نص الحديث
قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): الدال علي الخير كفاعله.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم من الاحاديث المألوفة لدي الغالبية من الناس، سواء اكان ذلك من حيث دلالته او من حيث جماليته المتمثلة في التشبيه الواقعي اي: التماثل بين فاعل الخير والدال عليه. ونتحدث في البداية عن الدلالة، فماذا نستلهم؟
ثمة طرفان: احدهما يدلك الي عمل الخير، كأن يذكرك بالاخرة، بممارسة الطاعة، بتجنب المعصية وثمة طرف آخر هو: انت المستمع لهذا القائل.
والسؤال هو: ما هي النتائج المترتبة علي هذا الدال علي فعل الخير، والفاعل للخير كما لو انت مارست الطاعة: فانفقت في سبيل الله مثلاً، او ساعدت أحدآً، او انجزت له عملاً.
الجواب: الحديث المتقدم يقرر بأن الشخصية المنفقة للمال تتماثل في حصولها علي الثواب مع الشخصية التي ارشدت الي الانفاق، اي: ان القائل يتماثل مع العامل: مع ان الاول ارشدك فحسب، بينما الثاني انفق بالفعل.
والسؤال الآن هو: كيف رسم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هذه الظاهرة من حيث الصياغة اللغوية أو البلاغية؟
بلاغة الحديث
لعل الحديث المتقدم - من حيث الوضوح وأداة التشبيه - يظل - كما اشرنا - من اكثر الاحاديث وضوحاً وألفة ولكنه اعمق الاحاديث دلالة وجمالاً. كيف ذلك؟
لقد استخدم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تشبيهاً واضحاً هو: اداة (الكاف) حيث شبه الدال علي الخير بفاعل الخير، لكن قارئ الدعاء قد يسأل عن الدلالة العميقة - مع وضوحها - لهذا التشبيه.
الجواب: لا نحتاج الي كبير عناء حتي ندرك بأن الهدف من العمل العبادي هو: ممارسة الخير، اي: الطاعة التي امرنا بها الله تعالي، فاذا مارس الشخص هذه الطاعة او تلك، يكون بذلك قد مارس ما أمره الله تعالي به، وهذه الممارسة مادامت بسبب توجيهك وارشادك لفاعلها: هو كلامك، حينئذ يكون كلامك هو الفاعل للخير: وبذلك يتشابه القائل بعمل الخير مع الفاعل لعمل الخير بالنحو الذي اوضحناه.