تحية مباركة طيبة نستهل بها حلقة أخري من هذا البرنامج ونحن نسبر المصادر الحديثية المعتبرة سعياً للحصول علي معرفة أفضل وأعمق بمقامات وسيرة ووصايا أعلام الهداية الإلهية محمد وآله الطاهرين صلوات الله أجمعين، فعن منزلة العترة المحمدية في قيام الإسلام قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): إن الله خلق الاسلام فجعل له عرصة وجعل له نوراً وجعل له حصنا وجعل له ناصراً، فأما عرصته فالقرآن، وأما نوره فالحكمة، وأما حصنه فالمعروف، وأما أنصاره فأنا وأهل بيتي وشيعتنا، فأحبوا أهل بيتي وشيعتهم وأنصارهم، فإنه لما أسري بي إلي السماء الدنيا فنسبني إلي أهل الأرض فاستودع الله عزوجل حبي وحب أهل بيتي وشيعتهم في قلوب مؤمني أمتي، فمؤمنوا أمتي يحفظون وديعتي في أهل بيتي إلي يوم القيامة.
وقال الإمام الباقر (عليه السلام) في تفسير الحديث المحمدي المتقدم، قال: إني لأعلم أن هذا الحب الذي تحبونا ليس بشيء صنعتموه، ولكن الله صنعه.
وقال الإمام الصادق (عليه السلام): إن حبنا [أهل البيت] ينزله الله من السماء من خزائن تحت العرش كخزائن الذهب والفضة، ولا ينزله إلا بقدر، ولا يعطيه إلا خير الخلق، وإن له غمامة كغمامة القطر، فإذا أراد الله أن يخص به من أحب من خلقه أذن لتلك الغمامة فتهطلت كما تهطلت السحاب.
ومن تجليات العفو الالهي في الخلق المحمدي ننقل لكم النماذج التالية:
قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): مروءتنا أهل البيت العفو عمن ظلمنا وإعطاء من حرمنا.
وسألت إحدي زوجات النبي عن خلق رسول الله (صلي الله عليه وآله) فقالت: لم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح.
وقال أحد الصحابة: كأني أنظر إلي النبي (صلي الله عليه وآله) يحكي نبيا من الأنبياء، ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.
وقال الإمام الباقر (عليه السلام): إن رسول الله (صلي الله عليه وآله) أتي باليهودية التي سمت الشاة للنبي (صلي الله عليه وآله)، فقال لها: ما حملك علي ما صنعت؟ فقالت:
قلت: إن كان نبياً لم يضره وإن كان ملكاً أرحت الناس منه.
قال الباقر: فعفا رسول الله (صلي الله عليه وآله) عنها.
وعن سمو الإخلاص لله في عبادة مصابيح الهدي ننقل لكم أعزاءنا ما روي عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) أنه قال: إني أكره أن أعبد الله لا غرض لي إلا ثوابه، فأكون كالعبد الطمع المطيع، إن طمع عمل وإلا لم يعمل. وأكره أن أعبده [لا غرض لي] إلا لخوف عقابه، فأكون كالعبد السوء إن لم يخف لم يعمل.
قيل له: فلم تعبده؟
قال: لما هو أهله بأياديه علي وإنعامه.
وفي الفقرة التالية من برنامج مصابيح الهدي نتعرف علي صفات الشيعة الصادقين لمحمد وآله الطاهرين كمقدمة للسعي للتحلي بها قال الإمام علي (عليه السلام): شيعتنا المتباذلون في ولايتنا، المتحابون في مودتنا، المتزاورون في إحياء أمرنا، الذين إن غضبوا لم يظلموا، وإن رضوا لم يسرفوا، بركة علي من جاوروا، سلم لمن خالطوا.
وقال (عليه السلام): شيعتنا هم العارفون بالله، العاملون بأمر الله، أهل الفضائل، والناطقون بالصواب، مأكولهم القوت، وملبسهم الاقتصاد، ومشيهم التواضع.
وقال نوف بن عبد الله البكالي: قال لي علي (عليه السلام): يا نوف، خلقنا من طينة طيبة،و خلق شيعتنا من طينتنا فإذا كان يوم القيامة ألحقوا بنا.
فقلت: صف لي شيعتك يا أمير المؤمنين.
فبكي لذكري شيعته، ثم قال: يا نوف، شيعتي والله الحلماء العلماء بالله ودينه، العاملون بطاعته وأمره، المهتدون بحبه، أنضاء عبادة، أحلاس زهادة، صفر الوجوه من التهجد، عمش العيون من البكاء، ذبل الشفاه من الذكر، خمص البطون من الطوي، تعرف الربانية في وجوههم، والرهبانية في سمتهم.
مصابيح كل ظلمة، وريحان كل قبيح، أنفسهم عفيفة، وحوائجهم خفيفة، أنفسهم منهم في عناء، والناس منهم في راحة، أولئك شيعتي الأطيبون، وإخواني الأكرمون، ألا هاه شوقاً إليهم.