طالما أثر بشكل كبير على حياة الكثير من الشباب الذين تربطهم علاقات عمل او غيرها فيما بينهم بإستمرار. وحالة الخجل أعزائي حالة من الحالات المرضية التي لها أسباب ولها جذور حيث تعود أحياناً الى خطأ بسيط في سلوك الأب او الأم في تربية الأولاد لذلك ولأجل تسليط الضوء أكثرعلى هذه الحالة وما تسببه من تداعيات اخرى ومشاكل نفسية تنعكس على الشاب او الشابة سنلتقي ضيفين من ضيوف البرنامج وهما فضيلة الشيخ جعفر عساف الباحث الاسلامي من لبنان والأستاذة وداد الخنساء المرشدة التربوية من لبنان فتابعونا.
أعزائي الكرام ميسون فتاة مؤدبة ومهذبة الى أبعد الحدود ترعرعت في كنف أب محافظ للغاية يخاف عليها من نسمة الهواء كما يقولون ذلك لأنها فقدت امها مبكراً ولأنها ايضاً البنت الوحيدة التي خلفتها الأم الراحلة فقد صارت في نظر أبيها العصفور الجميل الذي يجب حمايته ورعايته وتهيئة كل شيء له دون كلل او ملل لذلك شدد الأب كثيراً في تصرفاته وملاحقته لأبنته في أي مكان تذهب اليه ومتابعة علاقاته الاجتماعية سواء مع زميلاتها في المدرسة او بنات عمها او بنات خالاتها ما أثر كثيراً على تصرفات ميسون بالمقابل فلم يكن لها رأي ولم يكن لها قرار واذا أرادت في يوم ما الخروج للتسوق او شراء بعض الحاجيات للبيت يكون لزاماً أن يرافقها الأب في جولتها حتى لو طال الخروج الى المساء واذا ذهب الى بيوت احد الأهل والأقارب يطلب الأب منها وقبل التوجه الى هؤلاء أن لاتتكلم مع اولاد او بنات عمها مثلاً وأن لاتأكل أمامهم شيئاً وأن وأن وأن... حتى غدت ميسون مقيدة كثيراً في تحركاتها وتصرفاتها. حتى عند عودتها من المدرسة أعزائي الكرام غير مسموح أن تعود لوحدها بل عليها أن تنتظر مجئ الأب ليقودها من يدها خوفاً وحرصاً منه كما يظن. سلوك الأب هذا أثر على نفسية ميسون وعلى ثقتها بنفسها فلم تعد فتاة كباقي الفتيات اللواتي لهن الجرأة في الحديث او التصرف ازاء أي موضوع من المواضيع التي تعترض حياتها لذلك وفي احدى المرات وعندما اوشكت ميسون أن تلملم كتبها وحاجياتها إستعداداً للخروج من المدرسة جاءتها زميلتاها سعاد وابتسام وقالت لها: اليوم أنت مدعوة معنا لحضور حفلة زفاف بنت جارتنا أم وسام لذا يجب أن تهيئي نفسك وتجهزي حالك عند الساعة السابعة تماماً. تلعثمت ميسون كثيراً ولم تعرف بماذا تجيب فهي لم تتعود الذهاب الى حفلات تو سهرات من هكذا نوع ولم تتعود على الإدلاء برأيها او أن تقترح شيئاً ما. فرأت أنها عاجزة جداً للإستجابة لطلب زميلتيها اذا اقترحت أن يطلبا هذا الأمر من أبيها بشكل مباشر خوفاً من أن يرفضه إن هي طلبت بنفسها الذهاب الى الحفل وعند عودتها الى البيت برفقة أبيها حاولت أن تقول شيئاً بخصوص الدعوة لكنها تردد كثيراً ولاتجرأ على البوح حتى بكلمة واحدة وحال دخولهما طرقت ابتسام وسعاد الباب وفتح الأب الباب ورد عليهما السلام ولما شرحا له سبب زيارتهما رفض بادئ الأمر إلا أنه تراجع عن قراره ووافق أن تذهب إبنته الى الحفل بشرط أن يرافقها هو وأن ينتظرها حتى إنهاءه.
