أعددنا لكم حكايتين من سير أئمة العترة المحمدية (عليهم السلام) فيهما هداية مشتركة الي آثار حسن الخلق والحلم في هداية الناس الي الدين الحق والحكاية الأولي نقرأها لكم من كتاب منازل الآخرة لآية الله الشيخ عباس القمي، قال (رضوان الله عليه):
روي عن عصام بن المصطلق انه قال: دخلت المدينة فرأيت الحسين بن علي (عليهما السلام) فأعجبني سمته ورواؤه وأثار من الحسد ما كان يخفيه صدري لأبيه من البغض، فقلت له: أنت ابن أبي تراب؟
فقال: نعم. فبالغت في شتمه وشتم أبيه.
فنظر إلي نظرة عاطف رؤوف، ثم قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم، «خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ، وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ، إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ، وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ».
ثم قال لي: خفض عليك، استغفر الله لي ولك، انك لو استعنتنا لأعناك، ولو استرفدتنا لرفدناك، ولو استرشدتنا لرشدناك.
قال عصام: فتوسم مني الندم علي ما فرط مني.
فقال: «لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ»، أمن أهل الشام أنت؟
قلت: نعم.
فقال: (شنشنة أعرفها من أخزم) حيانا الله وإياك، انبسط إلينا في حوائجك، وما يعرض لك تجدني عند أفضل ظنك إن شاء الله تعالي.
قال عصام: فضاقت علي الأرض بما رحبت وودت لو ساخت بي، ثم سللت منه لو اذا وما علي الأرض أحب إلي منه ومن أبيه عليهما الصلاة والسلام.
وهكذا صار حلم مولانا الإمام الحسين ورفقه (عليهم السلام) بهذا الرجل الذي ضللته الدعايات الأموية سبباً لهدايته الي الدين الحق وولاية أولياء الله (عليهم السلام).
نتابع تقديم هذه الحلقة من برنامج حكاية وهداية بنقل حكاية رواها الشيخ المفيد في كتاب الإرشاد وغيره وملخصها أن رجلاً كان بالمدينة يؤذي أبا الحسن موسي الكاظم (عليه السلام)، ويسبه إذا رآه، ويشتم عليا (عليه السلام) فقال بعض حاشيته يوماً: يا بن رسول الله دعنا نقتل هذا الفاجر. فنهاهم الإمام الكاظم (عليه السلام) عن ذلك أشد النهي، وزجرهم، وسأل (عليه السلام) عن الرجل فذكر له انه يزرع بناحية من نواحي المدينة، فركب اليه، فوجده في مزرعة له، فدخل المزرعة بحماره، فصاح به الرجل: لا توطئ زرعنا.
فتوطاه (عليه السلام) بالحمار حتي وصل إليه، ونزل، وجلس عنده وباسطه وضاحكه وقال له: كم غرمت علي زرعك هذا؟
قال: مائة دينار.
قال: فكم ترجو أن تصيب؟
قال: لست أعلم الغيب.
قال له: انما قلت: كم ترجو أن يجيئك فيه؟
قال: أرجو أن يجئ مائتا دينار.
قال: فاخرج له أبو الحسن الكاظم (عليه السلام) صرة فيها ثلاثمائة دينار، وقال: هذا زرعك علي حاله، والله يرزقك فيه ما ترجو.
قال: فقام العمري فقبل رأسه، وسأله أن يصفح عن فارطه.
فتبسم إليه أبو الحسن الكاظم (عليه السلام) وانصرف.
قال: وراح إلي المسجد، فوجد الرجل جالسا، فلما نظر اليه، قال: «اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ».
قال: فوثب أصحابه اليه.
فقالوا له: ما قضيتك قد كنت تقول غير هذا؟!
قال: فقال لهم: قد سمعتم ما قلت الآن.
وجعل يدعو لأبي الحسن (عليه السلام) فخاصموه وخاصمهم، فلما رجع أبو الحسن إلي داره قال لجلسائه الذين سألوه في قتل الرجل: أيما كان خيراً، ما أردتم، أم ما أردت؟! انني أصلحت أمره بالمقدار الذي عرفتم.