بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته طابت أوقاتكم بكل خير ورحمة. على بركة الله وتوفيقه نلتقيكم في حلقة اليوم من هذا البرنامج حيث نقضي دقائق مع طائفة اخرى من النصوص الشريفة التي تنير لنا طريق التخلق العملي بخلق محاسبة النفس وتعيننا على ترسيخه في قلوبنا وفقنا الله وإياكم لذلك. كونوا معنا مشكورين.
أيها الأحبة نبدأ بوصية نبوية غراء تهدينا الى مصداق مهم للتحلي بخلق محاسبة النفس من خلال تعريفنا بمظهر الإلتزام بهذا الخلق قبل القيام بالعمل وليس بعده كما هو المتبادر للأذهان من مفهوم المحاسبة. فقد روي في كتاب الكافي مسنداً عن مولانا الامام جعفر الصادق عليه السلام أنه قال: "إن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وآله فقال له يارسول الله أوصني. فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: فهل أنت مستوصي أي عامل بالوصية إن أنا أوصيتك؟ حتى قال له ذلك ثلاثاً وفي كلها يقول له الرجل: نعم يارسول الله. فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: فإني أوصيك اذا أنت هممت بأمر فتدبر عاقبته فإن يك رشداً فأمضه وإن يك غياً فأنته عنه".
مستمعينا الأفاضل ولايخفى عليكم أن تكرار النبي الأكرم صلى الله عليه وآله على الرجل سؤاله عن جديته في العمل بهذه الوصية يشير في الواقع الى اهمية هذا المصداق من مصاديق محاسبة النفس ولذلك علق الفيض الكاشاني بعد أن نقل الحديث المذكور في كتابه الوافي بقوله: هذه الوصية النبوية من محاسبة النفس بل رأسها.
وفي الواقع فإن العمل بهذا المصداق من محاسبة النفس هو من مصاديق مجاهدتها وحفظها في إطار الشريعة الإلهية والى هذا المعنى يشير مولانا الامام علي عليه السلام بقوله المنقول في كتاب غرر الحكم: "جاهد نفسك وحاسبها محاسبة الشريك شريكه وطالبها بحقوق الله مطالبة الخصم خصمه فإن أسعد الناس من إنتدب لمحاسبة نفسه".
أيها الأخوة والأخوات ويستفاد من النصوص الشريفة أن التخلق بخلق محاسبة النفس قبل العمل وبعده هي وسيلة صلاح النفس ونجاتها. قال مولى الموحدين الوصي المرتضى كما جاء في موارد متفرقة من كتاب غرر الحكم: "ثمرة المحاسبة صلاح النفس، حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، حاسبوا أنفسكم بأعمالها وطالبوها بأداء المفروض عليها والأخذ من دار فناءها لبقاءها".
جزيل الشكر على طيب المتابعة نقدمه اليكم أيها الأطائب في ختام حلقة اخرى من برنامجكم معالي الأخلاق، دمتم بكل خير وبركة وفي امان الله.