نعم أيها الكرام ذات يوم دخلت المعلمة الصف وكانت على عجلة من أمرها وحالما جلست ووضعت حاجياتها امامها رفعت عينيها ومن خلف النظارة التي ترتديها قالت: اليوم سيكون مخصصاً لإختبارات شفهية للمواضيع التي درسناها طيلة الشهر الفائت حضرن حالكن أيها البنات فسوف أبدأ بالجانب الأيمن لأجل إجراء الإختبار فأشارت الى أولى الفتيات الجالسات عند الصف الأول ونهضت فعلاً تلك الفتاة وتوجهت الى السبورة لتجيب على أسئلة المعلمة ثم قامت المعلمة بالإشارة الى الطالبة الثانية والثالثة والرابعة وهكذا حتى توالى وقوف الطالبات بين يدي المعلمة الواحدة تلو الأخرى للإجابة عن أسئلة المعلمة ولما جاء دور ميسون وطلبت منها المعلمة النهوض والتوجه اليها تلعثمت كثيراً ولم تعرف كيف تتصرف او كيف تستجيب للمعلمة فحاولت أن تؤجل ذلك ليوم آخر إلا أن المعلمة أصرت على أن تنهض ميسون من مكانها وتستعد للإجابة عن الأسئلة وأمام الطالبات الحاضرات في الصف. وجدت ميسون صعوبة بالغة في ذلك لكن بسبب إصرار المعلمة كانت مجبرة على التوجه للسبورة للإستعداد على الإجابة عن الأسئلة كما كانت تظن وما إن صارت ميسون امام الطالبات بدأت حالة الخجل تنتابها وبدأت تشعر بالحرج الكبير، لم تنتبه المعلمة الى حالة ميسون رغم علمها بأنها فتاة خجولة وخجولة جداً فوجهت المعلمة السؤال الأول لها إلا أن حالة ميسون كانت قد تأزمت أكثر واصبح موقفها محرجاً امام الطالبات فما كان من المعلمة إلا أن إلتفتت وكررت عليها السؤال نفسه لكن ميسون ظلت صامتة لاتبوح بكلمة. رفعت المعلمة نظارتها الطبية وقالت: بنيتي ميسون مابك؟ ألم تحضري الدرس جيداً، أريدك أن تهدأي قليلاً وتفكري بالسؤال الذي وجهته اليك وحاولي الإجابة لأنك فتاة مجتهدة وذكية !!
لم تنفع عبارات الإطراء التي قالتها المعلمة بحق ميسون بأن تشجعها على الإجابة أبداً وهنا أصرت المعلمة بالمقابل أن تجيب ميسون بسرعة وإلا سوف تمنحها درجة من درجات الفشل لأنها عجزت عن الإجابة. رغم كل ذلك بقيت ميسون ساكتة بل بدأت تتعرق خجلاً وتنظر الى الأسفل فلم تجرأ الى النظر الى الأمام بوجه الطالبات زميلاتها ولا الى المعلمة وما زاد من الموقف حرجاً أن بعض الطالبات بدأن بالتهامس والضحك فيما بينهم بسبب عجز ميسون على الإجابة عن السؤال الذي طرحته المعلمة. هذا التصرف فاقم من ازمة ميسون النفسية وجعلها تغضب في داخلها لكنها كالمعتاد لن تكن تجرأ على الرد ولاعلى قول كلمة واحدة حتى للدفاع عن حقها او للدفاع عن شخصيتها ولما أصرت بعض الطالبات على سوء تصرفهن صرخت ميسون بكل قوة بهن ودون ارادة منها وهادت بسرعة الى مكانها وأخذت حقيبتها ثم خرجت من الصف دون إستئذان من المعلمة.
