حضرات المستمعين الكرام السلام عليكم واهلاً بكم في حلقة اخري وجديدة من هذا البرنامج.
اعزاءنا، في الحلقة السابقة تحدثنا بانتشار اللغة الفارسية في اصقاع العالم المختلفة بفضل حملة الفكر الأيراني. وذكرنا ان سلاطين الدولة العثمانية المترامية الأطراف تأثروا باللغة الفارسية وآدابها كثيراً.
ويقول المؤرخ الأمريكي [ ارنولد توينبي]
/ ان السلطان سليم العثماني كان متأثراً بالحضارة الأيرانية وانه حينما فتح نصف قارة اوروبا وفتح مصر نشر معالم الحضارة الأيرانية هناك/ ويواصل توينبي ان مؤسس الدولة الصفوية في ايران الشاه اسماعيل الصفوي والسلطان سليم العثماني كلا هما تربيا في احضان الحضارة الأيرانية.
ويذكر التاريخ ان السلطان سليم كان ينظم الشعر بالفارسية التي كانت رابطة في بلاطه.
وعلي ما يبدو فأن سلاطين آخرين في الدولة العثمانية كانوا مجين لللغة الفارسية وادابها ومن اولئك السلطان با يزيد وتذكر الوثائق التاريخية التاريخية ان السلطان با يزيد كان يكرم الشعراء الأيرانيين والكتاب والمؤرخين.
اما السلطان محمد الفاتح الذي فتح القسطنطنية عاصمة الدولة الرومية وهي الأستانة فيما بعد واسطنبول حالياً فقد كان يحفظ قصائداً للشعراء الأيرانيين واذا كان هذا حال سلاطين ال عثمان فأن شعراءهم كانوا يقلدون الشعراء الأيرانيين.
ولا بد من القول هنا ان الأدب التركي في العصر العثماني نثراً وشعراً اسس له اتراك من اصول ايرانية كانوا يتكلمون الفارسية.
والملفت للنظر ان الأتراك لم يأخذوا من الأدب الفارسي جماله وحسب بل استوحوا كذلك منه افكاره.
ان اول شاعر انشد الشعر بالتركية هو الشاعر بهاء الدين ابن الشاعر العارف جلال الدين المولوي صاحب ديوان المثنوي والمعروف في تاريخ الأدب والعرفان بمولانا.
وعلي نسق المثنوي الف بهاء الدين مجموعة شعرية تتكون من ۱٥٦ بيتاً بالتركية مع ابيات بالفارسية.
لازال برنامج/ مشاهير الفكر الأيراني.. منار للبشرية يأتيكم من اذاعة طهران- صوت الجمهورية الأسلامية في ايران. من بعد فاصل الحديث نواصل.
وفي القرن الخامس عشر الميلادي تأثرت الأداب التركية بالاداب الفارسية وعديد من شعراءها مثل الجامي واميرعلي شير نوائي.
وهناك شعراء اخرون اثروا كثيراً في الأدب التركي المنظوم مثل صائب اصفهاني وكيفما كان فأن شعراء الدولة العثمانية كانوا محيطين باللغة الفارسية ومن اولئك الشاعر عماد الدين نيسمي الذي كان ينظم الشعر بالفارسية والعربية اما ديوانه فكان بالتركية.
وانتشرت اللغة الفارسية وآدابها اضافة الي اسيا الصغري في بلاد ابلقان في شرق اوروبا ومن الجدير ان نذكر هنا ان من اهم الشروح لديوان الشاعر الأيراني شمس الدين حافظ الشيرازي شرح لمحمد سودي من ادباء البوسنة وكان محمد سودي شخصاً فاضلاً يجيد اللغتين العربية والفارسية وقد عمل معلماً في بلاط الدولة العثمانية.
اما الأتراك المغول الذين تسلطوا علي بلاد تركستان الشرقية فكانوا يجيدون اللغة الفارسية ايضاً وفي المستندات التاريخية الخاصة بهؤلاء القوم ما يؤشر علي تأليف كتاب حول تاريخ المغول بالفارسية من قبل الأمير المغولي حيدر ميرزا.
وكان للثقافة الأيرانية رواج في بلاد الأندلس وجنوب اسبانيا التي فقها المسلمون في العصر الأموي.
وتأثرت اسبانيا كثيراً بالثقافة الأيرانية حتي ان مخطوطات لمؤلفات مشاهير الفكر الأيراني منل حمزه الأصفهاني وابونصر الفارابي والشيخ الرئيس ابن سينا كانت تباع باثمان باهضة.
وعلاوة علي هذا فأن المكتبات العامة في طيطلة في اسبانيا كانت تحتضن آلاف الكتب بالفارسية.
اما وصول الأسلام الي بلاد الصين تؤكد الأدلة التاريخية انه وصل الي تلك البلاد علي ايدي الأيرانيين وفي رأي البروفسور شفر فأن اكثر مسلمي الصين ينحدرون من اصول ايرانية.
وهكذا في الأمكان الوصول الي هذه النتيجة وهي ان اللغة الفارسية ومنذ القرن الهجري السادس اصبحت لغة عالمية. لغة العلوم والآداب والمعارف والفنون والأدارة والسياسة والحكم.
وفي المستطاع القول ان مكانة اللغة الفارسية في العالم الأسلامي كمكانة اللغة اللاتينية في العالم المسيحي خلال فترة القرون الوسطي.
حضرات المستمعين الأفاضل في الحلقة القادمة سنفتح باباً للحديث حول مشاهير الفكر الأيراني بشكل منفرد. حيث سنطل علي شخصيات لامعة ولدت في ايران وساهمت في نشر الفكر الأيراني في ارجاء العالم لكن القدر كتب لتلك الشخصيات الفذة ان تدفن في خارج ايران لم يبق لنا الا ان نودعكم علي أمل اللقاء بكم من جديد والسلام خير ختام.