السلام عليكم أيها الأعزاء ورحمة الله، أهلاً بكم في لقاءٍ آخر من هذا البرنامج إخترنا لكم فيه حكايتين من حكايات الناجين ببركة التوجه الي الله جل جلاله.
في كتاب الفرج بعد الشدة روي القاضي التنوخي الحكاية التالية، قال: أن أعرابيا شكا إلي أمير المؤمنين علي رضي الله عنه شكوي لحقته، وضيقا في الحال، وكثرة من العيال، فقال له: عليك بالاستغفار فان الله عز وجل يقول: «اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا» وتلا (عليه السلام) ما بعدها من آيات فمضي الرجل وعاد إليه فقال يا أمير المؤمنين: إني قد استغفرت الله كثيرا ولم أر فرجا مما أنا فيه؟ فقال له: لعلك لا تحسن الاستغفار؟
قال: علمني.
فقال: أخلص نيتك، وأطع ربك وقل: «اللهم إني أستغفرك من كل ذنب قوي عليه بدني بعافيتك، أو نالته قدرتي بفضل نعمتك، أو بسطت إليه يدي بسابغ رزقك، واتكلت فيه عند خوفي منه علي أمانك، ووثقت فيه بحلمك، وعولت فيه علي كريم عفوك. اللهم إني أستغفرك من كل ذنب خنتُ فيه أمانتي، أو بخست فيه نفسي، أو قدمت فيه لذتي، أو آثرت فيه شهوتي، أو سعيت فيه لغيري، أو استغويت إليه من تبعني، أو غلبت فيه بفضل حيلتي، أو أحلت فيه علي مولاي فلم يعاجلني علي فعلي، إذ كنت سبحانك كارها لمعصيتي غير مريدها مني، لكن سبق علمك فيّ باختياري واستعمال مرادي وإيثاري فحلت عني ولم تدخلني فيه جبراً، ولم تحملني عليه قهراً، ولم تظلمني عليه شيئا يا أرحم الراحمين، يا صاحبي في شدتي، يا مؤنسي في وحدتي، يا حافظي في غربتي، يا وليي في نعمتي يا كاشف كربتي، يا مستمع دعوتي، يا راحم عبرتي، يا مقيل عثرتي، يا إلهي بالتحقيق، يا ركني الوثيق، يا رجاي للضيق، يا مولاي الشفيق، يا رب البيت العتيق، أخرجني من حلق المضيق إلي سعة الطريق، بفرج من عندك قريب وثيق، واكشف عني كل شدة وضيق، واكفني ما أطيق، ومالا أطيق، اللهم فرج عني كل هم وغم، وأخرجني من كل حزن وكرب يا فارج الهم، ويا كاشف الغم، ويا منزل القطر، ويا مجيب دعوة المضطر، يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما صل علي محمد خيرتك من خلقك وعلي آله الطيبين الطاهرين، وفرج عني ما ضاق به صدري، وعيل معه صبري، وقلت فيه حيلتي، وضعفت له قوتي، يا كاشف كل ضر وبلية، يا عالم كل سر وخفية يا أرحم الراحمين، وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ. وما توفيقي إلا بالله عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ».
قال الاعرابي: فاستغفرت بذلك مراراً فكشف الله عني الغم والضيق ووسع علي في الرزق وأزال المحنة.
وفي هذه الحكاية هداية جليلة الي لزوم تعلم أدب الدعاء وأخذ نصوصه من أهل بيت النبوة المحمدية، فهم (عليهم السلام) العارفون بالله عزوجل وأسرار التقرب منه، ونبقي معكم في برنامج حكايات وهدايات، فننقل لكم الحكاية التالية عن كتاب الفرج بعد الشدة أيضاً للقاضي التنوخي قال: حدثني علي بن محمد الأنصاري الخطمي، قال: حدثني أبو عبد الله الحسن بن محمد السمري كاتب الديوان بالبصرة قال: كان أبو محمد المهلبي في وزارته قد قبض علي بالبصرة وطالبني فأطال حبسي حتي آيست من الفرج فرأيت ليلة في المنام كأن قائلاً يقول: اطلب من ابن الزاهبوني دفتراً قديماً خلقاً عنده علي ظهره دعاء فادع الله له فإنه عزوجل يفرج عنك.
قال: فكان ابن الزاهبوني صديقا لي من أهل ثناة واسط وهو بالبصرة فلما كان من غد قلت له: عندك دفتر علي ظهره دعاء؟
فقال: نعم.
فقلت: فجئني به، فرأيت علي ظهره مكتوباً: «اللهم أنت أنت انقطع الرجاء إلا منك، وخابت الآمال إلا فيك، صلي علي محمد وعلي آل محمد، ولا تقطع اللهم رجائي ولا رجاء من يرجوك في شرق الأرض وغربها، يا قريباً غير بعيد، يا شاهداً لا يغيب، ويا غالباً غير مغلوب، اجعل لي من أمري فرجاً ومخرجاً وارقني رزقاً واسعاً من حيث لا أحتسب إنك علي كل شيء قدير».
قال: فواصلت الدعاء بذلك فما مضت إلا مدة يسيرة حتي وجه المهلبي إليّ فأخرجني من الحبس وقلدني الاشراف علي أحمد بن محمد الطويل في أعماله بأسافر الأهواز.