بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم أيها الأحبة ورحمة الله وبركاته أطيب تحية نحييكم بها في مستهل لقاء اليوم من هذا البرنامج نستنير فيه بطائفة من النصوص الشريفة المبينة لبركات أحد أهم الأخلاق الفاضلة التي أوصى الله بها عباده وهو خلق (البر بالوالدين والإحسان لهما).
وقد خصص له عزوجل عدة من آيات كتابه الكريم وقرنه بعبادته مشيراً الى أنه الخلق الكريم الذي أوصى به جميع عباده من الأولين والآخرين، وقدمه على الصلاة والزكاة
قال عزوجل في الآية ۸۳ من سورة البقرة:
"وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ"
كما أن التحلي بهذا الخلق النبيل هو وصية النبي الأكرم –صلى الله عليه وآله- لأمته لأنه من أهم علائم الإيمان، فقد روى ثقة الإسلام الكليني في كتاب الكافي عن مولانا الإمام الصادق –عليه السلام- قال:
"إن رجلاً أتى النبي –صلى الله عليه وآله- فقال: يا رسول الله أوصني، فقال: لاتشرك بالله شيئاً وإن حرقت بالنار وعذبت وقلبك مطمئن بالإيمان، ووالديك فأطعهما وبرهما حيين كانا أو ميتين، وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك فأفعل، فإن ذلك من الإيمان".
وهذه الوصية النبوية مستلهمة أعزاءنا من وصية الله عزوجل المذكورة في الآية ۱٥۱ من سورة الأنعام وهي قوله تعالى:
"قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ"
مستمعينا الأطائب والتحلي بخلق بر الوالدين من أسمى الوسائل التي تبتغى بها مرضاة الله عزوجل، وتقدم حتى على الجهاد الذي هو من أوسع أبواب الجنة فقد روي في الكافي عن إمامنا الصادق –عليه السلام- قال:
"أتى رجلٌ رسول الله –صلى الله عليه وآله- فقال: يا رسول الله، إني راعبٌ في الجهاد نشيط، فقال له النبي –صلى الله عليه وآله-: فجاهد في سبيل الله، فإنك إن تقتل تكن حياً عند الله تزرق، وإن تمت فقد وقع أجرك على الله، وإن رجعت رجعت من الذنوب كما ولدت.
قال الرجل: يا رسول الله، إن لي والدين كبيرين يزعمان أنهما يأنسان بي ويكرهان خروجي؟ فقال رسول الله –صلى الله عليه وآله-: فقر مع والديك، فوالذي نفسي بيده لأنسهما بك يوماً وليلة خيرٌ من جهاد سنة".
وأخيراً فإن التحلي بخلق بر الوالدين من أهو الوسائل للفوز بمحبة رسول الله وإكرامه –صلى الله عليه وآله-، ففي الكافي أيضاً عن عماربن حيان قال:
خبرت أبا عبدالله {الإمام الصادق} عليه السلام ببر إسماعيل ابني بي، فقال –عليه السلام-:
"لقد كنت أحبه وقد إزددت له حباً إن رسول الله صلى الله عليه وآله أتته أخت له من الرضاعة فلما نظر إليها وسر بها وبسط ملحفته لها فأجلسها عليها، ثم أقبل يحدثها ويضحك في وجهها.
ثم قامت فذهبت وجاء أخوها فلم يصنع به ما صنع بها، فقيل له: يا رسول الله، صنعت باخته ما لم تصنع به وهو رجل؟ فقال –صلى الله عليه وآله-: لأنها كانت أبر بوالديها منه".
وفقنا الله وإياكم للمزيد والمزيد من بر الوالدين والاحسان إليهما ببركة موالاة محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين... شكراً لكم أيها الأطائب على جميل المتابعة لحلقة اليوم من برنامج معالي الأخلاق... نسألكم الدعاء وفي أمان الله.