مالا عين رأت، ولا اذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. هذا كله يتحقق بإذن الله تعالى لمن يرتبط قلبه بالحسين سلام الله عليه. والحسين المصباح الالهي المشرق بالهدى، والسفينة المنجية.. منبع السخاء الاسخى والعطاء الذي لا يُحدّ. والتفطنُ الى الاقبال على هذا الخير الفيّاض نعمة كبرى وعطية فوق العطايا.
يقول الامام الصادق (عليه السلام): من سرَّه أن يكون على موائد النور يوم القيامة فليكن من زوّار الحسين بن علي (عليه السلام).
هذه اذن، موائد النور تستضيف في القيامة زوّار سيد الشهداء. وثمة ما هو أعلى. نتعرف عليه من حديث الامام ابي الحسن الرضا صلوات الله عليه، فيما رواه مؤلف "كامل الزيارات" عن محمد بن ابي جرير القميّ، قال: سمعت ابا الحسن الرضا (عليه السلام) يقول لابي: من زار الحسين بن علي (ع) عارفاً بحقه كان من محدثي الله فوق عرشه.
ثم قرأ: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ، فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ
في المقطع الثاني من قصيدته (اللامية) يواصل الشاعر حمادي الكواز تصوير مفاصل من واقعة عاشوراء، بعد أن بدأها في المقطع الاول بالحديث عن وفاء اصحاب سيّد الشهداء (عليه السلام) وعن تفديتهم إياه بالمهج والارواح. هو ذا صوت الكوّاز يتحدرُ حزيناً متأسفاً من القرن الثالث عشر:
وعن ابن فاطم للعدى ـ كرماً ـ
أجسامهم شبح القنا جعلوا
ولآل حرب ثار بَعدَهم
من آل طه الفارس البطلُ
جاءت .. وقائدها العمى، والى
قتل الحسين يسوقها الجهلُ
بجحافل ٍ بالطفِّ أولها
وأخيرها بالشام .. مُتصلُ
ملأوا القفار على ابن فاطمة
جُندا ً، وملءُ صدورهم ذحلُ
واتت تحاوله الهوانَ، وهل
للشهم عن حالاته حِولُ؟
مالوا الى الشرك القديم، وعن
دين النبي لغيّهم عدَلوا
نصروا يزيد، وأحمداً خذلوا
الله .. من نصروا ومن خذلوا!
حتى اغتدى بالترب بينهم
نهب الصوارم وهو منجدلُ
تروى الاسنّة ُ من دماه، وما
لأوام ِ غلة ِ صدره بللُ
أيموت سرُّ الكون بينهم
والكون ليس يحلُّه الاجلُ؟!
وشوامخ العلياء من مضرٍ
أودى بهنَّ الفادح الجللُ
فهوت لهنّ على الثرى هُضبُ
وسمت لهنّ على القنا قللُ
وتستبد بالكواز أحزانه الدامية وهو يستذكر نساء آل محمد المسبيات المكروبات:
والى ابن آكلة الكبود سرَتْ
ببنات فاطم أينق بُزُلُ
اسرى على تلك الجمال، وقد
عزّ الحمى، ودموعها بللُ
وعلى يزيد ضحى بمجلسهِ
قد اوقفتها المعشرُ السُّفُلُ
لا من بني عدنان يلحظها
ندبٌ، ولا من هاشم ٍ بطلُ
إلا فتىً نهبت حشاشته
كفُّ المصاب، وجسمه العللُ
وشفاه رأس المجد ينكتها
بالخيزرانة أكوع رَذِلُ
فاعجب لآخر أمة ٍ.. ركبتْ
في الغيّ مالم تركبِ الاولُ!
هذي فعالهم، وما فعلت
أرجاس عاد ٍ بعض ما فعلوا