البث المباشر

حديث: الموت هادم اللذات

الإثنين 4 نوفمبر 2019 - 15:10 بتوقيت طهران
حديث: الموت هادم اللذات

إذاعة طهران- نور وبلاغة: الحلقة 179

نص الحديث

حديث النبي محمد صلي الله عليه وآله وسلم: "اكثروا من ذكر هادم اللذات" .

دلالة الحديث

الحديث المتقدم يشير الى الاكثار من ذكر الموت، بسبب واضح هو: ان الموت يتداعى بذهن الانسان الذاكر الى انطفاء الحياة، والاستعداد لليوم الاخر. انه يذكره باليوم الابدي حيث لانهاية له قبالة الدنيا في عمرها القصير، انه يذكره بوظيفته العبادية التي خلق الله الانسان من اجلها. اذن تذكر الموت يتداعى بالذهن الى جملة حقائق بيد ان الحديث الذي ذكره النبي (ص) ينطوي على حقيقة يجدر بنا ان نلقي الاضاءة عليها، حيث تنطوي على عنصر الاستعارة، وهي ان الموت هادم اللذات، بمعنى انه ينطوي على تداعيات خاصة؛ يجدر بنا ملاحظتها في ضوء الاستعارة المذكورة، وهذا مانبدأ به الان.

بلاغة الحديث

لقد استخدم النبي (ص) عنصر الاستعارة المثيرة واللفتة للنظر الا وهي: ان الموت هادم اللذات، بمعنى ان النبي (ص) اشار الى ان الدنيا تحفل بلذائذ جمة، وان الموت يزيل هذه اللذائذ، لانه ببساطة يعني الانتقال عنها الى عالم اخر لا يعرف مدى موقع الشخصية من الاثابة او المعاقبة والمهم الان هو: ملاحظة الاستعارة التي خلعت على (الموت) طابع (الهادم) للذات، اي جعلت اللذائذ عمارة، وجعلت الموت فأسا يهدم هذه العمارة، والسؤال من جديد: ما هي الاسرار البلاغية الكامنة وراء الاستعارة المذكورة؟.
في تصورنا ان هذه الاستعارة من العمق بمكان كبير، كما انها تتسم بطرافة مثيرة. كيف ذلك؟ الجواب: ان الانسان يبني طيلة حياته ما يخيل اليه انه تحقيق للذات، لاشباع حاجاته، مشفوعا بطول العمر دون الالتفات الى الموت، اي: يظل في غفلة عن وظيفته العبادية لكن اذا جعل الموت عنصرا في ذاكرته حينئذ، فان اللذات التي يحياها من مطعم ومشرب ومسكن ومركب الى آخره تتتلاشى عندما يذكر ان الموت لامحالة، وانه عن قريب ينزل الى حضرته التي لا عمارة فيها، وعندها: يحس بان عمارة دنياه قد تهدمت وتحولت الى تراب كتراب القبر الذي ينتظره.
اذن: استعارة (الهدم) تظل اعمق تعبير لزوال اللذائذ، حيث تتلاشى تماما: كما ينهدم البناء وتتلاشى العمارة التي بناها طيلة حياته.
ختاماً: نسأله تعالى ان يجعلنا ذاكرين للموت، موفقين لمارسة الوظيفة العبادية انه سميع مجيب.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة