بسم الله الرحمن الرحيم
سلامٌ من الله عليكم أيها الأكارم ورحمة منه وبركات... أطيب تحية نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج نخصصه لطائفة أخرى من النصوص الشريفة التي تعرفنا بمصاديق بر الوالدين والإحسان اليهما.
وهذا من أكرم الأخلاق التي أوصانا بها ربنا الرحيم في العديد من آيات قرآنه المجيد وجعلها وسيلة للفوز بمغفرته ورضوانه، فقال في الآيات الثالثة والعشرين الى الخامسة والعشرين من سورة الإسراء:
"وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً{۲۳} وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً{۲٤} رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُوراً{۲٥}"
مستمعينا الأطائب، ويبين لنا مولانا الإمام جعفر الصادق –عليه السلام- معنى الإحسان بالوالدين ومصاديق في الحديث المروي عنه في كتاب الكافي وقد سئله أحد أصحابه عن قول الله عزوجل "وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً" فقال –عليه السلام-:
"الإحسان أن تحسن صحبتهما وأن لا تكلفهما أن يسألاك شيئاً مما يحتاجان إليه وإن كانا مستغنيين، أليس يقول الله عزوجل: "لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ"."
يعني –عليه السلام- أن يخص الإنسان والديه بأعطائهما مما يحبه من الخير وإن كانا أغنياء، ثم قال الصادق –عليه السلام-:
"وأما قول الله عزوجل "إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا"، {فهو يعني}: إن أضجراك فلا تقل لهما أف، ولا تنهرهما ان ضرباك، "وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً"، قال: إن ضرباك فقل لهما: غفر الله لكما فذلك منك قولٌ كريم، ثم قال: "وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ"، {يعني}: لا تمل عينيك من النظر إليهما الا برحمة ورقة ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما ولا يديك فوق أيديهما ولا تقدم قدامهما".
وروى العلامة الطبرسي في تفسير مجمع البيان عن مولانا الإمام الرضا –عليه السلام- قال في تفسير الآية المتقدمة: "أدنى العقوق (أف)، ولو علم الله شيئاً أيسر منه وأهون منه لنهى عنه".
وفي حديث آخر رواه ثقة الإسلام الكليني في كتاب الكافي يبين لنا مولانا الإمام الصادق –عليه السلام- بمصاديق أخرى للتحلي بخلق بر الوالدين حتى بعد وفاتهما، قال –عليه السلام-:
"ما يمنع الرجل منكم أن يبر والديه حيين أو ميتين: يصلي عنهما ويتصدق عنهما ويحج عنهما ويصوم عنهما، فيكون الذي صنع لهما وله مثل ذلك فيزيده الله عزوجل ببره وصلاته خيراً كثيرا".
كما تأمرنا الأحاديث الشريفة بالتحلي بهذا الخلق الكريم والإحسان للوالدين حتى لو لم يكونا من المؤمنين، فقد روي في الكافي أيضاً عن إمامنا علي الرضا –عليه السلام- أن أحد أصحابه سأله: {هل} أدعو لوالدي إذا كانا لا يعرفان الحق؟ فأجاب –عليه السلام- قائلاً:
"ادع لهما وتصدق عنهما، وإن كانا حيين لا يعرفان الحق فدارهما فإن رسول الله –صلى الله عليه وآله- قال: إن الله بعثني بالرحمة لا بالعقوق".
وبهذا ننهي أيها الأطائب لقاء اليوم من برنامجكم معالي الأخلاق إستمعتم له شكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران وفقكم الله وإيانا لكل ما يحبه ويرضاه ودمتم في رعاية سالمين.