مستمعونا الأفاضل ما زلتم تستمعون لبرنامج من الواقع من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران. نعم أيها الأخوة والأخوات هذه الحالة النفسية التي تعاني منها ميسون وكثير من الفتيات الأخريات التي مررن بذات الظروف والحالات المشابهة تقريباً نراها غالباً ما تؤدي بالشخص الى أن يعتكف عن الحياة العامة فلا علاقات إجتماعية طبيعية ولا اتصالات ولارغبة في التجدد او المواكبة وهذا بطبيعة الحال اعزائي المستمعين قد سبب وعلى وجه الخصوص لميسون أزمة نفسية حادة أجبرتها على الإعتكاف في البيت فلم تعد تخرج من البيت ولم تعد تذهب الى المدرسة رغم محاولات زميلتيها سعاد وابتسام وفي هذا الخصوص كان لنا هذا الاتصال بضيف البرنامج فضيلة الشيخ جعفر عساف الباحث الاسلامي من لبنان لسؤاله عما ينصح به الشرع الاسلامي من ضرورة توفير الأجواء المناسبة للأولاد وتوفير الظروف المساعدة على بناء شخصية قوية تشجعهم وتحثهم على مواصلة الحياة دون تلكأ ودون تعثر وماذا على الآباء والأمهات أن يعملوا به تجاه الأولاد بما يرضي الله سبحانه وتعالى فلنستمع اليه.
عساف: بسم الله الرحمن الرحيم بالنسبة لما طرحتموه في هذه القضية من علاقة الأخت ميسون مع أبيها وطريقة التربية نستطيع أن نقول إن المشكلة بين ميسون وأبيها أن أباها يريد أن ينشأها ويربيها على طريقة التربية الخاصة التي ورثها من الماضي والتي يحاول أن يطبقها على ابنته ميسون لذلك أرشد الأب بأن هذه الطريقة من تربية الأبناء قد نهت عنها الروايات الشريفة عن آل بيت رسول الله صلى الله عليه لذلك نجد حديثاً عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بهذا الخصوص يقول ما مضمونه "لاتقسوا أولادكم على تربيتكم او اخلاقكم او آدابكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم" لذلك نستطيع أن نقول لأب هذه الأخت الكريمة إن الخلاق الاسلامية والتربية الاسلامية منها ماهو ثابت ولايمكن تغييره وتبديله مهما اختلفت الأزمان وتغيرت الأوضاع والأحوال وهناك بعض الأمور التي تركها الاسلام ليتعايش الانسان مع مجتمعه ومع زمانه وحسب الزمن والظرف الذي يعيش فيه مثلاً أنا أقول لأب ميسون أنه لايمانع أن ينشأ ابنته على ترك الكذب مثلاً وتكون صادقة في لسانها وفي تعاملها مع الناس وهذه من الآداب الاسلامية والأخلاق الاسلامية الثابتة، يعلمها على حب الخير والصدق ويعلمها ويؤدبها على الإلتزام بالأحكام الاسلامية الشرعية والالهية وما الى ذلك ولكن هناك بعض الأمور التي يمكن أن تتغير وتتبدل بتغير الظروف والأزمان فنجد أن هناك مشكلة كبيرة في بعض الآباء والأمهات الذين يريدون أن يكونوا طبعة ونسخة في مأكلهم ومشربهم وفي حديثهم وفي علاقاتهم مع الناس وفي طريقة تعاطيهم مع الناس وفي علومهم وفي آدابهم لذلك نقول إن هذه الأمور لايريد الاسلام أن تبقى ثابتة ويتغير الزمن فيها ويتبدل والناس يتكيفون مع هذه التبدلات لذلك من الخطأ أن يمنع الأب ابنته من أن تخرج لوحدها مما أثر على شخصيتها فمن الطبيعي عندما يكون الأب يعيش في زمن كان يمنع فيه خروج الفتيات لوحدهن او يمنع فيه الفتيات من العمل او التعلم فلايمانع أن تخرج المرأة الفتاة لتقوي شخصيتها لتتعلم وتدرس وليكون لها الدور الفعال في المجتمع ولذلك أعتقد الأب الذي يمنع هذه الفتاة من خروجها للعلم او العمل او بعض الأمور والتصرفات عليه أن يلتفت الى حديث امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أن إبنته خلقت في زمن غير زمانه لذلك من الخطأ أن يتعامل مع ابنته بهذه الطريقة. علينا أن نعيش مع أبناءنا في حياتهم التي يعيشون فيها والحمد لله رب العالمين.
