بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم مستمعينا الاطائب ورحمة الله وبركاته، طابت اوقاتكم بكل ما تحبون واهلاً بكم ومرحباً في لقاء اليوم من هذا البرنامج، ودقائق معدودات نقضيها معاً في رحاب الانوار الهادية الى أسمى الاخلاق التي يحبها الله عزوجل لعباده، ومنها خلق (التورع عن الشبهات)، ومن مصاديقه اجتناب ما تشبه النفس على الانسان مما لا يرضاه الله عزوجل فتعرضه بصورة شبيهة بالحق لكي تسوغ له ارتكابه، والى هذا المعنى يشير مولانا أمير المؤمنين –عليه السلام- عندما راى الصحابي الشهيد عماربن ياسر وهو يجادل المغيرة بن شعبة، ساعياً لردعه عما لا يرضاه الله عزوجل، فقال –عليه السلام-: "دعه يا عمار، فانه –يعني المغيرة- لم ياخذ من الدين الا ما قاربه من الدنيا، وعلى عمد لبس على نفسه ليجعل الشبهات عاذراً لسقطاته".
ايها الاخوات والاخوة، وعلى ضوء ما تقدم ان التحلي بخلق التورع عن الشبهات هو من وسائل النجاة من كيد الشيطان وحبائله، كما يستفاد ذلك ايضاً مما روي في كتاب (هداية الامة في احكام الائمة) عند الامام الرضا –عليه السلام- انه قال عن بعض الضالين:
"ان هؤلاء القوم سنح لهم شيطان اغترهم بالشبهة، وأرادوا الهدى من تلقاء انفسهم، وكان الفرض عليهم والواجب لهم الوقوف عند التحير ورد ما جهلوه من ذلك الى عالمه ومستنبطه، ان الله يقول "وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ" يعني آل محمد هم الذين يستنبطون القرآن ويعرفون الحلال والحرام".
وعلى ضوء هذا الحديث يتضح ان الاستهداء بالقرآن والعترة سبيل التحلي بخلق الورع عنه الشبهات وبالتالي النجاة من الشيطان وكيده، جاء في كتاب غرر الحكم عن مولى الموحدين الامام علي –عليه السلام- انه قال في وصف القرآن:
"لا تفنى عجائبه ولا تنقضي غرائبه ولا تنجلي الشبهات الا به".
ايها الاطائب، ويستفاد من النصوص الشريفة أن الورع عن الشبهات هو من خصال افضل الرعية، فقد جاء في عهد الامام علي لمالك الاشتر قوله –عليه السلام-:
"اختر للحكم بين الناس افضل رعيتك في نفسك ممن لا تضيق به الامور اوقفهم في الشبهات... واصبرهم على تكشف الامور"
وقال أيضاً في وصاياه لولده الامام الحسن المجتبى –عليهما السلام-:
"يا بني دع القول فيما لا تعرف ... وأمسك عن طريق إذا خفت ضلالته فان الكف عند حيرة الضلال خيرٌ من ركوب الأهوال.. وإبدا قبل ذلك بالاستعانة. بالاهك والرغبة اليه في توفيقك، وترك كل شائبة اولجتك في شبهة او اسلمتك الى ضلالة".
واخيراً نقرأ في كتاب (غرر الحكم) بشارة الوصي المرتضى لمن تحلى بخلق الورع عن الشبهات بقوله –عليه السلام-:
"طوبى لمن لم تعم عليه مشتبهات الامور".
وختاماً تقبلوا ايها الاطائب اطيب الشكر لكم على طيب الاستماع لحلقة اليوم من برنامجكم معالي الاخلاق، الى لقاءنا المقبل باذن الله دمتم في امان الله.