نص الحديث
قالت الزهراء (عليها السلام): القرآن فيه مصابيح النور.
دلالة الحديث
هذه العبارة المقتطعة من احدى خطب الزهراء (عليها السلام)، تتضمن نوراً وبلاغة، اما النور فيتمثل في مضمونه الذي يتسم بما هو واضح، وبما هو طريف، وبما هو عميق. كيف ذلك؟
لقد اوضحت (عليها السلام) بان القرآن الكريم فيه مصابيح النور، والنور هو ـ كما نألف ذلك جميعاً- إضاءة لما هو مظلم من الظواهر او الاشياء، واما الاداة الحاملة للنور فهي: المصباح، وهذا يعني ان القرآن الكريم هو: الوسيلة التي يستنير بها السائر في الطريق، وبذلك يكون القارئ للقرآن ـ مع ضرورة ان يكون واعياً لما يقرأ بطبيعة الحال ـ قد بصر طريقه ووصل الى الهدف.
ولكن السؤال الآن هو: ماذا نستلهم من الحديث المذكور؟ اي: الهدف الذي يصل اليه قارئ القرآن؟ هذا ما يجعلنا ننتقل من نور الحديث المذكور الى بلاغته فما هي بلاغته؟
بلاغة الحديث
قد يتساءل قارئ هذه العبارة الواردة عن الزهراء (عليها السلام) قائلاً: لماذا لا تعبر الزهراء (عليها السلام) عن القرآن بانه (نور) او (مصباح) ولكنها عبرت بعبارة (مصابيح النور) مع ان المصباح هو أداة للنور؟
الجواب: النكتة البلاغية تتمثل في ان المصباح هو: جهاز يجتمع فيه النور، وان لكل شخص ان يستفيد من النور بقدر ما يناسبه ويتجانس مع ما يطمح اليه من المعرفة فمثلاً هناك من يستفيد منه في حقل (العقائد)، وهناك من يستفيد منه في حقل (الاحكام)، وهناك من يستفيد منه في حقل (الاخلاق) وهكذا.
بالاضافة الى انه جامع لكل الافادات المذكورة، مناسب ان تكون لكل افادة مصباح خاص.
اذن ثمة عمق، وثم طرافة، وثمة نكات وراء الصورة الفنية المشار اليها.
يضاف الى ذلك ان هذا الحديث اقتباس او تضمين او ما يسمى في اللغة الادبية المعاصرة (تناص)، اي: الاستخلاص لعبارة قرآنية متكررة مثل قوله تعالى: «اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ».
ومثل قوله تعالى: «اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ...»، حيث اقتبس هذا الرمز (النور) من القرآن الكريم بالنحو الذي اوضحناه.