ومثلما استمعنا الى ضيف البرنامج فضيلة الشيخ جعفر عساف الباحث الاسلامي من لبنان نتوجه الآن الى الضيفة وداد الخنساء المرشدة التربوية لسؤالها عن التداعيات النفسية والاجتماعية التي قد تنجم عن ردود الفعال للذين يشعرون بالخجل ويشعرون بأنهم مهمشون إن صح القول إجتماعياً وماذا عن مسؤوليات الآباء والأمهات وأولياء الأمور في المدارس وغيرهم فلنستمع معاً.
الخنساء: معظم الآباء يتعلقون بأولادهم وهذا من سنة الله سبحانه وتعالى في خلقه وأحياناً هذا التعلق يكون له جانباً إيجابياً وأحياناً يكون له جانب سلبي. اذا كان الانسان يتصرف بطريقة طبيعية مع اولاده ستكون حياة الأولاد طبيعية وعادية وتمشي بسهولة واحياناً هناك اهل تعلقهم شديد لأولادهم ويتصرفوا بطريقة يمكن تؤدي الى آثار سلبية على الأولاد وهذا الموضوع يتعلق بالست ميسون البنت التي فقدت والدتها ووالدها من شدة تعلقه بها شدد عليها بطريقة غير عادية خوفاً عليها وحرصه الشديد عليها أن تنشأ نشأة جيدة وسليمة ولكن مع الأسف هذا التصرف له آثار جانبية وسلبية على هذه الفتاة لأن كثرة الكبت والضغط على البنت ينشأ عندها الخجل، خجل أكثر من حدوده وهذا الوضع اكيد يؤثر على البنت بطريقة تجعلها لاتدخل المجتمع، شخصيتها ضعيفة، دائماً وفي كل الظروف والأوقات يجب أن يكون هو معها يحافظ عليها ويدربها ولايجعلها تحس بأن لديها شخصية مستقلة ولها كيانها الخاص لكي تعرف كيف تتصرف في المجنمع وحتى لاتغلط أبداً لأن كثرة الخوف تؤدي الى الغلط كما أن الحرية الزائدة في غير مكانها ايضاً لها آثار جانبية وآثار سلبية. بعض الأهل من خوفهم على اولادهم يعني انا من تجربتي مع اولادي كما كنت شديدة المراقبة كذلك كنت لاأجعلهم يعرفوا هذه مراقبة مباشرة يعني كنت أراقبهم بطريقة غير مباشرة يعني طريق معرفة أصدقاءهم، الى اين يذهبوا، أسمح لهم أن يذهبوا بزيارات عند أصدقاءهم في حين اعرف هذا الصديق او الصديقة، كيف يعيش، ضمن أي ظروف، ضمن أي بيئة. نسمح لهم ضمن حدود معينة بالإنطلاق الى المجتمع لأنهم يجب أن يدخلوا المجتمع في المستقبل للعمل وممارسة الحياة الطبيعية فيجب أن يكون هناك إحتكاك لذلك يجب أن نترك لهم الحرية ليتعلموا ولايغلطوا. أنا انصح الأهل بحبهم لأولادهم الذين يعاملونهم بطريقة يشجعونهم بطريقة تكون عندهم الثقة بالنفس فأهم شي عند الفتاة او الشاب أن تكون عنده الثقة بالنفس ويستطيع أن يتخذ قرارات سليمة وقرارات حاسمة في أي وقت في أي تصرف ويتركوا اولادهم يتصرفوا ويحسنوا التصرف لكي لايقعوا في الغلط.
في ختام حلقة اليوم من برنامج من الواقع الذي إستمعتم اليها من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران نشكركم مستمعينا الأفاضل على حسن المتابعة كما نشكر ضيفي البرنامج فضيلة الشيخ جعفر عساف الباحث الاسلامي من لبنان والأستاذة وداد الخنساء المرشدة التربوية من لبنان ايضاً على حسن المشاركة وحتى الملتقى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة