بسم الله الرحمن الرحيم
سلام من الله عليكم مستمعينا الاطائب، طابت اوقاتكم بكل خير واهلاً بكم في هذه الجولة القصيرة في رحاب النصوص النورانية التي تهدينا الى معالي الاخلاق الفاضلة التي يحبها الله تبارك وتعالى لعباده ومنها خلق المبادرة للاستغفار عند السيئة نفرة منها وهو من الاخلاق الدالة على صدق الايمان كما يهدينا لذلك الهادي المختار –صلى الله عليه وآله الاطهار- حيث قال كما روى الشيخ الصدوق في كتاب الامالي عنه –صلى الله عليه وآله- انه قال:
"من سائته سيئته وسرته حسنته فهو مؤمن"
وقال –صلى الله عليه وآله- عن خيار العباد فقال:
"خيار العباد الذين اذا احسنوا استبشروا واذا اساؤا استغفروا"
كما ان التحلي بهذا الخلق من الوسائل الاربع للدخول في نور الله الاعظم وهذه من مراتب المؤمنين العالية؛ فقد روى الشيخ الصدوق في كتاب الخصال والشيخ البرقي في كتاب المحاسن مسنداً عن النبي الاكرم –صلى الله عليه وآله- انه قال:
"اربع من كن فيه كان في نور الله الاعظم: من كانت عصمة امره شهادة ان لا اله الا الله واني رسول الله، ومن اذا اصابته مصيبة قال: ان لله وانا اليه راجعون، ومن اذا اصاب خيراً قال: الحمدلله رب العالمين، ومن اذا اصاب خطيئة قال: استغفر الله واتوب اليه."
مستمعينا الافاضل، وما من بشرى للمتحلين بخلق الندم على السيئة والاستغفار منها أعظم من تلك التي بشر بها الله تبارك وتعالى حيث قال في الآيتين ۱۳٥ و۱۳٦ من سورة آل عمران:
"وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ{۱۳٥} أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ{۱۳٦}"
وقد روي في اصول الكافي عن مولانا الباقر –عليه السلام- انه قال في هذه الآية:
"الاصرار ان يذنب العبد الذنب فلا يستغفر ولا يحدث نفسه بتوبة".
وروي في تفسير مجمع البيان عن النبي الاكرم –صلى الله عليه وآله- انه قال:
"لا صغيرة مع الاصرار ولا كبيرة مع الاستغفار، وما اصر من استغفر وان عاد في اليوم سبعين مرة".
وحقيقة الاستغفار هي –مستمعينا الافاضل- الندم بسبب ذنب، اي ان يكون خلق المؤمن التاذي من السيئة كما تقدم في الحديث النبوي في بداية اللقاء وكما يؤلد ذلك مولانا الصادق –عليه السلام- في الحديث المروي عنه في الكافي انه قال:
"ما من عبد اذنب ذنباً فندم عليه الا غفر الله له قبل ان يستغفر، وما من عبد انعم الله عليه بنعمة فعرف انها من عندالله الا غفر الله له قبل ان يحمده."
ومسك ختام هذا اللقاء ما رواه المحدث محمد بن مسعود العياشي رضوان الله عليه في تفسيره عن امامنا الصادق –عليه السلام- في الحث على التخلق بخلق المبادرة للاستغفار حيث قال:
"رحم الله عبداً لم يرض من نفسه ان يكون ابليس نظيراً له في دينه وفي كتاب الله نجاة من الردى وبصيرة من العمى ودليل الى الهدى وشفاء لما في الصدور فيما امركم الله به من الاستغفار مع التوبة، قال الله " وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ" (سورة آل عمران۱۳٥)"
ثم قال –عليه السلام-: ومن يعمل سوء او يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيما، فهذا ما امر الله به من الاستغفار واشترط معه بالتوبة والاقلاع عما حرّم الله"
شكراً لكم ايها الاطائب على طيب المتابعة لحلقة اليوم من برنامج معالي الاخلاق لكم منا دوماً خالص الدعوات ودمتم بكل خير.